ولد الكتاب: اعل ولد محمد فال همه جمع الفلوس فقط (مقابلة)
حاوره من نواكشوط: نورالدين لشهب/ هسبريس
اعتبر المفكر الموريتاني محمد الأمين ولد الكتاب أن العلاقات المغربية قديمة ووطيدة وتاريخية، بل أكثر من ذلك تتجاوز إلى ما هو اجتماعي ونفسي، ودعا ولد الكتاب في حوار خص به هسبريس من العاصمة الموريتانية نواكشوط، إلى “رسملة” هذه العلاقات حتى يستفيد منها الجميع، مشيرا إلى الاعتماد على المثقف “من أجل إعداد تصور ووضع مقاربة لتقوية هذه العلاقات على أسس علمية وفكرية وبحثية فنية”.
كما عرج الحوار على الآثار السلبية للحرب على مالي على المجتمع الموريتاني، وكذا ظهور تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، والذي اعتبره ولد الكتاب “أداة لبعض دول الجوار” لاستهداف وحدة وتماسك المجتمع الموريتاني، وأيضا عن المقاربات الثقافية لمقاومة التطرف والتشيع والتنصير الذي بدأت بوادره تظهر في الشارع الموريتاني الأمر الذي قد يهدد تمساك المجتمع في بلاد شنكيط.
حوار هسبريس مع ولد الكتاب وهو سفير سابق ورئيس جامعة نواكشوط سابقا، لم يغفل الحديث عن الشأن الداخلي الموريتاني وكذا الانتخابات الجماعية والبرلمانية المقبلة وموقع أحزاب المعارضة في المشهد السياسي الحالي وكذا موقف الحراك الشبابي المتمثل في حركة 25 فبراير، وهي النسخة الموريتانية من الربيع العربي، مما يجري حاليا في موريتانيا، وأشياء أخرى تكتشفونها في هذا الحوار..
رأيك في العلاقات الموريتانية المغربية؟
العلاقات المغربية الموريتانية هي علاقات عتيقة وعريقة ولها امتدادها في التاريخ، يعني حتى إذا بدأنا بمحمد العالم بن خناثة في المغرب، كان هناك رفيق له في شنكيط وهو عالم كبير، وكانا يكتبان معا، وقال عبد الله كنون أنهما هما اللذان كانا من وراء النهضة الأدبية بالمغرب العربي. وكانا صديقين حميمين وكتبا معا الشعر والأدب وقال عبد الله كنون في كتابه عن “الأدب المغربي” بأنهما من رواد النهضة الأدبية المغربية، وهذا فقط جانب، أما الجانب الثاني فإن المدارس الفقهية التي كانت موجودة في المغرب هي نفسها الموجودة في موريتانيا، وابن عاشر المغربي هو الأساس الديني عند الموريتانيين…
ووحدة المذهب أيضا..
نعم وحدة المذهب، وحتى الأجرومية في النحو، معناه أن المشارب والروافد العلمية والفكرية هي واحدة، ونفس القبائل الموجودة في موريتانيا موجودة في المغرب كذلك، أضيف أيضا أن عبد الله بن ياسين جاءنا من المغرب، يوسف بن تاشفين ذهب إلى المغرب من موريتانيا، يعني أن التواصل كان قديما ولا يزال متواصلا، كما أن العادات والتقاليد هي مشتركة من حيث كرم الضيافة، ويتمثل هذا في استقبال الضيف، ونمط الحياة، والاطمئنان النفسي الذي يجده المغاربة بجانب الموريتانيين والعكس صحيح.
العلاقات بين المغرب وموريتانيا ليست وليدة اللحظة بل هي علاقات قديمة جدا، وفي العصر الحديث نجد أن عدد الطلاب الذين تم تكوينهم في المغرب في كل الاختصاصات لا يضاهيه عد في أي بلد ثان، وتلقائيا فإن الطلاب الموريتانيين عندما يفكرون في الذهاب للبحث في الدراسة يفكرون في المغرب، قد تجد أحدهم جاء من البادية وقرأ القرآن وبعض الأصول والمتون وليس له تفكير منظم ومرتب يذهب للمغرب ويلجأ إلى ثانوية وينتقل إلى الجامعة ويتخرج جامعيا ومثقفا، هذا يحدث على كل صعيد، وهذه النوع من العلاقات يوجد بين المغرب وموريتانيا ولا يقارن مع أي بلد آخر، فالعلاقات بين موريتانيا والمغرب هي علاقات استراتيجية، تصور أنني كنت أقول أننا نمتلك خمس طائرات كانت تذهب إلى المغرب يوميا ومع ذلك فتجد طائرة واحدة تذهب إلى تونس والجزائر ويسافر على متنها خمسة أفراد..
لاحظت أن الطائرة التي قدمت فيها من المغرب إلى موريتانيا كانت مملوءة عن آخرها..
ودائما تكون مملوءة وبشكل يومي، وكنت أقول أنه في زمن الأزمة التي أحدثها ولد هيدالة مع المغرب كان الطلاب يذهبون بانتظام إلى المغرب، وكانت الطائرات المغربية والعلاقات الدبلوماسية تأتي كل نهاية سنة حاملة لمئات الطلاب الموريتانيين بالرغم من الحديث المتكرر عن العلاقات في صعودها وهبوطها ومع ذلك هذا لم يكن يطرح مشكلا، القضية أن التواشج نفسي ولا أحد يستطيع أن يحد منه أو أن يمنعه بالرغم من أن بعض الإرادات السيئة التي تنتقص وتريد أن تحد من هذه العلاقات ومع ذلك لم يستطع أحد أن يحد منها.
ولكن السؤال المطروح، هل نحن نرسمل ( من الرأسمال) هذه العلاقات، هل نحن نستفيد منها؟ هل نحن في مستواها؟ هل السياسات المتبعة ستثمرها من أجل الدفع بالمغرب وموريتانيا من أجل عمل مشترك يعود علينا بالفائدة المتبادلة؟ هذا سؤال يبقى مطروحا، ولكن أنا شخصيا أميل إلى الجواب بـ: لا. لم تكن هناك كفاءة في مستوى إدراك أهمية العلاقات الاستراتيجية التي ينبغي أن تقوم بين المغرب وموريتانيا، ولم يكن هناك إدراك حقيقة. لماذا؟ أنا أعتقد أن سلطة المثقف والمفكر غائبة ولم يتم استشارته في الموضوع ولم يتم الاعتماد عليهم من أجل إعداد تصور ووضع مقاربة لتقوية هذه العلاقات على أسس علمية وفكرية وبحثية فنية، هذا لم يقع ولم يحصل إلى حدود وقتنا هذا..
ننتقل معك دكتور إلى قضية ما يسمى بالإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي، ولاحظت أن أثر الحرب في مالي على موريتانيا كان سلبيا إلى حد ما، لاحظت مجموعة من السكان من مالي نزحوا إلى موريتانيا، أضف إلى هذا أنه من حيث اللباس نلفي هجوم القميص الأفغاني أو الباكستاني ومزاحمته للدراعة والزي الموريتاني، هل يعني هذا أن اللباس من حيث رمزيته يدل على بوادر بروز حركات متطرفة في موريتانيا؟
إن العلاقات بين الشعبين المالي والموريتاني هي أيضا علاقات عريقة بالنظر إلى التداخل الجغرافي والتواصل البشري، والعلاقات الاقتصادية كانت دائما قائمة بين موريتانيا ومالي، أضف إلى ذلك أن القبائل العربية الموجودة في مالي لها امتدادات في موريتانيا، يعني أن الكثير من القبائل مثل أزواد لها امتدادات في موريتانيا، علاقات دم ورحم بين القبائل الموجودة هنا وهناك، فعندما تم الاعتداء على هذه القبائل شعرت امتدادها في موريتانيا بهذا الاعتداء، وعندما تم ممارسة العنف ضدهم شعروا به وهبوا إلى إخوانهم هنا والذين شعروا بنفس الاعتداء، وقعت هناك اعتداءات عنصرية، ولنسم الأسماء بمسمياتها، هي عنصرية ضد العرب وضد الطوارق، والطوارق لعلمك أستاذ هم الموريتانيون قبل التعريب.. الموريتانيون كانوا صنهاجيين قبل التعريب..!
نعم كانوا صنهاجيين يتكلمون الأمازيغية قبل التعريب ولما جاء العرب تعربوا واختلط العرب بالآخرين وصارت اللغة الحسانية هي اللغة السائدة بداية من القرن السابع عشر.
وفي الحقية فإن هذه الأزمة خطيرة على موريتانيا لأنها أدت إلى لجوء العديد من اللاجئين العرب والطوارق إلى موريتانيا، ومن بين هؤلاء اللاجئين هناك إرهابيون متلفعون ومندسون بين هؤلاء، وهم مسخرون سياسيا من بعض البلدان المجاورة التي لا داعي لذكرها، وتشكل خطرا على أمن موريتانيا، وكذلك التناحر القائم بين الحركات الإرهابية التي تنتمي إلى مشارب مختلفة ووراءها دول مختلفة عندما تنزح إلى موريتانيا تنقل معها صراعاتها إلى الساحة الموريتانية وقد يتم هناك صدام وتصبح الساحة الموريتانية حلبة للصراع بين هذه المنظمات الإرهابية..
في السنوات القليلة الماضية برز تنظمي القاعدة بشكل قوي وولد السمان أعلن صراحة انه من تنظيم القاعدة من داخل المحكمة، هل هناك استراتيجية ثقافية ذات خصوصية موريتانية للحد من هذه الظاهرة ولا سيما ان موريتانيا بلد محافظ وهو أيضا بلد الفقهاء والعلماء، لأن المقاربة الأمنية قد تم تجريبها في بعض الدول العربية ولم تفلح إلى حد بعيد؟
صحيح أن مجموعة من الشباب متطرفين أوتي بهم من خارج البلد، وأعتقد أن من ورائهم قوى تبحث عن زرع هذا النوع من التيارات في موريتانيا، وكان هناك عشرة شباب وحصلت مناوشات وقتلوا أمريكيا وفرنسيا في موريتانيا وبدؤوا يقومون بعمليات إرهابية هنا وحاربتهم الدولة على الصعيد الأمني لأنها سجنتهم وحاولت أن تقنعهم فكريا، فأرسلت إليهم مجموعة من العلماء إلى داخل السجون وفتحت معهم حوارا على أسس دينية وحصل فيه أخذ ورد وتبادل، وانطلاقا من الفقه الإسلامي والمبررات التي يؤسسون عليها مواقفهم وأثبت لهم العلماء أن هذه المواقف غير سليمة وأنها تنافي الفكر الاسلامي والمرجعيات الاسلامية والمقاصد الدينية، وبعضهم اقتنع ورجع والبعض منهم أصر على بقائه على نهجه، وانت سألت هل هناك خطورة على دخول زي غير موريتاني، وهذا موجود فعلا وهذا الزي نحن ننظر إليه أنه تمظهر سياسي يهدف إلى زرع ثقافة ونمط عيش وتصرف ونمط حياة يختلف تماما عن نمط حياتنا، إذا كانوا يريدون تطبيق الشريعة ويريدون الملبس المحتشم الذي تطلبه الشريعة فزينا التقليدي يكفي لذلك فلا حاجة لنا بزي آخر، أما أن بلبسوا الشادور وعباءات تلف الوجه وتجعل المرأة عبارة عن شبح أسود مخيف فهذا مرفوض…
هل هذه الثقافة غريبة عن المجتمع الموريتاني؟
نعم غريبة علينا نحن، فالمرأة عندنا متحررة وتحتل المركز في كل شيء، وفي حياتنا الموريتانية وهذا موروث من المجتمع الصنهاجي..
اسمح لي دكتور أن أسألك سؤالا قد يبدو غريبا شيئا ما، لقد أثير مؤخرا عما يسمى بزواج المناكحة، وتحدثت مصادر إعلامية كون مجموعة من التونسيات ذهبن إلى سوريا لهذا الغرض، هنا في نواكشوط سمعت من أحد الزملاء أن مجموعة من الموريتانيات ذهبن إلى مالي لأجل ذات الغرض وأخبرني بأن عددهن 250 امرأة موريتانية ذهبن إلى مالي..
هذا صحيح، وأنا تابعت في بعض المواقع الالكترونية صورة لبعض النساء تلبس هذا الزي الغريب علينا وذهبن عند تنظيم القاعدة ليكن إلى جانبهم وليرضوا رغباتهم وأثار هذا غضبا شديدا وردة فعل عنيفة عند الشعب الموريتاني وعند النساء خاصة، وهنا بعض النساء صاروا يفرضون على نسائهم عدم مجالسة النساء ونحن في موريتانيا لدينا مجتمع مفتوح، فمثلا أنا آتي مع زوجتي وصديقي يأتي بزوجته ونجلس مع بعضنا، ولكن هذه الثقافة غريبة علينا، ونحن نمقتها، فالشعب الموريتاني كل انسان فيه سليم وغير مؤدلج وغير مسيس ويمقت هذا النوع ويكرهه ويرى أنه مخالف لنمط حياته..
ملاحظة أخرى استرعت انتباهي وهي أننا حينما نسمع عن شخص كون هواه علمانيا تتراءى لنا صورة العلماني في المغرب أو المشرق الذي يخاصم الدين أو على الأقل لا يهتم به او لا علاقة له به، أما في موريتانيا فالشخص العلماني، وقد جالسنا البعض منهم، أنهم علمانيون بدون علمانية، أي يحافظون على الصلاة في وقتها، حتى أن وقتهم يضبطونه بالصلاة…!!
تموقع السياسي كونه يساريا أو علمانيا او قوميا أو وسطيا، هذه الأمور تختلف عن المعتقد، الموريتانيون يؤدون الصلاة لكنهم لا يصومون كثيرا، ويميل بعضهم إلى الكذب ويختلس مال الدولة ولا يرى في ذلك مانعا ولا غضاضة، ولكن الصلاة مرتبطة بالتقاليد والعادات أكثر، ففي المغرب مثلا يمكنك ألا تصلي، ولكن إياك ألا تصوم، وإياك أن تأكل في الشارع، وفي موريتانيا لا تشرب الخمر أمام الناس وافعل ما شئت من محرمات، فهذه الأمور مرتبطة بالتقاليد..
في موريتانيا لا حظنا أيضا ظهور ملامح التشيع وخاصة الذين يشتغلون في التجارة، كما لا ننسى أن التشيع تغلغل عند جيرانكم في السنغال، وقد تشيع موريتانيون، أوليس لديكم إحساس باختراق التشيع للبلاد؟
هناك شخص أعلن تشيعه وصار يلبس تلك العمامة السوداء ويقيم هنا في نواكشوط وتدعمه السفارة الإيرانية بالمال، وهو يحاول أن يعمل ولكن لا أعتقد أنه يجد صدى كبيرا، وربما يستميل الناس بالمال، كما أن مسيحيين بدؤوا يظهرون مدعومين ببلدان فرنكوفونية ومن طرف المنظومة الكنائسية والتي تدعمهم بالمال وتعمل لهم مدارس للأطفال حتى تستدرجهم بهذه الأمور، يعني لحد الساعة فالتشيع ضعيف جدا ومحدود، وبعض الأشخاص قليلون ويس هناك ميل..
اسمح لي أن أقاطعك دكتور، خطاب التطمين ما عاد يغري في الحقيقة، أنت تعلم أن موريتانيا هي بوابة العالم العربي على أفريقيا، وكما نعلم أن بعض الدول الأفريقية تحولت إلى مجال للصراع الإسرائيلي الإيراني، وإيران تعمل بشكل جدي في الموضوع، وفي السنغال أصبح للشيعة مدارس وأتباع ومقلدون ومكتبات، والسنغال هي متاخمة لموريتانيا، والشيعة حين يدخلون إلى موريتانيا عبر السنغال لا يدخلون بأموال الدولة في إيران وإنما بأموال الحوزات، ,انت تعلم أن الحوزة يمكن أن تُقرض الدولة كما كان يقع في إيران على عهد الشاه؟
نحن كبرنا ولم نسمع بالشيعة قط، ونسمع بالمسلمين ولم نكن نفرق بين المسلمين على أساس طائفي أبدا، ولذلك يمكن أن يقع الإنسان في شرك التشيع دون أن يشعر، وخاصة إذا تم اتباع ما يسمى بالتقية عندهم وأغري الإنسان بالمال دون أن يباح له بالهدف المنشود..
هنا في موريتانيا توجد محلات للبيع والشراء يشرف عليها أشخاص من جنوب لبنان وهم يعترفون كونهم شيعة؟
الناس لا يعرفون أنهم شيعة ، ونحن نسمي اللبنانيين بـ “الشوام” ولا نفكر في دينهم، وبالنسبة لأفريقيا السوداء، أذكر أني كنت سفيرا في نيجيريا، ورأيت تمدد الشيعة في شمال نيجيريا وخاصة في “كانو” و “سكوتو” حيث كنت أسافر أرى الشيعة تتمدد، ولكن الناس لا يعرفون الخطورة ويقولون بأن هؤلاء مسلمون مثلنا، وخاصة أن هناك صراعا مع المسيحيين، فهؤلاء الناس يساعدونهم على الوقوف في وجه المسيحيين فينضمون إليهم دون إدراك خطورتهم التي بدأت تظهر لما سقط نظام صدام حسين، وعندما كشفت الشيعة عن وجهها القبيح، يعني أنهم بدؤوا يقتلون الناس على الهوية وبدؤوا يختطفون الناس ويصفون العراق بشكل كامل، وكان العراق دولة متقدمة ولما استلمها الشيعة أصبحت متأخرة، ونفس الشيء يحدث الآن في سوريا.
في نواكشوط هناك كنيسة واحدة منذ عهد الاستعمار، ومع ذلك تحدثت الصحافة الموريتانية عن تنصير اكثر من ألفين شخص موريتاني هذا العام..
يصعب أن أقبل بهذا الرقم..
لماذا؟
لأن الكثير من السنغاليين الذين يزورون أوراقا موريتانية يقولون بأنهم موريتانيون، والكثير من سكان مالي والنيجيريين والكاميرونيين يزورون أوراق موريتانيا وهم مسيحيون أصلا، ويقولون نحن مسيحيون، ولكن سمعنا أن هناك فعلا أناسا تمسحوا وتنصروا ولكن إلى الدرجة الذي ذكرت فأنا أشك في هذا، ولكني لا أستبعد مع مرور الزمن ومع وجود الفقر والحاجة أن يلجأ الناس لأي شيء يخرجهم من الفقر، فالفقر كافر ومكفر، يعني أن إنسانا فقيرا ممكن أن تكسبه بالمال…
الربيع العربي وصل إلى نواكشوط مع حركة 25 فبراير، وحصل حراك اجتماعي، هل استجابت الدولة للمطالب الشبابية في موريتانيا؟
أبدا، لم تستجب، بل تجاهلته وقمعته ولم تعطه فرصة في أن يعبر عن نفسه مع وجود ظروف صعبة طبعا، والحراك الشعبي تقهقر وتلاشى ولم يستمر. ولكن الربيع العربي اتخذ شكل أحزاب منادية بالرحيل، فالأحزاب السياسية في موريتانيا معترف بها ولها كيان تنادي برحيل الرئيس، وتمتد جذور هذه الأحزاب إلى مناوءة الانقلاب الذي قام به الرئيس الحالي قبل أن يستقيل ويقدم نفسه كمرشح مدني حر، إذن هذه الأحزاب المناوئة والرافضة هي التي تحولت إلى أحزاب تنادي برحيل الرئيس بعدما اعتقدوا أنه لا يصلح لشيء وأنه مستبد..
يقال إن موجة الديمقراطية في موريتانيا بدأت مع العقيد ولد عل فال..
العقيد ولد عل لم يبدأ الديمقراطية في موريتانيا وليس صالحا للبلاد..
لقد صفق له الشارع العربي وشبهه البعض بسوار الذهب في السودان..!
هذا خطأ، وما أبعده من سوار الذهب، لأن هذا الرجل كان همه الأساسي هو جمع الفلوس لا أكثر ولا أقل، وهمه الأساسي كذلك أن يعود إلى السلطة من جديد…
ولكنه سلم السلطة لحكم مدني وحصلت مناظرات بين المترشحين أعقبتها انتخابات..
سلمها تحت الضغط مكرها لا بطلا، وولد عمه فرض عليه أن يسلم السلطة، وكان يحاول أن يبقى في السلطة وجمع الناس في قصر المؤتمرات وقال لهم: إن لم يُرض الناسَ أحدُ المترشحين يمكنهم أن يدلوا ببطاقة بيضاء وسأبقى في السلطة، يعني كان يناور ويحاول أن يستمر في السلطة، وعلى كل حال فهو رجل معروف من حيث الأخلاق ومن حيث ميله للفلوس، وهذا الرجل لا يمكن الاطمئنان إليه..
الانتخابات الجماعية والبرلمانية على الأبواب كيف ترى الخارطة السياسية في موريتانيا مستقبلا؟
لابد أن يقبل النظام بالحوار، ولابد أن يقبل النظام بالتقارب والتقرب إلى الأحزاب السياسية المعارضة، ولن ينفع الانزواء والبقاء بعيدا عن الأحزاب السياسية ولا بد من تقارب وتلاق، ولا يمكن للإقصاء أن يستمر والمناطحة لن تؤدي إلى شيء..
وهل ستكون الانتخابات المقبلة نزيهة حسب رأيك باعتبارك فاعلا بالمجتمع المدني ومراقب للانتخابات؟
ستسعى إلى الشفافية إذا توفرت بعض الشروط، يعني إذا أتيح للمجتمع المدني أن يراقب، وإذا استطاع هذا المجتمع المدني أن يراقب استعمال الدولة لنفوذها والمال السياسي قد تكون شفافة، ولكن هذا يصعب في موريتانيا لأن المجتمع المدني فقير وليست له إمكانيات ومبعد والبلاد مترامية الأطراف وحتى إعداد الوثائق فيبقى الأمر صعبا ولا يمكن السيطرة عليه وأن تجزم بدقته وصحته..