حين لايكون هناك “وجه” لمتابعة ولد أجاي..!؟
كتب سيدي علي بلعمش:
الزمان أنفو- قد يكون لقاء عزيز بولد أجاي نوعا من تخاطر سيِّئِ الصدف (بالنسبة لنا على الأقل) ، لكن لاستمرار علاقتهما (حتى اليوم) و حميميتها ، أكثر من ألف مبرر و أكثر من ألف سبب ..
لم يف ولد أجاي لأي شيء في الوجود مثلما أوفى لولد عبد العزيز و لم يطمئن ولد عبد العزيز لأي خدعة متقنة، مثلما اطمأن لصدق سذاجة ولد أجاي..
العوامل المشتركة بين الاثنين أكثر من أن تحصى: السذاجة، الغرور، الجهل، سوء السريرة، الذل وقت الضعف و التجبر عند التحكم، الإيمان بالخرافة، خفة العقل ، خفة اليد ، عقدة الدونية ، الجبن، الاستفزاز ، عدم الشعور بالذنب ، عدم احترام الغير ، العمل لدنياهما كأن فرصة نهبهما تنتهي غدا و العمل لأخراهما كأنهما يعيشان أبدا (…).
و كأن كل منهما كان يبحث عن الآخر ، التحمت أرواحهما الشريرة في مشروع نهب وطن بلا حراس ، فأظهرا كل مهارتهما الانحرافية و عدم اكتراثهما لما يخبئه القدر..
كانت مهارات ولد أجاي فوق ما يتخيله ولد عبد العزيز .. كانت حتى فوق مهارات ولد أتاه و ولد بايه و امربيه ربو و ولد اوداعة (و اللائحة أطول من أن تحصى).
من أوائل إبداعات ولد أجاي في المجال ، مسرحية “مليارات الضرائب” : يخبر أعوانه ، ضمن عصابة شكلها في إدارة الضرائب، بإعداد ملف لأحد رجال الأعمال أو مؤسسته ( و جلهم ليسوا رجال أعمال و بلا رؤوس أموال أصلا، و لا يفقهون أي شيء في المجال و متحايلون على الضرائب و الماء و الكهرباء و مزورون و ضالعون في عشرات عمليات الغش و تبييض الأموال …. )، فيحرر أعوانه رسالة إلى المعني ، على خلفية ملف ملفق بمهارة، بدفع مبالغ بالمليارات ، خلال أجل مسمى ، لا يتجاوز عادة ما يحتاجه ولد أجاي لاستلام تعويضات مهمة تدخله المصممة بإحكام (…).
يأتي التاجر مذعورا إلى ولد أجاي ، فيستقبله بالترحيب الماكر و يتعهد له بكل تودد ، بما تخول له صلاحياته من تسهيلات و يطلب ملفه على الفور . و يبدأ فصل التدقيق، في المسرحية : يقلب أوراق الملف يمينا و يسارا ، يتظاهر بالتدقيق هنا و بالتشكيك في هذا و عدم فهم قضية هنا و الحيرة من أخرى هناك …
يستدعي “الخبير” الذي أعد الملف (أمام الزبون الغبي) ،
و تبدأ محاكمة “الخبير”
– “هذا يحتاج توضيحا أكثر..
– هذا تنقصه بعض الأدلة ..
– حاول أن تتجاوز هذا “لضيفنا”..
– خذ المف، أنظر كل ما يمكن تجاوزه بأي طريقة وأعده إلي في أسرع وقت…”
يعود التاجر مرتعدا في موعده ، فيجد ولد أجاي حول المليار و نيف إلى مائة و ثمانين مليون؛ مائة مليون للضرائب و ثمانين مليون نسبة من المبلغ الأصلي (للمحصلين، على طريقة ولد بايه بالضبط : “متليت أنا….” ) ..
يعود التاجر بفرحة من نجا من ضربة قاتلة على الرأس من ولد عبد العزيز (أي لا ينفع الجاه و لا القانون في التخلص منها) ، بواسطة الشاب ، الخبير ، الخلوق ، الشجاع ، ولد أجاي: “سألتني بديلة عن أبيها…”
هكذا استغل ولد أجاي جبن و جهل التجار ، فكان أكثرهم يكيل له المدائح ، معتبرا تدخله دينا لا يعرف كيف يسدده..
و هكذا استغل عصا و جهل عزيز و كذبة “الحرب على الفساد” ، في إرهاب التجار و التحايل عليهم..
جل عقارات الدولة كانت مسرحية بيعها من إخراج ولد أجاي : كيف يشتري شخص لا أحد يعرفه بلوكات أو مقر الموسيقى العسكرية ، بعدة مليارات ، من دون مساءلته من أين له هذا ؟ هل يمكن أن يملك أحد مثل هذه الثروة من دون أن يدفع يوما أي ضريبة؟
إذا تم اليوم استدعاء هؤلاء الأشخاص و إلزامهم بدفع ضرائب هذه المبالغ (بأثر رجعي) ، ستنكشف حتما كل حيِّل ولد أجاي ، ليفهم الجميع من هو حقا ..
انضم ولد أجاي إلى مغارة علي بابا، بلا بيت و لا سيارة و لا حساب مصرفي و لا جاه و لا سمعة و لا “اعتبار”، فماذا نحتاج اليوم لتأكيد تلصصه ، حين أصبح من أكبر أثرياء البلد ، بقصور في البلد و في إسبانيا و أرتال من السيارات الفارهة (ما كان راتبه طيلة توزيره يكفي لشراء واحدة منها) ، و حسابات في جل البنوك و أنشطة غامضة تديرها أسماء بلا ماض في عالم المال و الأعمال؟
يكفي ولد أجاي إجراما في حق هذا الوطن و أهله، ذلك العدد الهائل ممن وظفهم في وزارة المالية من أقاربه و مقربيه ، ممن لا تحتاج الإدارة أي منهم ، لا لخبرته و لا لشغور الوظيفة التي احتلها و لا لأي مبرر آخر..!؟
حين سجل ولد أجاي مكالمات و أوامر “تأبط نهبا” للاحتماء بها ، كان يعرف أنها عمليات نهب يمنعها القانون ، فإذا كان يعتقد أن صدورها من عزيز يمنحها أي وجه شرعي فهو جاهل و إذا كان يعتقد أن القانون يستثنيه من عدم حماية المغفل ، فهو أكبر مغفل..
ما نطالب به اليوم في حق هذا اللص المحترف ، هو أن يتم “رد الاعتبار” له بكل عدالة و إنصاف : أن يكرم و يعاد إلى وزارته مبجلا، إذا كان يستحق التكريم و التوظيف و أن يحاسب و يسجن ، إذا كان يستحق مصادرة الممتلكات و السجن.
أما أن يرد له الاعتبار على طريقة “العائدين” (في المغرب) ممن لم تطأ أقدامهم أرضه من قبل ، تماما مثل “اعتباره” الذي لم يكن يوما، فهذا أمر لا يستقيم :
– نريد فقط أن يتجرأ ولد أجاي و يطلب أمامنا رد الاعتبار له..
- نريده فقط (و سنصدقه)، أن يقدم لنا إحصاء لممتلكاته بعد خروجه من مغارة علي بابا ..
-
نريده فقط ، أن يقول لنا بكم اشترى قصره في جزر الكناري و إذا صدق (و هو كذوب) ، فليعلن استعداده لبيعه بضعفي المبلغ ..!؟
إن جراءة ولد أجاي على الظهور اليوم و محاولة عودته إلى واجهة الساحة ، إساءة إلى بلدنا و كرامة شعبنا.
و على من يحاكمون ولد عبد العزيز و يبرئون ولد أجاي ، أن يعذرونا إذا حكمنا على ما يقومون به بالعمل المسرحي الرديء نصا و إخراجا : فحين لا يكون هنا “وجه لمتابعة” ولد أجاي ، لن يكون هناك آخر بكل تأكيد و بالمنطق البسيط ، لإدانة ولد عبد العزيز..
- فهل يُعَلِّمُ القضاء هنا مسبقا ، طريق الحل التفاوضي مع ولد عبد العزيز؟
-
هل يستدرجنا القضاء هنا، للاستعداد لأي حل ، حتى لو كان يجعل “لا وجه لمتابعة ولد أجاي”؟
-
هل هو اختبار للرأي العام ، لرسم حدود الممكن و غير الممكن ، في قضية لن نقبل فيها بأقل من مصادرة منهوبات البلد و سجن أبطال جرائم الاستباحة المطلقة ..
لكن أيضا و أيضا، ماذا يبقى من القضية، إذا لم يكن هناك وجه لمتابعة ولد أجاي؟؟؟
و أين ألقت أم قشعم رحل مأساتنا ، إذا كانت القضية أصبحت “كيف نرد الاعتبار” لولد أجاي؟
من أين اكتسبت هذا الاعتبار يا ولد أجاي حتى تطالب باستعادته؟
ماذا يمكن أن يخجل ولد أجاي في هذا الوجود؟
متى يتثلج الماء في أرضنا ؟