ديناصورات قطاع الصحة … و مراحل معركة البقاء..!!
ديناصورات قطاع الصحة … و مراحل معركة البقاء..!!
لا يختلف اثنان على أن أسوء أيام قطاع الصحة في موريتانيا, كان أيام الحزب الواحد, الحزب الجمهوري الدمقراطي الاجتماعي, حيث كان كبار ديناصورات القطاع يناضلون في ذلك الحزب من اجل السيطرة على القطاع و مص دماء المرضى, و لا شك أن من لا تخونه الذاكرة, يتذكر معي أنه حتى سنة 2008 لم يكن في أي من المستشفيات العمومية على عموم التراب الوطني أي جهاز تصوير طبقي ( اسكانير الوحيد في المستشفى الوطني متعطل ) و لا أي جهاز للتصوير بالرنين المغناطسي, بالإضافة إلى غياب أهم الفحوصات المخبرية, كل تلك لأجهزة و المعدات اختفت وغُيّبت من المستشفيات الوطنية, ليتمكن مصاصو الدماء من ديناصورات الفساد من اجرائها في العيادات الخصوصية بمبالغ شيطانية خيالية.
· و في سنة 2009-2010 عند ما قام الرجل الوطني و المهني, الكفؤو النزيه بشهادة كل المراقبين المنصفين و الحياديين, وزير الصحة حينها الدكتور الشيخ المختار ولد حرمه ولد ببانه, و الذي استلم قطاع الصحة العمومي بمشاكله المتراكمة بسبب هؤلاء الديناصورات (تراكمات ثلاثون سنةمن الفساد), قام بثورة اصلاحية شاملة في القطاع و ذلك بتطبيق خطة حكومية متكاملة لإصلاح القطاع خلال ثلاث سنوات.
· و تتمثل هذه الخطة في توفير احدث التجهيزات و المعدات الطبية و أبرام عقود مع الأخصائيين في التخصصات الضرورية لتوفير الخدمات المتخصصة في انواكشوط و في الداخل, بالإضافة إلى محاولة اصلاح القطاع الخاص و فصله عن القطاع العام.
· و هنا قامت قائمة أولئك الديناصورات الفاسدين و لم تقعد, بسبب توفير الوزارة لأحدث اجهزة الفحوصات الطبية في المستشفيات الحكومية و بأسعار تفضيلية في متناول الجميع, فاصبح مثلا بإمكان المواطن اجراء فحص التصوير الطبقي ( اسكنير ) بعشرين الف اوقية بدل من مئتي ألف اوقية في العيادات الخصوصية, متهمين وزارة الصحة بأجراء صفقات مشبوهة, و شنوا حربا اعلامية محمومة حينها على الوزارة في هذا المجال محاولين إسقاط الوزير و بكل الطرق الخبيثة, لأنه تعرض لمصالحهم الضيقة.
· و بعد تجهيز الوزارة للمستشفيات بتلك التجهيزات, بدأت في استجلاب الأخصائيين للعمل على تلك الاجهزة الحديثة, فجن أولئك الديناصورات جنونهم, حتى وصل الأمر بأحدهم إلى أتهام الوزير في اخلاقه عبر وسائل الأعلام, و لاشك أن الأخوة الأطباء يتذكرون ذلك الاتهام السخيف و السخيف جيدا, إذ كيف تجرأ هذا الديناصور على التهام ذلك الوزير, الرجلالتقي, الطاهر, النقي, الصائم و القائم, و الدكتور رمز المهنية و الكفاءة و الاخلاق و الوطنية ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم ان يقولون إلا كذبا ) و لكن حب اموال المرضى الفقراء, اعماهم و ذهب بعقولهم و بأخلاقهم.
· و بعد متابعة الوزير با حسين سياسة الحكومة بتعويض النقص في التخصصات الضرورية, قاموا بالتدخل المافيوي في تلك الاتفاقيات للعمل دون جلب أخصائيين في مجالات معينة, ضاربين عرض الحائط بالمصلحة العامة كعادتهم.
· أما إصلاح القطاع الخاص او فصله عن القطاع العام, فلم يتجرأ أحد عن الكلام فيه قبل هذه السطور…
· و رغم كل ما سبق من نفوذ ديناصورات الرعب, إلا أن لدي أخبار سارة أزفها إلى الرأي العام الوطني و هي أن أولئك الديناصورات تلقوا ضربات مؤلمة و قوية جدا من وزير الصحة السابق ولد حرمة حفظه الله حيث خسروا معركة المعدات و التجهيزات وخسروا حرب استجلاب الاخصائيين و فقدوا السيطرة و الهيمنة على القطاع.
و كذلك بسبب تزايد الأخصائيين الشباب الوطنيين المتحمسين و لمتمردين على الوضع المزرى لقطاع الصحة و الذين اصبحوا الآن يشكلون اغلبية ساحقة و لله الحمد, و استطاعوا السيطرة على السلك الوطني للأطباء, و انتزعوه من الديناصورات انتزاعا, كما انتزعوا منهم بعد ذلك جميع النقابات المهنية, في نفس الوقت الذي تقدم فيه اغلب الديناصورات في السن و تقلصت مردوديتهم المهنية و التخريبية على حدِ سوى, و سنتمكن قريبا من السيطرة الكامل على باقي اوكارهم في المستشفى الوطني و العيادات الخصوصية و غيرهما… بعون الله تعالى.
بقلم: الدكتور محمد ولد أممد