نعم، نريد حوارا ولكن..
كتب سيدعلي بلعمش:
الزمان أنفو-
ما ننتظره من هذا التشاور أو الحوار أو هما معا أو هذه الهنة متنازعة الأسماء و الصفات ، كثير و عاجل و في منتهى الضرورة:
لقد اختطف المجرم ولد عبد العزيز بلدنا أكثر من عشر سنين ، عبث فيها بكل شيء ؛ نهب ما فيها و أذل كرامها و حكَّم فيها أراذلها و حوَّلَ كل رموزها إلى ملكية خاصة (العلم الوطني، النشيد الوطني، مجلس الشيوخ، محكمة الحسابات) أو دمرها لتخرج من الذاكرة (بلوكات، المدارس العتيقة، مقر موسيقى الجيش، مقر مجلس الشيوخ) .
و كان عزيز و ولد محم خيره يعدان لجريمة أكبر (إعادة كتابة تاريخ البلاد)، بالاشتراك مع ذراعه الجاهز لتنفيذ أي جريمة، أي ما يسمونه لجنة تخليد بطولات المقاومة ، الجاهلة لتاريخ البلد و الجاهزة لتطويعه لسخافات عزيز التى حوَّلت “أم التونسي” إلى أم معارك مقاومة دامت حوالي أربعين عاما من الكر و الفر و البطولات الخارقة بين جيش مدجج بالسلاح (هو كان حينها ثالث أو رابع قوة في العالم) و مجموعات شبه عزل إلا من الإيمان و الشجاعة و الكبرياء..
كان تحويل رموز بلادنا إلى أغنية مصرية تافهة و علم ملطخ بشؤم بركة الدماء التي كان عزيز يسوقنا إليها، وصمة عار ، ما زلنا نحمل ولد الغزواني مسؤولية استمرارها..
ما زلنا ننتظر أن يُصدر القضاء الموريتاني حكما تاريخيا يُلزم ولد عبد العزيز و أعوانه (ولد أجاي و ولد محم خيره و ولد أوداعه و سيدي ولد اتاه و ولد ماما تكيبر و ولد الشيخ (…)، مسلسلين في الأغلال، ببناء معالم طبق الأصل ل”ابلوكات” التي تعتبر أهم معالم العاصمة ، الشاهدة على وفاء و عبقرية جيل النشأة..
و لن يكون لهذا الحوار أو التشاور أي قيمة و لا معنى ، إذا لم يُعد مجلس الشيوخ و يُفعِّل محكمة الحسابات (لتوازن السلطات) و يفرض آليات فنية للرفع من مصداقية المجلس الدستوري و الحد من أمية النواب و إلغاء فكرة “الكوتا” و “الإسعافات” من القاموس السياسي للبلد و حل المجلس الاقتصادي و الاجتماعي (لحل مشكلة مسعود) و حل مؤسسة و سيط الجمهورية و إلغاء كل المجالس و هيئة علماء موريتانيا و اتحاد الأدباء و نقابة الصحافة و رؤساء مجالس الإدارة و منع الأيام التشاورية و ورشات تبرير نهب المال العام و إنشاء هيئة لبناء و تطوير و ترميم المباني الحكومية و قطع دابر كل ميكانيسمات التحايل على المال العام..
و يجب أن تكون على رأس معركة هذا التشاور أو الحوار أو هما معا ، وضع آليات شفافة و قابلة للتنفيذ و ملزمة و عملية و صارمة و واضحة للانتخابات . و لا نحتاج لأي ابتكار في مجال كهذا، تمارسه الشعوب منذ أكثر من ثمانمائة سنة ، بل نحتاج إلى قبول آلياته و الاحتكام إلى فنياته و احترام نتائجه..
نعم ، نحتاج إلى مائة حوار و إلى ألف تشاور ، لحل كل هذه المشكلات العالقة أو معلقة منذ نشأة الدولة .
أما حوارات عكاظ بيرام و تيام صامبا و “كوتا” المرأة و الطبقات الهشة و اللهجات الوطنية التي تريد التحول إلى لغات مبجلة على أرضنا دون غيرها من بلدان لم تعرف بعد أي لغة حية غير مستوردة و كذبة العبودية و دوامة الإرث الإنساني التي تجاوزت نسخة حلها الخامسة و الحديث عن هشاشة هذا و ذاك في بلد هش و اقتصاده هش و نظامه هش و أمنه هش و بنيته هشة ، فهذا لا معنى له و لا مسوق له اليوم و لم نجن من ورائه إلا مزيدا من الهشاشة على كل المستويات ..
على هذا الحوار في النهاية، أن يحدد لنا من يريدون إقلاع موريتانيا و الخروج من دوامة أزماتها المفتعلة و من يريدون إغراق سفينتها في وحل مشاكل بلا حلول و فرملة كل ميكانيسمات تقدمها و عودتها إلى سكة الصواب..