ما كان سكوتكم أرحم بصمبا تيام/ سيدي علي بلعمش
ألزمان انفو _
ليس من عادتي مطاردة الجرذان المختبئة في زبالات الغرب النتنة.
كان يسع من رد على مقالي “ألهذا لم يستطع صامبا تيام أن يفهمنا”، أن يوقعه باسمه و كان بوسعه أن يكتب بأريحية أكثر، بلا تكلف تفضح لغته الجميلة ركاكة أسلوبه المرتبك.
لكن لا بأس ، علمتنا الصحراء كل أساليب التخفي و التنكر و التمظهر و الخداع..
لقد هزمنا الطبيعة في هذا البلد و هزمنا المستعمر و هزمنا الجوع و البؤس و هزمنا كل الأنظمة المتغطرسة و لن تهزمنا ثلة من حمالة سوق السياسة السوداء..
و إذا كان جور الأنظمة في هذا البلد قد شاغلنا كثيرا عن مواجهة أطماع عصابات الارتزاق المتاجرة بكل شيء ، فها قد عدنا إلى واجهة هذا الصراع المكذوب لوضع الحروف على النطاق .. ها قد عدنا لنقول لكل من يسند ظهره في عدالة الغرب المسؤولة عن كل مآسي البشرية و مظالمها، إن سذاجة أمثالهم هي ما تمد أكاذيب الغرب بالقدرة على الاستمرار :
من هنا وحده يكبر كل صوت وطني صغير ..
من هناك وحده يكبر كل صوت عبثي صغير مثل آبو حاميدو سي، الموقع على تعليق نافر، لخلط أوراق نكسة مأزومة..
كانَ آبو حاميدو سي صغيرا في مواجهته مع د/ أعلي ولد اصنيبه، حين لجأ إلى السب و التنقيص ، بعد أن أسكته بالأدلة التاريخية المفحمة، بأسلوب متحضر ، لم يكن أهلا لتقبله و لم يكن يستحقه. و لا أنتظر هنا أن يرضى عن ردي على سؤال قد يخمن موقفي منه، لكنه يجهل حتما ماذا يمكن أن يحمل في طياته..
كان مقالكم تافها في نعوته الحاقدة لشعب يملك كل أسباب تجاهلكم في الحق و الباطل؛ فمن تكونوا لحمل لواء مثل هذه الندية؟
كان ردكم سخيفا في تهور أصحابه و تعرضهم الطفولي، بشحنة حقد تتخبط في البذاءات ، هي ردكم الجاهز على أي موضوع في التاريخ، في الجغرافيا، في السياسة ، في علم الحشرات ، في حالة الطقس…
يقول اتشي غافارا، “رغم خوفي من أن أبدو مثارا للسخرية، دعني أقول إن الثوري الحقيقي يهتدي بمشاعر حب عظيمة”.
حاولوا أن تتخلصوا من هذا البركان الهائج من الحقد و الكراهية لتكونوا على أدنى حد من أخلاق البشرية .. تعلموا أن الحقد طبق يؤكل باردا كما يقول الانجليز ، كي لا تحترقوا بنار حقدكم ..
من أنتم لتتطاولوا على أعظم رجل في التاريخ المعاصر ، أذهل العالم أجمع بشجاعته و ذكائه و سمو نفسه مثل الشهيد صدام حسين؟
حتى ألد أعداء صدام لم يستطيعوا نكران غيرتهم من تماسكه و تجلده و شجاعته و قوة إيمانه الخارقة بشرف قضيته ..
أما كان أرحم بكم أنتم أن تدخلوا جحوركم عند ذكر اسمه ، بدل القفز على قمة من لن تساووا شسع نعله لو عشتم ألف عام من التسكع بين مقاهي أحياء الدياسبورا المنفية أكثر في منافيها ..!؟
ما أوسع الدنيا حين يوصف الزعيم الشهيد صدام حسين (و لستُ بعثيا لسوء الحظ) ، بما فاضت به عباراتكم الركيكة ، الممجدة في وجهها الأقبح لطرطور من ورق المحارم تأبى المفردات الانتحار على سخافات نعوتكم الململمة لشتات ارتدادات تفاهاته ..
كن آبو حاميدو سي كما صرت صامبا تيام ..
كن صامبا تيام كما كنت آبو حاميدو سي ،
فمن تكون غير أي منهما و ما الفرق أن لا تكونه؟
كن ضمير جمع .. كن جمع ضمير .. كن ضمير أمة .. كن أمة ضمير تتعاورها الأوهام و المشاريع المستوردة، المولودة في قبضة المستحيل. . كن تلك الصورة المحنطة في الإعلام الغربي العنصري ، للإفريقي المتخلف، المجاور للقرد ، المدمر للطبيعة، العالة على الإنسانية.
تبرعوا لهم بكل ما يثبت دونية أصولكم و عقولكم و طموحكم لتظلوا أبطال ملحمة أبشع مأساة في تاريخ البشرية..
كم كنت سأكون سعيدا لو أتاني ردكم بالبولارية ، بالولفية ، بالسونينكية لنفهم أن خطابكم أنتم كان موجها إلينا .. لتفهموا أنتم لماذا لا يهمنا الآن أن لا تشعروا بأن خطاب وادان كان موجها إليكم ..
أنتم ضحية نعم، لكنكم ضحية ترنحكم بين منحدرات الارتزاق القاتلة..
و ربما كان آمادو صار ضحية كما تقولون..
ربما كان توماس ديالو ضحية كما تخصصون..!
كل اللوائح التي تعيشون على سمسرة مأساتها ، كان أصحابها ضحايا بكل تأكيد، لكنهم ضحايا عنصرية صامبا تيام و سمسرة أمثالكم قبل أن يكونوا ضحايا ردة فعل لم يكن منها بد ، هي كانت حتما ما ينتظرهم لو كانوا في السويد أو بريطانيا و هي قضية كانت حتما ستأخذ منحى التجريم بالقرابة و الانتماء و اللون لو لم يكونوا محظوظين بأنهم كانوا حصريا في موريتانيا التسامح و المحبة.. موريتانيا المسلمة الطيبة.. موريتانيا الإيخاء و التراحم…
لقد نسي صامبا تيام حين قال إن خطاب وادان لا يخاطبهم و نسيتُم أنتم بتكرارها، في دفاعكم المستميت عنه ، أن خطاب وادان كان موجها للشعب الموريتاني و لا إكراه في الوطنية ؛ فكونوا من تشاؤون لتكتشفوا من سيبكيكم..
كونوا من تشاؤون لتكتشفوا بكم سينقص وزن أي ذبابة في موريتانيا..
كونوا من تشاؤون ، لكن لا تكونوها بيننا ؛ فلا تكشفوا أوراقا ستحتاجون حتما نكرانها إذا أردتم العيش يوما في هذا الوطن المسالم بسلام..
واصلوا رحلة تسكعكم غجرية التيه و التمني ، من أقصى السودان إلى أقصى السنغال و تذكروا أن موريتانيا لن تكون يوما أرض الميعاد..
أصحاب انقلاب 16 مارس (أحمد سالم ، كادير، أنيانغ، رحمهم الله) كانوا أشجع و أنبل و أعدل أسباب من عصابة قوميتكم العنصرية ، فلماذا تستثنوهم من رحمة مطالبكم ، لو لم تكونوا سماسرة قضية لا أصحابها؟
ما عاناه القوميون العرب من قتل وتعذيب و تنكيل و حرمان ، دفاعا عن الحرية والعدالة و المساواة، و حقوق الإنسان، من دون أي تمييز على أساس لون أو عرق و قبل أن تكونوا جميعا ، كان يحتاج لفتة اعتراف منكم، لو لم تكونوا عصابة حرابة مردت على التآمر و الابتزاز ، هي أكثر من يكفر بما تحمل من لافتات معدة على مقاس الارتزاق.
ما زالت الأرض تتسع لطوابق أعلى فاركبوا كذبة أخرى و تقفوا آثار نزار قباني و قولوا إنكم بتم في ضيافة الاخشيدي، حين تصبحوا في ملاعب المتنبي ..
من الواضح أن عقولكم لا تتسع لغير السخافات حين تلغوا أكثر من ألف عام من التميز و الانتصارات و الهزائم ، بكلمة مكسرة اللغة و النحو ل”صحفي” رياضي سعودي، لا يفرق مثلكم ، بين هدف في ملعب شعبي و هدف بحجم احتلال أعتى القلاع الأوروبية ؛ فاسألوه أنتم من أنتم .. اسألوه أنتم من هو ، لعلكم حينها تكتشفون أن كلاكما كان يحتاج سخافة الآخر للترويج لعظمة الغباء..
تتحدثون بما يثير الشفقة، عن أراضي الضفة، كأن قبور شهدائكم ترسم حدودها ؛ أسوأ الناس حظا من يبحث عن مجد ضائع كمن يبكيه، على أرض “الخالفة السوداء” في الترارزة و إمارة البراكنة؛ فمن أين يمكن أن تعبروها تسللا و إلى أين؟
لقد تحاشيتُ دائما أن أكتب عن مثل هذه المواضيع، لأنني أرفض أن أكون تقدميا زائفا، يبحث عن قبول أوسع بمجاملة الجميع و تَهَيُّبِ نكء جراح الحقيقة المرة .
لا توجد أي عنصرية في هذا البلد و إنما هناك عقدة نقص، على أصحابها أن يساعدوا في معالجتها و لو بمجرد الاعتراف..
ليس في هذا البلد غبن و لا تهميش و لا شعور باختلاف أي آخر و إنما هناك سمسرة متطورة الأساليب يتكلم أصحابها باسم جمهور لا يعرفهم و لا يعرفونه ، دأبت على ابتزاز أنظمة ضعيفة ، ناقصة الشرعية مثلهم، ظل عناقهما جريمة تدار تحت طاولة تحرسها سفارات الاستعمار..
و يخطئ اليوم من يخاف أن يخسر صامبا تيام أو بيرام إذا كان مستعدا للدفع. و يخطئ أكثر من يعتقد أنه يستطيع كسب ودهما بأي معجزة من دون تسديد فاتورة كهرباء بعداد محكم النظام ، يتوقف عن الدوران نهاية كل دورة صمت..
ها أنا أرد عليكم اليوم كما تمنيت يا حاميدو سي، ففيمَ يخدمك أن تسمع ما يتحاشاه الكثيرون من حقائق ، لا أجد عكسهم، من حقي مراضاة أي جهة بالتصرف فيها؟
ها أنا أرد عليكم بما تستحقون، لأفهمكم أن التاريخ سيظل يلدغكم ما دمتم تمسكونه من ذيله..
ها أنا أرد عليكم لتفهموا أن الزمن في هذا البلد قد أخذ منعرجا آخر ، لن تستطيع أي جهة أن تحملنا فيه تأخرها عن موعد انطلاق قافلة التحول المنشود.
ها أنا أرد عليكم لأودعكم بدموع غادة السمان “و أنا في الوطن ، كنت أبكي شوقا للرحيل إلى المنفى و ها أنا اليوم أبكي لأنني حققت أحلامي”.
لن أتفاجأ إذا اكتشفت أنكم لم تدخلوا قط فضاء الأسلوب الثالث و لن “أتفاجع” إذا واصلتم الهجوم على شخصي بدل الرد على ما كتبت، لأن تلك أساليب أمثالكم بالضبط.