الناصريون يخلدون ذكرى ثورة جمال عبد الناصر
نظم الناصريون في موريتانيا ندوة نقاشية، خلدوا خلالها الذكري الواحدة والستين لثورة 23 يوليو، وقد تميز هذا الحفل بحضور مكثف من قبل مختلف الطيف الناصري، بالإضافة إلي شخصيات قومية تم استدعاؤها لحضور تلك المناسبة.
وقد قدمت خلال الندوة ورقة مشتركة، عبرت عن مختلف فئات ومجموعات الناصريين في موريتانيا، عبروا من خلالها عن موقفهم الجامع والمعبر عن نظرتهم للوضع القومي والمحلي، قرأها السيد: سيدي ولد محمد عبد الله. وتساءلت الورقة عن مبررات الاحتفال بهذه المناسبة، والذي بررته بحصيلة رأت فيها أنها تلزم كل شريف وكل حر باستلهام روحها والاحتفال بها، ف”كيف لا نستلهم روح ودروس ثورة 23 يوليو المجيدة وهي التي جاءت لتقول لكل عربي : ارفع رأسك، ولكل عميل: لا مكان لك بيننا وهي التي خاضت أشرس المعارك مع القوى الامبريالية وأعوانها في الداخل واستطاعت أن تؤسس في مصر والوطن العربي عوامل النهوض الحضاري وأن تسطر أعظم الانجازات لصالح البشرية عموما والعالم الثالث بشكل خاص. وهي أيضا من وقف مع قوى التحرر في كل مكان، حتي قيل: لم ترفع راية للحرية بعد ثورة 23 يوليو، إلا وكانت خلفها هذه الثورة المجيدة.” كما تطرقت الورقة إلي ما تعيشه المنطقة العربية اليوم من تحولات واقتتال وتدخل خارجي تحدثت الورقة عنه وعن ما أسمته “التداخل المريع بين الحق والباطل وبين الصديق والعدو، كيف لنا أن نستلهم من ثورة 23 يوليو ما يسمح لنا بالإجابة علي أسئلة المشهد الراهن وأن نستحضر منها ما يعزز آمال التغيير في الوطن العربي؟؟ وذلك من خلال إشكاليات محورية، يمكن التعبير عنها ضمن التساؤلات التالية: هل يمكن للجماهير العربية التواقة للحرية والعدالة والسيادة الحضارية, أن تكتشف اليوم طريقها الصحيح- رغم الدروب الفرعية وإغواءات القوى الأجنبية ومؤامراتها؟ وبصيغة أخرى: كيف لهذه الجماهير أن تصنع ثورات الحرية والكرامة، دون أن تقع في أحابيل مشروع “الفوضى الخلاقة”؟.. ثم؛ هل تشكل الدلالة المرجعية للثورة في الفكر الناصري قابلية لفهم المضامين والأساليب والتحولات الراهنة في الوطن العربي؟”. وميزت الوثيقة بين طرفين مختلفين، كانا فاعلين في هذا الحراك والتحول الذين تعيشهما المنطقة العربية وقالت إنه “يجب التمييز ضمن حراكنا الراهن بين قوى: بعضها شكل إبداعا ثوريا أصيلا، تمثل في ظهور قوى شبابية كان يخطط لجعلها حصيلة هجينة لتفاعل الجوانب السلبية للعولمة ومفاعيل التجهيل، فإذا بها تبدع وتذهل العالم بأفكار وأساليب جعلتها تتقدم النخب السياسية والثقافية القائمة. وفي الجانب الآخر للمشهد تبرز مفارقة تبني ورعاية هذا الحراك من جهات إقليمية ودولية أبعد ما تكون عن أهداف وغايات وشعارات هذا الحراك، وهو ما أدى في حالات عديدة إلى تحولات مريبة ساهمت في اختلاق احتجاجات دموية عنيفة مدعومة بالمال والسلاح من جهات مشبوهة، مما شكل تناقضا مع الثورة في شرط سلميتها وأدى إلى تدمير هائل للعمران وللنسيج الاجتماعي في أكثر من بلد عربي.. والأخطر من كل ذلك أن يستغل الإسلام ويحول إلى أيديولوجيا للقتل والتدمير والتكفير والالغاء. وباسمه أيضا يتخذ الغرب المناقض لنا روحيا وحضاريا حكما لفض خصوماتنا السياسية والحزبية!!”. وعلى المستوي المحلي أوضحت الوثيقة أنه “على مستوى بلدنا موريتانيا نلاحظ أنه رغم التضحيات الجسام التي سطرها مناضلون شجعان، دفع بعضهم حياته من أجلها وارتقى شهيدا من أجل الحرية والكرامة، إلا أننا نلاحظ اليوم تراجعا في التشبث بالهوية العربية للبلاد، وتهميشا للغة العربية وللدارسين بها على جميع الأصعدة- رغم المكانة التي أعطاها لها دستور البلاد والتشبث الشعبي المتجذر بها كلغة للدين وأداة محترمة للتواصل وضامنة حقيقية لتكريس خيار الوحدة الوطنية، بعيدا عن إملاءات المستعمر وخيارات التغريب. فبصفتنا طيفا سياسيا موريتانيا أصيلا ترك بصماته علي الحياة العامة والخاصة في هذا البلد، نرى أن التزامنا بهموم وقضايا أمتنا العربية يجب أن يكون نابعا ومنسجما مع ضرورات ترسيخ وحدتنا الوطنية ومساهما في خلق مناخ يضمن السلم والمساواة والإنصاف، ويؤدي إلى انصهار وتعايش جميع مكونات بلدنا بوصفه خيارا قوميا ووطنيا يجب تجسيده ليس على المستوى المحلي فحسب وإنما أيضا على عموم الوطن العربي كافة، دون إقصاء أو تهميش لأي فئة أو جماعة تعيش داخل هذا الإطار العربي الفسيح”. وقد أشفعت الورقة بمناقشات جادة وعميقة، تناولت مختلف جوانب الحياة الوطنية والقومية، منها ما كان ضمن روح ومناخ الورقة وبعضها الآخر ذهب بعيدا عنها، بفعل وجود مدعوين ينتمون إلي أحزاب أخري، كان من بينهم من عبر عن رؤية تخص حزبه، دون أن تكون بالضرورة معبرة عن رؤية المنظمين وروح المناسبة، فقد هاجم رئيس الحزب الوحدوي محفوظ ولد اعزيزي مثلا الإخوان المسلمين ونعتهم بأشرس النعوت وأقذعها وهو ما خلف استياء لدي المنظمين وأحرجهم، دون أن يكونوا قادرين علي توقيفه أو التدخل في كلمته، لأنه ضيف مدعو ولأن ما سيدلي به خلال الندوة هو في النهاية موقف لا يعكس، سوى رؤية حزبه. وقد عبر حزبي الصواب والديمقراطية المباشر كذلك عن مواقفيهما خلال الندوة وقدما رؤيتيهما حول ما يجري في المنطقة العربية وعبرا عن استيائهما من التدخل الخارجي في شؤون المنطقة العربية وعبرا عن روح تصالحية وتوحيدية داخل الساحة القومية الوطنية. وقد شكلت الدعوة لتوحيد القوميين في موريتانيا تحت سقف واحد وضمن رؤية وتنظيم يوحدهم، كلمة السر في جميع المداخلات، حيث تم التعبير بمرارة عن الرفض القاطع لما أسماه المتدخلون حالة التشرذم التي يعيشها القوميون الموريتانيون وما تعيشه اللغة العربية من تهميش وإقصاء وصل حد إقصائها من الحياة العامة وتهميش الدارسين بها. كما تم التشديد علي الاسلام بوصفه أساس عمل القومين والرفض القاطع لاي رؤية أو موقف يناقض الاسلام أو يكون في مواجهة معه.. وشدد بعض المتدخلين علي أن القومين، هم من يجب أن يرفع راية الاسلام، لأنه لا قوة ولا بقاء للعرب إلا بالإسلام ولأنه بهم أيضا يقوى ويعز.. وحتي لا يبقي نهبا للشعوبيين الحاقدين علي العرب كقومية وكحضارة ووجود. وقد تواصل حضور الجمهور بكثافة، حتي تم اختتام الندوة.. كما اقتصر الحضور الديبلوماسي علي طاقم السفارة المصرية، بقيادة السفير، وبعضوية مدير المركز الثقافي المصري. وقد ألقي السفير المصري كلمة بالمناسبة، تحدث خلالها عن محطات من فترة عبد الناصر عاشها وهو طفل صغير، لا زالت محفورة في ذاكرته، كما تحدث بإيجابية عن ثولرة 23 يوليو وعن الحقبة الناصرية. 25-07-