حين تصبح العقوبة أكبر هدية / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو _
كان مجال العقارات من أهم مصادر الثراء السريع في عشرية الشؤم . و لم يكن يحتاج شهادات و لا خبرات و لا سجلات تجارية ، تماما كما لو كان مصمما على مقاسات من يستبيحون البلد بنهم . فكان من الطبيعي أن يتحول إلى أهم مجالات الفساد ، فتم اختيار أفسد المفسدين لتسييره القطاعات المعنية و تحولت في وقت قياسي إلى بازار لا تحكمها أي قوانين و لا معايير سوى استباحة المتحكمين للجميع و خضوع الإدارة لرغباتهم ، فكان الصحراوي و الشيخ الرضا و المطار القديم و المدارس القديمة و مقرات الجيش و مدرسة الشرطة و بلوكات و صكوك و المطار الجديد و هلم جرا و نهبا و تجاوزا لكل حدود المنطق و المعقول..
لم تبق في العاصمة أي ساحة عامة و لا شارع عام إلا تم الاعتداء عليه بشكل أو بآخر .
أصبحت مهمة الإدارات المعنية (المالية و الإسكان و لادي) ، استبدال الخرائط و ازدواجية شهادات المنح و خلق مناخ مجنون، استجابة لرغبات عصابات النهب ، لتتحول وظيفة هذه الإدارات الحامية للمفسدين و المحمية من قبلهم، إلى زرع الفوضى في غابة يأكل فيه القوي الضعيف ..
إن أكبر هدية يمكن تقديمها اليوم لهؤلاء هي إقالاتهم من دون محاكمات بعدما نهبوا كل شيء و أفسدوا الإدارة و أفسدوا العاصمة و أفسدوا المال العام و أفسدوا الناس، لتصبح طبقة من اللصوص الجهلة المخربين هي من تدير المال و الأعمال في البلد و تصبح عاداتهم القذرة(النصب و الاحتيال و الغش و التزوير و المكر و الكذب و شبيكو و القمار و الشعوذة…) ، هي السائدة في بلد ، تُغيَّبُ فيه العقوبة و تتفاخر “نخبه” بالشطارة و المهارات الاحتيالية..
لقد هرمنا من أجل لحظة معاقبة هذه العصابات التي عاثت فسادا في هذا البلد . و أكبر خيبة أمل اليوم هي أن نراهم يخرجون من الإدارة بغنائم إجرامهم من دون أي محاسبة، معتقدين أننا نعاقبهم بينما نقدم لهم في الحقيقة، هدية لم يكن أي منهم يحلم بها..