الوكالة الوطنية لسجل السكان بؤرة من بؤر الفساد/ رأي
يعهد الى الوكالة الوطنية للسجل السكاني و الوثائق المؤمنة بمهام جسام وغاية في الحساسية ،فالى جانب مسك مهام الحالة المدنية التقليدية عهد الى الوكالة بتسجيل كل المواطنين في السجل الوطني للسكان واصدار بطاقات التعريف للمواطنين البالغين، كما عهد اليها بتسجيل الأجانب المقيمين على التراب الموريتانية واصدار بطاقات اقامة لهم، عهد اليها كذلك باصدار جوازات السفر ومن المتوقع في القريب العاجل ان تحال لها كذلك اصدار التأشيرة، البطاقة الرمادية للسيارات و رخص السياقة.
مؤسسة بهذا الحجم ينبغي ان تدار من طرف شخص على درجة عالية من المسؤلية ومن القدرة الفنية والادارية تؤهله لقيادة مؤسسة من اكبر مؤسسات البلد اليوم، لكن للأسف فان الاداري المدير العام لهذه الوكالة لا يتقن من التسيير الا التسير التجاري، وشتان مابين تسيير مؤسسة تجارية وتسيير اخرى عمومية.
ان الاداري المدير العام لهذه المؤسسة العمومية الحساسة يتصرف وكانه فوق كل القوانين دون ان يبالي بالاعتبارات التنظيمية التي تجعل مؤسسته تحت وصاية وزارة الداخلية ولا الاعتبارات القانونية التي تحكم الكل وعلى الكل ان ينصاع لها لكن الاداري المدير العام للوكالة الوطنية للسجل السكاني والوثائق المؤمنة فوق القانون على ما يبدو.
الاداري اشرف على منح صفقات بالتراضي و يشتري من مؤسساته الخاصة فمنذوا انطلاقة اعمال الوكالة الى اليوم يقوم امربيه بمنح الصفقات لشركاته الخاصة و التي تحمل اسماء مختلفة لتقوم بتوريد كل مستلزمات الوكالة من اجهزة ومعدات و اثاث دون ان يكون للجنة الوطنية للصفقات العمومية ادنى علم بما يجري في وكالة امربيه. آخر مشاهد الفساد الذي تجاوزت الحدود هو اعلان الوكالة عن مناقصة من اجل بناء 167 مركز استقبال المواطنين في البلديات الريفية، فقد قام الاداري بتجاوز صريح لقانون الصفقات العمومية باعلانه للعروض على الموقع الخاص للوكالة دون الرجوع للجنة الوطنية للصفقات العمومية واستقباله لملفات العروض وفتحها وانتقاء شركات منها ليست الا شركاته ، بعد ذالك اطلعت اللجنة الوطنية للصفقات على هذا الخرق الواضح و قامت بالغاء المناقصة بشكل نهائي دون ان يتم فتح تحقيق من قبل مفتشية الدولة في هذا الفساد المدبر.
امربيه ينفرد بكل شيء في الوكالة دون ان يكون هناك من يقترح عليه او يناقشه في جدوائية ما سيقوم به، فقد عمل على تعطيل الخطة التنظيمية للادارة وانتقاء ثلاث مدراء من المقربين منه و يفتقرون الى المؤهلات الفنية والادارية الضرورية بل انهم فقط يتقاسمون صفة واحدة هي التي تروق للزعيم: السهر على ارضاء الزعيم وعدم تعكير صفوه وموافقته على كل مايريد حتى ولو كان الواحد منهم مقتنع بعدم جدوائيته. وكالة بهذا الحجم الكبير والمهام الجسام التي اوكلت لها والانتشار الواسع حيث تغطي اكثر من 190 مركز على عموم التراب الوطني مع هذا كله تدار مركزيا من طرف اداري وثلاث مدراء فقط، لو دققنا في كل مهمة من مهام الوكالة نجد انها كانت تدار في السابق من طرف طواقم فنية وادارية كبيرة لكن وكالة امربيه جمعت مهام عديدة من قطاعات مختلفة ويريد زعيم الوكالة ان لا يشرك معه الا تلك الطقمة القليلة التي يستطيع من خلالها تمرير صفقاته المشبوهة وخروقاته القانونية.
يقوم امربيه بالاستغلال البشع لموارد الوكالة البشرية، فالعمال في الوكالة يشكون ظروف العمل الصعبة وتدني مستوى الاجور بالمقارنة مع المؤسسات العمومية الاخرى، يشكون حرمانهم من حقوقهم التي يكفلها قانون العمل والاتفاقيات الجماعية لهم. الوكالة تشغل ما يزيد على الف عامل منهم فقط 80 عامل لديهم عقود عمل اما البقية فتستغل فقط دون عقود تضمن لها حقوقها، يتعامل امربيه مع اطر الوكالة تماما كما انهم عمال في شركاته الخاصة حيث لا عقود ولا حقوق. امربيه اشرف على اكبر عملية اكتتاب من تحت الطاولة شهدها البلد في الفترة الأخيرة فقد قام باكتتاب ذويه ومقربيه في كل مستويات الوكالة فمن بين الف عامل يوجد فقط حوالي 170 تم اكتتابهم عن طريق مسابقة او انتقاء ملفات اما البقية فكلها من تحت الطاولة.
وكالة امربيه هي المؤسسة العمومية الوحيدة التي لا يستفيد عمالها من التمثيل النقابي، فالقانون ينص على حق العمال في انتخاب مناديب عنهم كما لهم الحق كذلك ان يحضر ممثلون عنهم كل اجتماعات مجلس الادارة. العمال في الوكالة متذمرون من التحويلات على اساس القرابة و الزبونية، مستاؤن من ظروف عملهم الغير ملائمة
الوكالة الوطنية للسجل السكاني بؤرة من بؤر الفساد التي ينبغي ان يلتفت اليها رئيس الجمهورية فقد تجاوز امربيه الحدود بعد ان اتى على ميزانية الوكالة التي تزيد على ميزانيات بعض الوزارات وبدأ يعمل على الاستحواذ على مداخيل الوكالة من بطاقات التعريف و جوازات السفر ليمول صفقاته المشبوهة، فإلى متى يا ترى سيظل امربيه يعيث في الوكالة فسادا و فوق كل القوانين وبعيدا عن التفتيش.
محمد سالم ولد سيدي