هل تصبح منطقة انواذيبو الحرة قاطرة الاقتصاد الوطني؟
تبدأ يوم الأحد 5 اغشت 2013 الشركات الوطنية والدولية في التسجيل لدى منطقة انواذيبو الحرة التي أنشئت بقرار اعتبر من أشجع القرارات التي تم اتخاذها منذ استقلال الدولة الموريتانية.. أنجزت الدراسات وأعدت القوانين ليتم إطلاق المشروع في ظرف قياسي، بفضل اختيار الرئيس الإطار المهندس اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا والطاقم المتميز الذي يعمل معه ليل نهار من أجل تجسيد هذا الحلم الذي كان حتى وقت قريب بعيد المنال..
موقع “الزمان” الالكتروني ـ بالتعاون مع وكالة أنباء الساحل ـ بذل جهدا كبيرا من أجل تسليط الضوء على هذا الحلم الذي لاشك أنه إذا ما حقق أهدافه سيكون بمثابة “قاطرة للإقتصاد الوطني” ..
هل أصبحت منطقة انواذيبو الحرة واقعا بعد ان كانت حلما؟!..وهل بدأ المواطن يقطف ثمارها بالفعل؟. أسئلة ضمن أخرى باتت تطرح نفسها أكثر من أي وقت مضى، نحاول من خلال هذا التحقيق البحث لها عن إجابات شافية.
أقيمت منطقة انواذيبو الحرة في مركز رئيس لخطوط التجارة الدولية، حيث الحاجة ماسة إلى تموين السفن وإقامة المخازن وتفريغ وإعادة شحن السلع العابرة، وذلك من أجل جذب التجارة الدولية العابرة وجلب الاستثمارات الصناعية..
وتعتبر منطقة انواذيبو متميزة مقارنة مع المناطق الحرة الأخرى في العالم من حيث الأهداف والمساحة وأماكن الإقامة و الامتيازات الممنوحة لها. ومن المتوقع أن لا تكون مجرد أماكن للتخزين وإعادة التصدير بل تتطلع إلى أن تقدم العديد من الخدمات في مجال الصادرات أو الصناعة.
وعلاوة على تثمين الإمكانات الساحلية التي يزخر بها البلد فإنها تستجيب أيضا للمتغيرات الإقليمية والعالمية الجديدة التي ترفع من شأن المنافسة الاقتصادية، حيث من المتوقع أن ترفع من نسبة إنتاجية عناصر الإنتاج وحجم الاستثمار والتجارة البينية فضلاً عن تنوع النشاط الاقتصادي و توفير فرص عمل وزيادة معدل نمو الدخل القومي.
وهكذا، فإن القرار الرئاسي بإنشاء منطقة حرة في انواذيبو هو قرار صائب شجاع ـ برأي الكثيرين ـ من الناحية الاقتصادية والسياسية وكذا السيادية، إذ سيعكس وجها حضاريا آخر للمدينة في القريب العاجل، ووجها اجتماعيا جديدا وثقافة اقتصادية جديدة للبلد في القريب الآجل. كما سيخلق فضاءً للمحاكاة في مجالات الحياة المختلفة من خلال الاستفادة من التجارب الإقليمية والعالمية في مجالات الصناعة الكمالية والغذائية.
ولاشك أن المزايا الطبيعية التي يتوفر عليها خليج انواذيبو من مناخ ملائم هي الأخرى سيكون لها الأثر البالغ في نجاح هذا المشروع حيث الطقس لطيف على مدار السنة وكذلك جودة وتنوع المناظر الطبيعية (البحر- الصحراء)، و أعماق بحرية مستقرة وأجراف بحرية متميزة، ومثيرة للاهتمام ،و مناطق عذراء غير ملوثة و مصايد للسمك استثنائية.
وتعتمد الرؤية الإستراتجية إضافة إلى ما سبق على دعائم قائمة ذات إمكانات كبيرة مثل التعدين وصيد الأسماك و السياحة. كما أنها ستمكن من تيسير حلول الطاقة على المدى المتوسط.
وتتجلى الأهداف المقصودة من بين أخرى كثيرة في :
ـ تشجيع تنمية القطاع الخاص في انواذيبو
ـ تطوير البنى التحتية في منطقة انواذيبو
ـ تشجيع تنمية منطقة انواذيب لتكون قطبا للمنافسة ومركزا إقليميا من الدرجة الدولية
ـ خلق فرص عمل جديدة وتحسين الكفاءات المهنية للعمال الموريتانيين
ـ دفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية لموريتانيا من خلال تطبيق إطار قانوني ومؤسسي مؤات ومنسجم مع أهداف تنمية المنطقة عبر الوصاية المباشرة لرئيس الجمهورية، وهيئات تنفيذية تتمتع بسلطات واسعة مع فصل الوظائف غير المتجانسة، وكذا تحويل مناسب للصلاحيات الترابية والوظيفية.
لقد كان مفهوم المنطقة الحرة موضوع العديد من الدراسات ومطلبا شعبيا وحُلما رسميا منذ عهد بعيد بغية جلب الاستثمارات و خلق فرص العمل والنهوض باقتصاد مدينة انواذيبو، بعد أن ظلت لعقود في عزلة تامة، محرومة من التنمية؛ فإذا بمدينة انواذيبو، بعد الوقوف على حجم مستوى المؤهلات للمدينة الاقتصادية، تحظى بالقرار الشجاع الذي يقضي بإنشاء تلك المنطقة، وهو قرار يدخل ضمن إطار التنمية المتوازنة التي تتبناها الحكومة الحالية والتي تعمل على تنمية البلاد بشكل متوازن ومنصف لمختلف المناطق.
وبذا فقد أقدمت السلطات المحلية بعد تأكيدات شجاعة من الرئيس محمد ولد عبد العزيز في العديد من اللقاءات أن انواذيبو جزء من هذا الوطن و أنها منطقة مستقرة و آمنة و بالتالي ينبغي تحقيق حلم انواذيبو المنطقة الحرة على اعتبار أنها بوابة مفتوحة مؤهلة وجاهزة لجذب الاستثمار و استقطاب رؤوس الأموال المحلية و الأجنبية عبر ما تقدمه من مزايا و حوافز وتسهيلات للمشاريع التي ستقام بها.
فالرؤية المستقبلية حول جعل انواديبو منطقة حرة ومركزا عالميا وإقليميا لجلب الاستثمارات يتماشى وسياسة الحكومة في سبيل تنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطنين حيث سيتم التركيز على استقطاب مشاريع حيوية في مجال الخدمات اللوجستية والتخزين وإعادة التوزيع و العديد من المشاريع الأخرى ذات القيم المضافة للاقتصاد الوطني.
رئيس السلطة: المنطقة الحرة تجسيد لرؤية تنموية
وحسب رئيس سلطة منطقة نواذيبو الحرة المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا فإن من شأن المشروع أن يحول نواذيبو إلى” قطب تنموي حيوي ومركز تجاري عالمي” بفضل جلب استثمارات هائلة ونمو الأنشطة الاقتصادية وتطور القطاعات الأخرى تطورا ملفتا ولاسيما قطاعات الصناعات والصناعات التحويلية والتجارة والسياحة والخدمات. واعتبر أن هذا المشروع “ليس مجرد إنجاز اقتصادي فحسب، وإنما هو تجسيد لرؤية تنموية جديدة تقوم على الاستغلال الأمثل لقدرات البلاد وموقعها الاستراتيجي بصفتها جسر تواصل ضروري بين شمال إفريقيا وغربها وبين إفريقيا وأوروبا الغربية وأمريكا”. وأشار إلى أن المشروع يهدف كذلك إلى توفير المناخ الملائم لاستثمار القطاع الخاص الوطني والأجنبي من خلال القوانين والتشريعات والنظم الضرورية وباعتماد سياسة ضريبية ملائمة وإعفاءات جمركية وتسهيل شروط ومعاملات الضبط الإداري مع التزام صارم بمعايير الشفافية والنزاهة والإنصاف بين مختلف الفاعلين. وفي هذا السياق تم إحداث شباك موحد مكلف بجميع الإجراءات المتعلقة بإقامة الشركات المعتمدة في المنطقة الحرة من تأشيرات ورخص عمل وتصاريح ورخص مرتبطة بأنشطة تخضع للنظم الخاصة وغيرها. ومن المقرر أن يتم تحديث موانئ نواذيبو الأربعة وهي ميناء “نواذيبو المستقل ” و” ميناء الصيد التقليدي” و “الميناء النفطي” و “الميناء المعدني” وهي موانئ ينتظر أن تكون عنصر دعم قوي للمنطقة الحرة في ضوء الوضع الجديد لإدارة هذه الموانىء والمتمثل في إخضاعها لسلطة نواذيبو الحرة.
مدير عام الشباك الموحد: بدأنا من حيث انتهى الآخرون
ويرى سيدي ولد دومان مدير عام الشباك الموحد بالمنطقة الحرة أنها” مشروع عملاق بالغ الأهمية سيكون قاطرة الاقتصاد الوطني عند نجاحه” مشيرا إلى” أنه كان حلما يراود كل من حكم موريتانيا إلى أن اقتضت حكمة الرئيس محمد ولد عبد العزيز وعزيمته وتصميمه أن يرى المشروع النور” مؤكدا أنه” مشروع ناجح سيؤتي أكله ..بفضل الموقع الممتاز بإطلالته على المحيط الأطلسي، وقربه من أوربا وإفريقيا..” وعرَّج ولد دومان على مقومات انواذيب مبرزا أنها” مقومات كبيرة: من قَبِيل الموقع الجغرافي، والمحيط الجيد، والمناخ الملائم، والواجهة البحرية المفتوحة، والامتدادات التي لا حدود لها”.
وقال ولد دومان متحدثا عن الدراسة التي سبقت إقرار المشروع” عندما شرعنا في الأمر درسنا إخفاقات الآخرين، وبدأنا من حيث انتهوا: فلدينا البنى التحتية، والقانون المنشئ للمنطقة الحرة متميز ومتطور جدا لا وجود لنوعه، ولدينا أيضا انفتاح ودقة في التسهيلات: كالإعفاء من جميع الإتاوات حتى الطوابع الجبائية، وهو ما ليس موجودا في أي منطقة أخرى، فعند التسجيل تُعفى المؤسسة أو الشركة: لا جمركة، لا ضريبة، ولديها حرية تحويل الأموال والارباح كيف شاءت”.
“وبالتالي- يضيف ولد دومان- فإن الارادة السياسية القوية واختيار رئيس مناسب للسلطة ذي تجربة في المشاريع ذات النفع العام وأطر أكفاء ثم الدراسة المعمقة بما فيها دراسة تهيئة المجال والاستثمار العقاري التي أنجزت في 3 أشهرـ بدلا من سنتين ـ على يد أكبر مكتب دراسات فرنسي عبّأ لها 2700 خبير في كل المجالات عملوا ليل نهار في شتى المجالات ( العمران، الهندسة، المعلوماتية…) كل هذه العوامل مجتمعة أبرزت منطقة انواذيب الحرة في لَبوس يضاهي أكبر منطقة حرة موجودة في العالم( جزر موريس)”.
وأعلن مدير عام الشباك الموحد أنه” تم توقيع بروتوكولات مع مختلف القطاعات الحكومية تحل بموجبها المنطقة الحرة محل تلك القطاعات وذلك طبقا للقانون 01/2013 ” وأن” الجانب الذي تم الاعلان عنه حتى الآن والذي هو أول نتيجة عملية: يتمثل في حرية استيراد المواد باستثناء 9 مواد ينص عليها الملحق ب من القانون المذكور” ومن شأن ذلك يضيف المدير العام” أن يخفض الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 24 إلى 40 في المائة”.
ونبّه سيدي ولد دومان إلى أن” السوق في المنطقة الحرة يقوم يتنظيم نفسه” .
وأعلن مدير عام الشباك الموحد أن من النتائج العملية أيضا أن ” المؤسسات القائمة والتي ستنشأ حديثا يتم تسجيلها بغير اعتماد، لكن بوثائقها التقليدية، وبمجرد تسجيلها تعتبر معتمدة وتستفيد بالتالي من كل الاعفاءات التي يتيحها نظام المنطقة الحرة”.