يا إخوان موريتانيا ماذا أنتم فاعلون؟ (ردا على ولد الوديعة)
قرأت، صباح هذا اليوم، مقالا بشعا للسيد أحمد ولد الوديعة بذل فيه جهدا مضاعفا في اختيار الكلمات النابية والشتائم في حق النائب الخليل ولد الطيب باعتباره أهم رموز التيار الناصري حسب وصفه،كما بذل جهدا استثنائيا في اختيار العبارات الساقطة للنيل من الزعيم الراحل جمل عبد الناصر إلى درجة الخلط عمدا بينه وبين الفريق السيسي.
هذه ليست المرة الأولى التي يتحامل فيها ابن الوديعة على التيار القومي ولن تكون الأخيرة قطعا،أطال الله في عمره، فهي هوايته وديدنه الذي عنه لا يحيد فلا وجود لابن الوديعة،الذي لم يشبه أمه في وداعتها، إلا باغتياب القوميين فهو يقتات على لحمهم(أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه)، صدق الله العظيم. وعندما كان التيار في أوج تقاربه مع الإسلاميين في إطار الحوار القومي الإسلامي الذي سعى القائمون عليه إلى تقليص الفوارق وتقريب وجهات النظر وتسوية الخلافات العالقة لمواجهة المستقبل كان ولد الوديعة يفرق ولا يجمع،يهدم ولا يبني لأنه لا يريد الوفاق ولا الإتفاق..حتى كتب في شتيمة الناصريين مؤلفات وكتب غضضنا عنها الطرف إلى حين. لست هنا للرد عن الخليل فهو قادر على الذود عن حوضه وجدير بإيقاف ولد الوديعة عند حده وفق الآليات التي يتقنها هذا الرجل الذي ،وإن اختلفت معه،فإنك لا تستطيع أن تنكر أنه ذو فضل عظيم على التيار الإسلامي الموريتاني عندما سار بينه وبين القذافي بمساعي خير كان لها كبير الأثر في إفادة قادة التيار على الأقل إن لم يكن معنويا فماديا. لست هنا للدفاع عن ولد الطيب لأنني أعلم أن الدخول بين الإخوة نميمة فهو أقرب لك مني بالتأكيد،وإنما لما وجدت في مقالك من نكاية وشماتة بالتيار القومي،بدأتها بقولك إن “صوت العرب” قد توقفت عن البث ناسيا أو متناسيا إنها سنة الله في خلقه حيث توقفت “صوت العرب” كما توقفت الآن عشرات الإذاعات والقنوات التلفزيونية التي كانت تمثل أبواقا لدعاية الإخوان في مصر..فلكل شيء نهاية. يا ابن وديعة لم أكن أظنك تجرأ على الحديث عن قصة التعلق بأنظمة العسكر المستبدة التي وردت في المقال فهذه تشبه حكاية “الكبش الذي ينبش عن السكين”، فإذا كنت تنقم على القوميين في مصر أنهم وقفوا مع الجيش خلال الأزمة الأخيرة فهل نسيت أن إخوان مصر كانوا خلال سنة كاملة،بعد ثورة 25 يناير، يشكلون الغطاء السياسي والقفاز الشعبي الذي ضرب به المشير طنطاوي غيرهم من التيارات السياسية المصرية المناوئة؟ ألم يكن الإخوان هم أول من ابتكر شعار”الجيش والشعب إيد وحده” نفاقا للجنرالات واعتقادا منهم أنهم سيمكنون لهم في الأرض ويقضوا على خصومهم بمن فيهم القوميون. أكثر من هذا فإن الارتماء في أحضان جنرالات الجيش لم يكن مشكلة القوميين بل مشكلة الإخوان الذين صدعوا رؤوسنا هنا بالمعارضة الناصحة لولد عبد العزيز الذي لم يطلب نصحا منهم وإنما اعتقدوا أنه سيشركهم في السلطة والفوائد والإمتيازات فشقوا صف المعارضة وذهبوا إليه وحدهم وروجوا له ولسياساته وجندوا لذلك الحجة السياسية والدينية حتى ظنناه يستمع لما يقولون وعندما تأكدوا أنه بخيل على حلفائه وأن لا مكان لهم في مقصورة الرئيس غادروا خفافا وثقالا وتحولت الناصحة إلى ناطحة و “الرجل الطيب الوطني”إلى شيطان فاسد لا لشيء إلا لأنه لم يقدم لهم ما اشتهوا ولم يرضخ لإرادتهم في تصفية الآخرين..فهل بعد هذا من ارتماء في أحضان العسكر يا ابن الوديعة؟. إن المعالجة الأمنية التي لجأ إليها جمال عبد الناصر في مواجهته للإخوان المسلمين لم تكن جريمة وإنما ردة فعل على تصرفات الجماعة ضده ..ولمن لا يعلم فإن الإخوان حاولوا اغتيال عبد الناصر أكثر من ثلاث مرات كان آخرها في العام 1967،فهل تعتقد أن من يتعرض لمحاولات الإغتيال المتتالية مطالب بأن يكون حملا وديعا؟ لقد كان بودي،عندما تطرقت لحقبة الرئيس عبد الناصر أن تعترف،ولو من باب الإستطراد، بأنه كان زعيما وطنيا مثل ضمير الأمة العربية والإسلامية وشعوب العالم الثالث في التحرر والإنعتاق من الإستعمار، وأنه وقف إلى جانب الشعوب المقهورة، ونجح في كسب رهانات التنمية في بلده الذي تحول في زمن قياسي إلى عملاق صناعي وعسكري، وأن أبناءه لم يرثوا بعده من عرض الدنيا شيئا. إن التغاضي عن ذلك يعني أنك غير قادر على ممارسة فضيلة الإعتراف بنجاحات الخصوم والمخالفين لرأيك..وإن كان الأمر كذلك فاعلم، وفقنا الله وإياك، أن كون الزعيم عبد الناصر على خلاف مع الإخوان لا يلغي مكانته، ولا مكانتهم والعكس بمنطق الموضوعية الذي يتطلب مني ومنك أن نعترف بخصال من ليسوا في صفنا. وبما أنك محتاج لمن يعلمك ذلك فإنني سأخبرك أنني، رغم كوني أنتمي لجيل القوميين المنبهرين بالزعيم عبد الناصر، فإنني ،من باب الموضوعية،أعتقد أن ما تعرض له الرئيس محمد مرسي ظلم بين لا سبيل لإنكاره وأن انقلاب العسكر على الديمقراطية عمل مدان وجريمة سياسية وأخلاقية مهما كان الغطاء الشعبي الذي وفرته التظاهرات المليونية ليوم 30 يونيو. إن فشل الإخوان في إدارة شؤون مصر كان جليا واضحا، وهو ما دفع ملايين المصريين الجوعى إلى التجاوب مع حملة “تمرد”،ولكن ذلك لا يبرر الإطاحة بهم لأن سنة الديمقراطية تتطلب احترام نتائج صناديق الإقتراع. صديقي وديعة..إن الحديث عن علاقة بين الإخوان وآمريكا وإسرائيل لم يكن فرية افتراها حمدين صباحي ولا محمد حسنين هيكل فالواقع أن حركة الإخوان المسلمين تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى حليف استراتيجي للغرب بصفة عامة، فما سمي الربيع العربي قد قسم العالم العربي إلى فسطاطين أحدهما مقاوم يضم سوريا وحزب الله وحماس مدعوم من إيران والآخر موال لآمريكا مدعوم من أوروبا بالسلاح ومن الخليج بالمال تقوده قطر ويمثل فيه دور الكومبارس الإخوان المسلمون وحلفاؤهم .. وحتى لا ننسى فإن إسقاط نظام القذافي كان بأيدي جنود التيار الإسلامي المدججين بسلاح فرنسا وبريطانيا المدعومين بمال الدوحة وتغطيهم طائرات الناتو..فماذا نسمي هذا النوع من العلاقات؟. إن العيب هنا يا وديعة ليس في الإخوان وإنما في الزمن الذي أرغمهم على تغيير مواقفهم من الغرب باسم المرونة والتكيف مع الظروف..فلقد ارتاحت آمريكا لحكم الإخوان لمصر بعد لقاءات ونقاشات مستمرة مع قادة هذا التيار قامت بها السفيرة الآمريكية في القاهرة وبعض أعضاء الكونغرس بمن فيهم وزير الخارجية الحالي جون كيري،تلقت فيه تطمينات واضحة من هؤلاء القادة بأنهم لن يمسوا إسرائيل بسوء وهو عهد قطعوه على أنفسهم ووفوا به بجدارة في عهد الرئيس مرسي. أكثر من هذا فإن الواقع يقول إن مصر محمد مرسي العياط لم تكن أكثر عداوة لإسرائيل وصداقة للقضية الفلسطينية من مصر المحكومة من مبارك ..ومن منا لا يتذكر وصف نتنياهو للرئيس مرسي بالصديق الحميم. أما العودة إلى تاريخ الإخوان والقول إنهم حاربوا إسرائيل في العام 1948 فهذا لا يعني شيئا ما دامت المواقف تتغير،فأنور السادات هزم إسرائيل عام 1973 في حرب أكتوبر ثم تراجع ليصبح أكبر عملائها. أخي وديعة إن اتهام التيار القومي في موريتانيا بأنه شريك في تصفية الزنوج فهذا كلام رجل ينافق أصهاره،فكل ما قلته مجرد كلام لا حجة فيه ولا دليل..وكما تعلم فأنت لم تقدم لنا بيانا أو خطابا أو موقفا واحدا لأحد رموز هذا التيار دعما أو تبريرا للتصفية العرقية ضد الزنوج..فلنتجاوز هذه النقطة في انتظار تقديمك لحجة لأقارعها بحجة. إن سؤالك لقريبك الخليل :”أين كنت خلال تصفية الزنوج” لا معنى له ولا يقيم الدليل ضد أحد..فأين كنت أنت في نفس الفترة وأين كان التيار الإخواني؟ وهل لك أن تقدم لنا دليلا واحدا ببيان أو موقف منكم ضد تصفية الزنوج. بنفس المنطق يصبح قولك إن الخليل لم يترك الفرصة تمر دون تقديم رسالة ” تأييد ومساندة ” للجنرال محمد ولد عبد العزيز كلاما غير موزون ولا مقفى، فهذه كأختها.. فأنتم،أعني إخوان موريتانيا، كنتم تقدمون رسائل التأييد والمساندة للجنرال ولد عبد العزيز يوم كنتم معارضة ناصحة إلا أن ما قمتم به يختلف عن ما يقوم به ولد الطيب في شيء واحد هو فارق التوقيت بين 2009 و2013. أخي وديعة..إن الشعوب لا تريد بركة أحد وإنما تبحث عن من يحفظ لها العيش الكريم ويوفر لها الحرية والكرامة..ما يعني أن على من يريد أن يحكم مصر أن يدرك أهمية هذه الدولة في العالم العربي، فمصر مطالبة ، بالحفاظ على مكانتها والقيام بأعباء دورها التاريخي في قيادة العرب، وهذا لعمري ما لم يفهمه الإخوان المسلون الذين قطعوا علاقتها بسوريا تعاطفا مع إخوان لهم في سوريا وفي مهاجر أوروبا “ثاروا” ضد بشار الأسد ولكنهم وجدوا أنفسهم في خندق واحد مع آمريكا وإسرائيلفي مواجهة معسكر المقاومة، فهل لكم ،يا معشر الإخوان،أن تسعفوا أنفسكم بطريقة أوعلاج يخلصكم من لعنة تطاردكم في كل زمان ومكان..أعني لعنة العمالة للغرب..فهل أنتم فاعلون؟. أخي وديعة لك مني ومنا كل العذر، فنحن نحس عمق الجرح الذي ينزف فيكم و نقدر معاناتك الكبيرة ومعاناة إخوانك الذين ناموا ليلتهم مطمئنين على أنهم حكام مصر وتونس في انتظار تساقط بقية العروش واستيقظوا على الدنيا وقد تغيرت في لمح البصر ليكتشفوا أنهم فقدوا كل شيء بسقوط مرسي و”تمرد” تونس..ألم أقل لك أن لكل شيء نهاية؟ اللهم لا شماتة.. طيب الله ثراكم محمد ولد شيخنا