حول قصة الشاي القاتل / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو _
قضية الشاي أخطر مما يتصوره الجميع و منتدى الخبراء الموريتانيين في المهجر ليس هيئة سياسية معارضة تبحث عن طريقة لتشويه النظام و لا وسيلة إعلام مرتزقة تعيش على الابتزاز، بل مجموعة راقية من الأساتذة الجامعيين و الخبراء الدوليين ، تبرعوا بوقتهم الغالي و أموالهم المكتسبة بالحلال ، غيرةً على الوطن و اهتماما بمصلحة شعبه المستباح من قبل مجموعة من التجار الجشعين، في بلد تُغيَّب فيه العقوبة و تُبرِّر فيه كل جهة أخطاءها بأخطاء غيرها.
و حين أقول إن قضية الشاي أخطر مما يتصوره الجميع، أعني أن ما ينطبق عليها يسري على كل المواد الغذائية الأخرى و الأدوية و المشروبات و قنبلة مواد التجميل الكيميائية، في حالات أبشع و أكثر و أعم استهلاكا من الشاي في أحيان كثيرة . و يستطيع الكثيرون ممن يهتمون بصحتهم و يصدقون التقارير العلمية الصادرة عن جهات فوق الاتهام، أن يحجموا عن شرب الشاي ، لكن كيف يستغنون عن استعمال مشتقات القمح الفاسد (الخبز ، الكسكس، المكرونة…) و الأرز و السكر و الأدوية و مواد التجميل و العصائر و المشروبات الغازية و الألبان؟ : كل شيء في هذا البلد أصبح إما مزورا أو مغشوشا أو منتهي الصلاحية؛ حتي ألبان و لحوم الحيوانات المحلية الطازجة أصبحت ضارة و بالغة الخطورة بسبب الحقن و الأعلاف التي تعيش عليها ، المغشوشة و منتهية الصلاحية هي الأخري..
لقد أصبحت بلادنا مكبا لنفايات العالم . و ينعكس ذلك بوضوح على صحة مواطنينا و انتشار الأمراض الخطيرة و الأوبئة و طوابير مرضانا أمام مصحات تونس و المغرب و السنغال و لجوء من لا يملكون وسائل العلاج في الخارج ، إلى السحر و الدجل و الرقية الشرعية و الأعشاب و الطب التقليدي ، تشبثا بالحياة كيفما اتفق ، استسلاما لقدرهم المشؤوم.
ما يحدث في هذا البلد مأساة حقيقية على جميع الأصعدة .
و مواجهته ليست مستحيلة و لا حتى صعبة أو مكلفة ، لمن يسعى بجد لإصلاح ما أفاسده الزمن:
أن نتجاوز كل الموجود في السوق اليوم و نفرض من يوم غد أن يكون المصدر معروفا بعنوانه الكامل و بترخيص تجاري من بلده و وثيقة تصدير إلى بلدنا موقعة(لتكون متابعته القانونية متاحة) و يكون المستورد معروفا و يحمل ترخيصا و يتحمل رسوم الفحص على سلامة و صلاحية المواد المستوردة باسمه. و الأهم من هذا و ذاك أن يتم سن قوانين بالغة القسوة (بين القتل و المؤبد و طويل المدة) ، لكل من يحاول تهريب مواد ضارة بالسلامة العامة..
بمثل هذه الإجراءات التي لا تكلف السلطات أكثر من قرار على ورقة ، يتم ضبط الأمور بمهنية و احترام و تتم حماية المجتمع و إعادة الحياة في البلد إلى سكة الاستقرار و الطمأنينة..
– في مصلحة من، أن تظل مجموعة من الانتهازيين الجشعين تعيش على مأساة شعب كامل، لا حول له و لا قوة؟
– كيف نفكر بعقول سليمة في خلق تنمية في بلد تهدر ثروته في العلاج في الخارج بمبالغ خيالية من العملة الصعبة؟
– كيف نخلق توازنا منطقيا بين عجزنا عن توفير عدد كاف من الأطباء إذا كان شلال المرضى بهذا الارتفاع الصاروخي؟
– ما حاجتنا إلى تنمية أو ازدهار إذا كان شعبنا يتعرض لمثل هذه الإبادة الجماعية غامضة الأسباب؟
ما أسهل القضاء على هذه الجريمة النكرى، لمن يكترث لها..
ما أحوجنا إلى من يوقف عصابات التجار عند حدهم و يعتبر موادهم المسرطنة ضمن فيئة أخطر المخدرات ..