لا لخطاب الكراهية
كتب عبدالفتاح ولد اعبيدن:
الزمان أنفو – السلطة بجميع تجلياتها المعاصرة،التنفيذية و الإعلامية و البرلمانية و القضائية مؤثرة عندما ترفض خطاب الكراهية.
و إليكم المقالات الآتية :
إيرا مشروع فتنة بامتياز،للأسف البالغ.
و بيرام يسوق منذو سنوات خطاب الكراهية و التفرقة و لم تقتصر تأثيراته على الجانب السياسي،و إنما ساهم فى تنشئة و تحريض جيل من بنى جلدته، يسرقون و يقتلون و يغتصبون على أساس الهوية،و لم يؤثر عنهم استنكار لما يقع من قتل و استهداف متكرر معروف،و الدولة تغافلت كثيرا عن هذه المعطيات الخطيرة الملموسة،و بغض النظر عن ترخيص حزب الرك من عدمه،فإن الدولة مطالبة بالصرامة ضد مروجى خطاب الكراهية.
فالمسلمون و المواطنون،دون تمييز، دماءهم و حرماتهم و حقوقهم حرام،و التحريض عليهم، من أي وجه، جريمة منكرة،مكتملة الأركان.
و بيرام و أنصاره و أشياعه يحرضون على البيظان،حسب قاموسهم الصريح،كما لم يتراجع بيرام عن قوله بأن نظامنا و دولتنا،دولة لابرتيد و دولة تمييز،و هذا غير واقعي إطلاقا،مهما كانت نسبة بعض المآخذ و النواقص المجتمعية،و التى توجد فى العالم أجمع،و لا صدقية لمقارنتنا بلابرتيد فى جنوب افريقيا فى حقبة معينة،و إنما ذلك استرزاق و كراهية بينة و طيش،ربما يعنى السكوت عليه،مباركة قتل الناس و الإضرار بهم،من مختلف الأوجه.
و السلطة مهمة إلى أقصى حد و تردع،و ينبغى محاربة مختلف أساليب خطاب الكراهية،ضد أي مواطن أو أي مكون،بأي صيغة.
فحرمات الوطن و المواطن،دون أي تمييز،فوق كل اعتبار،و مشروع حزب الرك و ايرا، أساسهما التمييز و الاستهداف و تكريس خطاب تقسيمي،بحجة ركوب موجة مواجهة ظاهرة الاسترقاق المزمنة و آثارها المرفوضة.
و أما بالنسبة لمنع الاجتماع فى أطار(13/5/2022) تحت يافطة حزب غير مرخص،مثل حزب الرك،فهذا تصرف مفهوم،و لكن المطلوب أكثر من هذا،فهؤلاء ينبغى أن يلتزموا حرفيا بالابتعاد عن كل صور و أساليب خطاب الكراهية و التفرقة،كما ينبغى الاعتذار الصريح عن جملة تلك الأفكار الساقطة المضرة بامتياز،و التى تمس بعمق من الوحدة الوطنية و السكينة العامة،و مهما كان حجم الراغبين فى هذا التوجه البيرامي المتطرف التقسيمي التحريضي الاسترزاقي،فإن الدولة مطالبة بإلحاح بحماية معانى التعايش و الاستقرار،و فعلا لقد أمضت الدولة سنوات فى مسار تشجيع الكراهية،التى يقودها بيرام، و بعض أشياعه الضلال، الزائغين عن سرب التسامح و الأخوة الجامعة الموحدة الإيجابية.
إن حرية الاجتماع و التعبير ينبغى أن تظل مكفولة،دون تمييز،وفق المبادئ الدستورية الملزمة،لكن دون مساس من وحدتنا و لحمتنا الوطنية المقدسة.
إن اعتقال آلكس الذى اعتبر قتل البيظان جهادا، كان أكثر من صواب،و مثل رسالة نوعية،و بالأمس تم توقيف المدعو محمد محفوظ الذى تعرض للفلان،و باختصار لا قبول مطلقا لهذا التحامل العرقي و الشرائحي،الذى ظل مشرعا على مصراعيه،خصوصا ضد البيظان،و الحلم بهذا الحجم أصبح ضعفا مشينا و استباحة أحيانا لأرواح الناس و حرماتهم،و أفرز حربا جارية، ضد مكون البيظان بعينه، و ربما يتوسع ذلك طبعا ضد غيرهم،و الدولة هي المسؤول الأول عن حماية الوطن و المواطن باختصار،و لقد بلغ السيل الزبى!.
و فى هذا السياق استغربت كثيرا مثل غيري ربما،انفتاح الرئيس غزوانى على بيرام و منحه الكثير من الوقت و الدعم المتنوع الواسع،لأنني أعرف أنه لن يغير من مواقفه المتطرفة الحاقدة ذرة واحدة،و أنه يتوهم النجاح فى الاستحقاقات الرئاسية المرتقبة 2024،و عندما يكشف الغطاء سيرجع ربما أكثر طيشا و سفاهة من سيرته الأولى،و اليوم بدأت الدروس تترى، بأن بيرام طالب مال و حظوة شخصية بالدرجة الأولى،و خطة غزوانى لم تنجح للأسف و لن تنجح،لأن بيرام مصر على غيه.
و لعل ما تقوم به السلطات الأمنية و القضائية من إجراءات رادعة ضد مروجى خطاب الكراهية،سيكون له،بإذن الله،أثر إيجابي على هيبة الوحدة الوطنية،بإذن الله،و ما ذلك على الله بعزيز.
و قديما قال عثمان بن عفان،رضي الله عنه:”إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن”.
و من الجدير بالذكر أن النظام السابق وظف بيرام ضمن خطة مشتركة، بعد لقاءات معروفة،و ظلت الصلة بين التفاهم و الصدام،إلى أن مكنه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة من الترشح ،بتوقيعات بعضها مفبرك،و اشتكى بعض مستشاريها من دمج توقيعاتهم فى ملف ترشحه دون علمهم!،ثم جاءت النتيجة المستغربة لدى البعض من تفوقه على سيد محمد ولد بوبكر،و بعد حلول النظام الحالي،حاول غزوانى تقريب بيرام،لكن الأخير ظل متمسكا بخطه السياسي،المعروف باتهام الدولة و المجتمع بظلم لحراطين و إقصاءهم و وصف موريتانيا بلابرتيد!.
و رغم حرص الرئيس غزوانى على المزج بين الترغيب و الترهيب النسبي،إلا أن بيرام لم يتراجع علنا و لا ضمنيا عن خطاباته المتنوعة،التحريضية الشاذة ،المثيرة للاشمئزاز،لدى أغلب الموريتانيين،بغض النظر عن انتماءاتهم و مشاربهم.
و لعل طاولة التشاور و المناسبات الانتخابية المرتقبة،كلها من دواعى الحسابات و تقلبات المناخ السياسي،المضطرب أصلا،و المعرض للمزيد من احتمالات الاضطراب و الاحتقان،ما لم تتعزز جبهة الاعتدال و الوسطية فى وجه بعض الأطراف، الضيقة المطعن و الخلفية.
الحلقة (2):
العبودية و الصراع و الهيمنة طيلة قرون طويلة ظلت سببا فى معاناة الكثير من الناس،ليصبحوا أرقاء مملوكين، لدى أمثالهم من بنى جلدتهم،و رغم ما فتح الإسلام من تشجيع أوجه العتق ظلت العبودية و إلى عهود قريبة لوثة لدى بعض المجتمعات و الدول،لكن البشرية اليوم تجمع على رفض الاسترقاق،و الظاهر أن الظاهرة تراجعت عالميا، و فى موريتانيا أيضا، تراجعت و انحسرت،و أضحت محدودة قليلة فى مجتمع البيظان،و ما زالت شبه مقبولة فى مجتمع “اسوانكى”(سرقلات)،و مع ذلك يفضل بعض المناضلين من فئة لحراطين،بدعاوى حقوقية،على غرار حركة بيرام(إيرا)،التركيز على تضخيم الأمر فى أوساط المجتمع البيظاني،و يكاد بعضهم يهلك و يتحسر حزنا و ألما،عندما يحس بقرب تصفية القضية فى أوساط البيظان،و هي كذلك تقريبا،و لذلك أوشكت حجة بيرام و غيره على النفاد،و بالتالى أصبح خطابهم، لا فائدة و لا مردودية معنوية و لا مادية،ترجى منه،محليا و لا خارجيا،لأن الوقائع المقنعة، بوجود حالات ذات بال من الاسترقاق،أضحت مستحيلة الإظهار،بينما يتغاضون عن استفحالها و تخمرها فى مجتمعات أخرى، غير البيظان،حتى أنها عندهم طبيعية و لا تثير أي اشمئزاز، و لا أي حديث، لا فى الخاص و لا فى العام!.
و مهما يكن استعداد البعض للاستمرار فى التناغم مع خطاب الكراهية و التحامل و الأذى، الذى دأب البعض على استخدامه ضد البيظان،فإن مثل هذه الورشات المتطرفة أصبحت مفضوحة ملفوظة و عديمة الرواج،مما دفع بيرام و بعض أشياعه المتطرفين للزاوية،و لم يعد الحماس لمثل هذه الأساليب بنفس الوتيرة السابقة المعهودة،و ساهم الإعلام و الموقف الأمني الرسمي الحالي للتضييق على ممتهنى خطاب الكراهية و المستثمرين فى هذه البضاعة الحقيرة المزجاة،أيا كان مشربهم،و لم تعد بورصة الحديث عن العبودية و الاسترقاق بنفس الطعم و المردود،لا داخليا و لا خارجيا.
و لعل تجربة النظام السابق و الحالي مع بيرام و إيرا،كانت سببا فى تشجيع خطاب عنصري عدواني،و ربما شجعه الغرب و الصهاينة بوجه خاص لخلق أجواء تفرقة مستمرة فى موريتانيا،لتسهيل جني المكاسب السياسية و الاقتصادية من طرف المستثمرين الغربيين،الذين نهبوا ثروات هذا الوطن،على حساب مصالح الساكنة ،و لم يقتصر ربما التأثير السلبي لخطاب إيرا على المنابر الإعلامية، و إنما شجع آلاف الأشباع و الأنصار على الإساءة و الإضرار العام بلحمة المجتمع و تعايشه الإيجابي.
و إن كان الرئيس غزوانى قرب بيرام لتهدئة الوضع و تجاوز أجواء التوتر و الصدام، إلا أن بيرام لم يبدى صراحة و لا ضمنيا، أي تراجع عن خطابه التحريضي،الذى يحتم فحواه تعبيرا صريحا عن التراجع عن بعض مضامينه العنصرية المفرقة بامتياز،و ربما كادت الدولة أن تبارك فعليا هذا المسار المكرس لخطاب الكراهية،لولا ان تحفظت أخيرا عن الترخيص النهائي لحزب الرك .
إن الحملة الإعلامية و الإجرائية الحالية ضد خطاب الكراهية،بغض النظر عن من يصدر منه،توجه ضروري و ملح،عسى أن يردع المتطرفون و يحترم الناس بعضهم بعضا،وفقا لحديثه صلى الله عليه و سلم:”بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم”،و حديثه صلى الله عليه و سلم:”المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده”.
و لا مانع طبعا، من أي مشاركة اجتماعية أو إعلامية أو سياسية، ما التزمت بالأدبيات و القيم الجامعة.