إذاعة موريتانيا نشاط دؤوب رغم أسر التفكير “المخزني ” التقليدي
كتب عبدالفتاح ولداعييدن:
الزمان أنفو- عندما تكتفى بمجرد جولة استطلاعية داخل المقر المركزي لإذاعة موريتانيًا، مع متابعة و لو محدودة للمسطرة البرامجية طيلة السنة، وخصوصا فى شهر رمضان المبارك، ستكتشف فعلا أنها خلية نحل، لكن على نمط بات متجاوزا، فالإعلام العمومي، رغم ما يدعى من تحويله إلى شركات ذات نفع عام و رأس مال مختلط، إلا أن هذا مجرد مشروع لم يتحول بعد إلى واقع فعلي، والواقع فى مؤسسات الإعلام الثلاث، هو هيمنة النظام المتغلب مع تمويل خالص تام من جهة واحدة، هي الخزانة العامة للدولة، و ما سوى ذلك مجرد برامج تعاقدية و هبات من هيئات دولية،أتاحت للإذاعة مثلا، طابورا من السيارات الفاخرة، و ربما أتيح لها و لغيرها من هيئات الإعلام العمومي أحيانا، تمويلات معتبرة،من قبل الدولة،رغم أن الإذاعة فى الوقت الراهن ، بعد انقضاء،سبعة أيام من شهر رمضان المبارك، ١٤٤٣ هجرية، مازال بعض عمالها ينتظرون مستحقاتهم الشهرية.
و مهما قيل عن إنجازات محمد الشيخ ولد سيد محمد،الكريم نسبيا الفوضوي عمليا،و الذى اكتسب دربة فى سوق الأنظمة لجانبه و استدرار تمويلاتها السخية، عبر إعداد مقترحات صرف مقنعة و مبررة نظريا بامتياز،إلا أن الطامة الكبرى ليست ربما فى هذه الجوانب، رغم خطورتها و إضرارها بضعاف العمال و السياقات العمومية المعنوية و المادية،و إنما فى تمييع اتجاه خدمة الإعلام العمومي فى موريتانيًا،لدى كل مؤسساته المعنية،و خصوصا إذاعة موريتانيًا،للأسف البالغ.
فالنظام السياسي المتغلب فى موريتانيًا،سواءً الحالي أو السابق دون استثناء،يعتبر هذه المؤسسات حاملة و خادمة فحسب لكل مصالح و أغراض وتوجهات الإعلام و النظام الرسمي،فى الحيز الضيق فى الأغلب،دون أن يكون إعلام دولة و شعب و مجتمع متنوع،بكافة دلالات الكلمة،و خصوصا الجانب السياسي،الأكثر غبنا فى المنحى التعددي،المروج نظريا، المغتال عمليا فى أكثر المناسبات و المنعطفات الحرجة ،إلا لماما،من باب ذر الرماد فى العيون،عسى أن يتصور المغفلون ،و هم السواد الأعظم،أن هذه المنابر الإعلامية المختطفة، منابر للجميع، على وجه متوازن.
و الواقع أن ذلك مبتغى بعيد المنال،و لا نيأس مطلقا،من الوصول لذلك الأفق السامق الغائب،و ربما المغيب عن قصد على الأرجح،للأسف البالغ.!.
فإلى متى يظل هذا الثلاثي المؤسسي(الإذاعة-التلفزة-الوكالة) بوجه خاص،منذو نشأة موريتانيًا، يكرس مفهوم إعلام نظام المرحلة،حسب الفترة الزمنية المعنية،و ليس الإعلامي العمومي الخدمي،الذى يفسح المجال لمختلف مكونات المشهد الوطني،بمختلف أذواقه و مشاربه،و بكل حرية و إنصاف؟!.
أما أن تأخذ أموال الخزانة العامة،خزانة دولة و شعب و مجتمع بكامله،لتخدم جزءً منه فحسب(فريق حكومي حاكم أي النظام )،فهذا ربما،أقل ما يمثل، سرقة معنوية و مادية و جريمة مكتملة الأركان،مارستها مختلف الأنظمة المتعاقبة، و خصوصا رؤساؤها و مدراء مؤسسات إعلامها الرسمي،و ربما هو المصطلح الأنسب، بدل مصطلح الإعلام العمومي،و هو الدعوى الكاذبة،بشهادة أسلوب و أغلب مخرجات المشهد”العمومي” الحالي.
وتبقى الإشارة في الخلاصة، إلى أن روابطي العميقة بأخي الغالي وزميلي المتميز، محمد الشيخ ولد سيدي محمد، لم تمنعني من التعبير عن وجهة نظري، بصراحة،حول أسلوب إدارته لإذاعة موريتانيًا، كمرفق عمومي، وليس مجالا خاصا بشخص معين أو فريق حكومي خاص، ولا يمنعني هذا القول، إن مجال العلاقة الثنائية، بيني و أخي الكريم الوفي، محمد الشيخ ولد سيدي محمد، مكسب مشترك، سنظل نحافظ عليه، دون أن يمنع ذلك من حتمية الاختلاف المشروع.
والاختلاف في الاصل، لا يفسد للود قضية، وليسعنا وليسع غيرنا، أن نتعاون في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه.
وما من صواب فمن الله وما من خطإ فمني، واستغفر الله العظيم واتوب إليه.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
و أعوذ بالله من همزات الشياطين.
وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء.