في ذكرى رحيل عبدالرزاق عبدالواحد
نعيد نشر القصيدة الرائعة التي قال الشاعر العراقي الفحل في إحدى زيارتيه لموريتانيا:
الزمان أنفو –
سألتُ الله شمسُك لا تغيــــبُ ** وليلُك فجرُه أبدا قريـــــــب
وأجراس القصائد فيك نشوى ** لها وقع بسْمعنا عَجيـــــــب
ونوقك لا يشيخ لها حنيــــن ** ولا يجفو بأضرعها الحليب
وتبقى كبرياؤك لا تـــدانى* * ولا يدنو لها كــــدر مريب
ومثل نقاء هذا الرمل تبقى ** نفوس بنيك من ألق تطيب
سألت الله أن يبقيك بيــــتي ** وأعلم أن ربَّك يستجيــــب
لأنك أنت يا شنقــــيـــط أم ** تشيب الأمهات ولا تشيــب
وأنك فرط عفْو ٍ، فرط صفو ** وفرطُ هوى برودته لهيب
فأرضك أرض شعر لا يضاهى ** وحب لا يخون به حبيـــب
فكل صَبيَّة أنثى حـــــمام ** وكل فتى بأيكك عندليـــب
فإن بلغا فطامهما فــقيس ** وليلى.. لا سعى بهما مريب
ولي في حُرِّ أرضك ذكريات ** لها في خافقي أبدا وجيــب
وما من كريم نداك أنسى ** وهذي وقفتي شرف مَهيب
سلاما أيها الوطن الحبيـــــب ** وبعض الشكر موقفه عصيب
لأنك لست تنتظرين شكرا ** وليس كمن يُثاب ومن يثيب
تجيئين المكارم عن حياء ** مخافة أن يكون لها رقيب
تحسَّبُ أن يقول الناس أعطت ** وهل في ذكر فضلك ما يريب
يذوب القلب يا شنقيط وجدا ** عليك لأن عندك ما يذيب
علا، وكرامة، وسخاء نفس ** وأعظمهن رفضك ما يعيب
وأنك بين أوطاني جميعا ** ملاذ تلتقي فيه القلـــــــوب
على حب وليس سواه يبغي ** ويكرم نفسه فيك الأديب!
سلاما أيَّها الوطن الحبيب ** سلام ابنٍ تقاذفه الدروب
على كِبَر أصابته الليالي ** وهدت ركنَ هدأته الخطوب
وأحدث فيه صرف الدهر صدعا ** عميقا لا يعالجه طبــــــيب
تهاوى بيتُه العالي وأخنى ** على شرفاته موت لهيب
وبُعثر أهله في كلِّ فج ** فكل ابنٍ له وطنٌ غريب
فراح يطوف من أرض لأرض ** خطاه على ثمانينٍ تلوب
يفتش عنهمُو بين المنافي ** ويوما ما يَروح ولا يؤوب!
هي الدنيا تحملنا أساهـــــــا ** وأدهى الحمل ما تضع الحروب
وأفظع ما تخلفه المنايا ** وأبشع ما يلاذ به الهروب!
لذا ظل العراقيون فيــها ** نخيلا لا يميل به هبوب
وها بغداد تشتعل اشتعالا ** وها دم أهلكُمْ فيها سكوب
تعاهدنا نموت بها جميعا ** ولا يتكرَّر الوطن السليب!
فمرحى للنشامى في عراقي ** نَجيب يقتفي دمه نَجيب
ولا والله نسبح في دمانا ** ولا يعوي على بغداد ذيب