تسلم سيدى الرئيس ولكن ../مولاى ولد عبد الدايم
جراء الحادثة المؤلمة التى تكشفت خيوطها ولم تتكشف ..ثارت تساؤلات كثيرة وطرحت سيناريوهات عديدة ، وافترضت احتمالات شتى وانشغل الشارع الموريتانى كما لم ينشغل من قبل الا فى احداث استثنائية معروفة ومحدودة شهدتها البلاد عبر تاريخها المعاصر ..
فأن يطلق وابل من الرصاص الحى على جسم رئيس الجمهورية وتصيبه ثلاث رصاصات احداها فى الخاصرة واخرى فى الصدر
وثالثة فى الذراع حسب الرواية الاكثر شيوعا فهذا ما لم يحدث من قبل فى المنكب البرزخى لأي من الرؤساءالمتعاقبين وان وقعت حالات يلفها الغموض .. فالاغتيال والشروع فيه حسب عرف الموريتانيين هو آخر ما يفكر فيه المرء ولعل مرد ذلك ومرجعه الاهم تشرب المجتمع الموريتانى للتعاليم الاسلامية وتمسكه بها فقد قال تعالى : (( ومن قتل نفسا بغير نفس فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا )) وقال جل من قائل : (( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها )) ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : ((لزوال الدنيا اهون عند الله من قتل امرئ مسلم)) اما القتل الخطأ فله أحكامه وعقوباته التى تختلف كثيرا عن احكام وعقوبات القتل العمد لكن يحدث ان يتداخلا ويشتبها مما يستدعى سبرا وتحقيقا واستقصاء .. الان ـ والحمد لله ـ يبدو ان حياة الرئيس رغم التعتيم ليست فى خطر وان صحته فى تقدم مطرد , نحمد الله على ذلك لانه رئيسنا ولانه احد ابناء الشعب الموريتانى العزيز ولاننالا زلنا نعلق عليه ـ شفاه الله ـ آمالاعريضة فى السير من جديد على طريق الاصلاح والتغيير الذى انتخبناه من اجله وحسب ان العين لا تخطئ أمارات ومؤشرات انحرافه عنها ولكننا نرجو ان تكون هذه الحادثة العنيفة والماساة الصادمة درسا لا ينسى وعلامة فارقة بين الماضى والمستقبل ,ويتعلق الامر هنا بما تبقى من مامورية الرئيس .. بالامس القريب كنت اتحدث مع احد افراد الاسرة المقربين وكنا نبحث خبر الحادثة فابديت بعض الملاحظات التى تشى بخيبة الامل فخاطبنى محدثى :انسيت يوم سافرت عبر مسافة تناهز ستمائة كلمتر لحضور افتتاح حملة عزيز ؟ فاجبته : لا . لم انس . وللعلم ـ ايها القارئ الكريم ـ فقد قطعت نصف هذه المسافة فى ظلمة حالكة مستحثا المسير المتواصل دونما مساعد عبر طريق الامل الضيق المتهالك المفتوح على كل الاحتمالات والمفاجآت حتى اننى لم اجد وقتا لتغيير ملابس السفر وان كانت ممتازة . وعموما فقد حضرت الى ساحة المهرجان فى عاصمة ولاية لعصابه بعد دقائق محدودة من افتتاح الحملة وانا اؤكد لمحدثى وللقارئ الكريم اننى لم انس ولن انسى ذلك الجهد المضنى الذى بذلته عن قناعة خلال حملتى عزيز حيث صادفت اولاهما وجودى فى ارض الوطن . اما الثانية الاهم والتى اجريت بعدها الانتخابات فقد كنت في الخارج ولكننى اقيم فى دولة تتواجد على ارضها جالية موريتانية معتبرة تمتاز بالتنوع والوعى والفاعلية نعم . بذلت تلك المجهودات كغيرى من الموريتانيين لانجاح عزيز الذى نادى من اول يوم بالمضى قدما على طريق الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد عود على بدء : منذ عدة اشهر كتبت مقالين تفصل بينهما فترة وجيزة اولهما بعنوان (( عدالة لم توزع )) وقد نشر فى بعض المواقع , اما المقال الثانى فهو بعنوان : (( عدالة لم توزع 2 ))وقد ارسلته لبعض المواقع .. تناولت فى المقال الاول عدة نقاط مبينا ان العدالة التى وعد الرئيس ب ))توزيعها )) بادئ الامر لم توزع ومن ذلك : ـ استمرار الفساد واختفاء لازمة محاربته ـ عدم الانصاف فى توزيع الوظائف اتفاقية الصيد المجحفة ببلادنا مع احدى الشركات الصينية ـ وضع شركات التعدين وتنمرها وما يثار حولها من جدل مستمر , لكن الامر الذى لا جدال فيه هو ان نسبة موريتانيا لا تتجاوز 3 % ـ تمكن قرابة الرئيس من مفاصل السياسة والاقتصاد ـ امل 2012 اما المقال الثانى فقد ركزت من خلاله على السياسة الخارجية المترنحة لبلادنا خلال عهد عزيز، ورغم هذا ياسادتى القراء فانا لست من دعاة الرحيل فالرحيل ليس غاية ولا هدفا لذاته لكن الغاية الاساسية هى الاصلاح والتغيير وبعد ان تعود سيدى الرئيس .. بعد عودتك الى ارض الوطن ـ سيدى الرئيس ـ وقد شفيت بشكل نهائي وتجاوزت فترة النقاهة فلا بد ان تعيد النظر من جديد فى تسيير البلاد وريادة العباد وانا اقترح الاجراءات والخطوات التالية من بين اخرى ولكن بشكل عاجل وملح : ـ محاربة الفساد بلا هوادة والقبض بيد من حديد على المال العام وتسييره فيما رصد من اجله اصلا -اعادة النظر فى عقود الصيد والمعادن مع تلك الشركات الاجنبية المقيتة التى تنهب بشكل حثيث ثرواتنا السمكية والمعدنية الهائلة . فلا يعقل ولا يستساغ ان يكون نصيبنا من معادننا لا يتجاوز 3% ولو كانت هذه الشركات (( تنتج)) الرمال عبر فيافى اينشيرى الشاسعة وحسب فلا ينبغى ان يقل نصيبنا عن 50% وما يقال عن شركات المعدن يقال عن شركة الصيد التى اثارت جدلا واسعا على مستويات مختلفة. ـ اصلاح العدالة والتعليم والزراعة وعموم الوزارات والمصالح والمؤسسات العمومية .. ـ الحياد التام والاقلاع النهائي عن التفكير فى المشاركة فى الحرب في شمال مالى فرحم الله من عرف قدره ووقف دونه الاهتمام بالتعليم الاصلي وتشجيع المحاظر والجامعات والمعهد الاسلامية فبلاد شنقيط انما استمدت قيمتها وتبوات مكانتها من خلال العلم الذى نشره علماؤها فى اقطار شتى ـ ابعاد قرابة الرئيس عن التدخل فى كل كبيرة وصغيرة من الشان العام والحد من سيطرهم على مقدرات البلاد وتمكنهم من رقاب العباد العمل على انجاز مشاريع كبرى ومصانع عملاقة من شانها ان توفر بعض فرص العمل لجيوش العطلين المتراكمة من حملة الشادات وغيرهم ـ زيادة الرواتب يشكل يتناسب مع غلاء المعيشة وكثرة المتطلبات وتشعبها بالاضافة الى انخفاض قيمة العملة اصلا وعموما فاصحاب الشان ادرى به (( والله يعلم المفسد من المصلح )) المهم ان تظل جذوة الاصلاح الفعلى متوقدة , وان تبقى ارادة التغيير الحقيقى مستمرة عندها سيظل الشعب الموريتاني راضيا متماسكا ومتضامنا مع السيد الرئيس حتى اذا انتهت ماموريته الحالية انتخبه لمامورية جديدة . والى ان يشفى الرئيس باذن الله قريبا ويعود الى ارض الوطن ليمارس مهامه من جديد وباسلوب مختلف عن ذى قبل فنحن فى الانتظار … يقول لبيد : ستبدى لك الايام ما كنت جاهلا وياتيك بالاخبار من لم تزود ويقول آخر : والليالى فى الزمان حبالى مثقلات يلدن كل عجيب
مولاى ولد عبد الدايم كاتب موريتاني مقيم بالامارات