عندما يتكلم رئيس الجمهورية في المحظور عرفيا!!
كتب أ.المرابط محمد لخديم
الزمان أنفو ـ في مقال بعنوان: العنوسة تجتاح موريتانيا وتدفع النساء نحو القبول بتعدد الزوجات!!، نشر في القدس العربي للندنية استشهدت فيه المجلة بمقالات كنت قد نشرتها سابقا بعناوين مختلفة: عندما تطالب المرأة الموريتانية في المحظور عرفيا!! نشر في موقع وكالة المرأة الاماراتي: وهل دفعت المرأة الموريتانية ثمن حريتها النسبي ؟! وهل يصلح النساء ما أفسده الرجال؟!
قبل الكتابة في هذه المواضيع اتصلت بكاتبات موريتانيات وشجعتهن على الكتابة في هذه الامور التي تخصهن.. ولكن قوة العرف الجمعي للمجتمع والعادات والتقاليد منعتهن من كتابة قضايا مثل العنوسة والزواج والمهور والطلاق!!
بعودة مبرمجة الى خلاصة المقالات السابقة نرى أن المرأة الموريتانية معززة مكرمة في مجتمعها وهذه المكانة جعلتها تنفرد بخصوصيات لا تتمتع بها نظيراتها من النساء العربيات، فهي محظوظة في كون الطلاق لا يعد انتقاصا منها، فمثلاً عندما تطلق المرأة عادة ما يكون هذا الحدث في البلاد العربيَّة مأساويا، بينما في موريتانيا يحدث العكس حيث تحتفل المرأة المطلقة عموما، وكأنه تعبير عن أن ما حدث ليس انتقاصا من كرامتها ولا امتهانا لها، بل أكثر من ذلك قد تطلق عدة مرات ولها الحق – اجتماعيا – في مغادرة بيتها والعودة إلى بيت أهلها، وهذا ما يؤدي بالزوج إلى الذهاب إليها واسترضائها لأن غضب النساء أو الإساءة إليهن ليست من المروءة أو كرم الخلق الذي تفرضه العادات والتقاليد الموريتانية.
كل هذا، ، لم يمنع مئات الموريتانيات من المطالبة بإيجاد حل لمشكلة العنوسة ضاربات عرض الحائط بكل التقاليد والأعراف التي يمليها المجتمع مؤكدات على ضرورة تدخل رئيس الجمهورية شخصيا لحل هذا المشكل الذي بات يؤرق مضاجعهن بل أكثر من ذلك نشر صورهن على الشبكة العنكبوتية ومطالبتهن بتعدد الزيجات في مجتمع محافظ كانت المرأة تتجنب تسمية الرجل فيه باسمه متخذة ما يسمى بشعر النساء أو (التبراع) للبوح عما يجول في خاطرها من الحب!!
وزاد الفساد واستفحل والمجتمع ضاع وترهل !!
والسبب هو عدم معالجة الأسرة الإعلامية والدولة والعلماء والوجهاء لهذا الداء العضال المنتشر في المجتمع، ولا أدل على هذا من لجوء النساء الموريتانيات إلى مواقع التواصل الاجتماعي كملاذ للبحث عن عريس من خارج جبة التقاليد وانتشار السرية بشكل كبير!!
الكلفة الباهظة:
ان المجتمع الموريتاني اخترع نظاما اجتماعيا متكاملا قاعدته القبيلة. وقد نشطت المهارات الإبداعية في هذا المجال فاخترعت ضمانات أخلاقية، واجتماعية، للحيلولة دون تلاشي هذه العادات بينها ارتفاع المهور، وتكاليف حفلات الزفاف، والأثاث، وارتفاع أسعار الذهب والعقارات والشقق السكنية، وغيرها من متطلبات الزواج،
فعبارات: ابن فلان، ومن قبيلة كذا وعبارات (وخْيراتْ، ووْرخَستْ) أخذت بعدا جديدا في العرف الموريتاني ولعل كلمة (وخْيراتْ) لما تبعثه في شخصية الموريتاني هي الدافع الأساسي الذي حمل المجتمع على عدم التنكر لهذه العادات، وهذا ما يفسر وجود عدد كبير من الناس في بيت كل موسر من سكان المدن الموريتانية، وقد يصل الأمر إلى حد تضرر الشخص ماديا وأدبيا بسبب التكاليف الباهظة التي يجرها عليه تواجد هؤلاء حوله. ومع ذلك تأبى عليه تلك الروابط أن يبدر منه أدنى تبرم، لأن ذلك يعتبر ضعفا في المروءة وروح الشرف (أمْحيلي).
إن روح الشرف المرتبط بقيم البطولة والإباء والحكمة هي الدافع إلى التضحية لصالح المجتمع والباعثة على التنافس الخلاق ( التفاييش) وهذا الأخير أخذ في وقتنا الراهن شكلا سلبيا بحيث إذا اجتمعت جماعة من الناس من طبقة اجتماعية معينة، في السعي لتحقيق غاية، واستطاع أحدهم أن ينالها، فإن الأفراد الآخرين سيستسهلون الصعب حتى يفعلوا مثله. وهذا مايفسر التباهي بغلاء المهور الغير مسبوق وتبذير الأموال الذي قد بصل أحيانا الى عشرات الملايين !!
وهذا لا ينسينا الجانب السلبي للتصرف النابع من هذه الروح، ذلك الجانب المتمثل في عناية مفرطة بالمظهر…
إن فكرة ضرورة الظهور بمظهر (الند) أو المثل جعل كثير من الناس يعيشون فوق طاقتهم. تصور: شباب وشابات في عصر الزهور هم الواحد منهم هو:اقتناء آخر موديلات السيارات والموبايلات والسهر طول الليل حتى أنهم استبدلوا ليلهم نهارا ونهارهم ليلا…
متمسكين بعادات وتقاليد أوجدها العرف أصلا أكثر من تمسكهم بتعاليم دينهم، مع أنها تتنافي مع الحياة الحضارية والدين!!
ونحن إلى جانب هذا غير مقتنعين بها، لكن الخوف من النقد، والخروج من المألوف، وما تواضع عليه المجتمع، هو الذي يجعلنا نرضخ لها..
وهناك طابور ثالث متحكم لا هو أنثى ولا ذكر.. يشحذ همم هؤلاء نحو مزيدا من الضياع إلى عالم المجون…
وقد تولد عن هذا كله صورا إدراكية وقيما ونماذج سلوك جديدة أبطالها: الشخصيات السينمائية، ونجوم الموضة، ومقولاتها: المغامرة، والحرية الفردية، وغاياتها: الحياة والسعادة، والمتعة…الخ
وهذه الصور ونماذج السلوك أضحت من مكونات تفكير شبابنا الذي ينشد لدى كتابه ومفكريه مستوى من المبادرة والجد والإخلاص, ولونا من الكتابة المباشرة التي تعيش عصرها وأفكاره وتطلعاته, فإذا هم لا يزيدون على مضغ حكايات الأولياء, واجترار بضعة خيالات محلقة في سموات التيه, ومجابهة الواقع الصارخ الملح بما يميعه في وعى الجماهير, ثم يسرح بها بعيدا بعيدا, في أحلام الماضي وتصوراته..لينشغل ببيان الانجازات التي حققها السلف بدل البحث عن وسائل تمكن من تطوير ما قدم الأجداد..
والمتضرر الأول والأخير في هذا كله هي المرأة الموريتانية مربية الأجيال…!!
والحل الأمثل هو اللجوء للزواج الجماعي لمساعدة الشباب على إزاحة العوائق التي تقف أمامه اذا أراد أن يتزوج، مثل غلاء المهور وإيجار المسكن وتكاليف حفلة العرس. وقديقوم بهذا رءيس الجمهورية او وزارة الشؤون الاسلامية او الجمعيات الخيرية الاخرى كما هو الحال في الدول العربية والاسلامية…
وللزواج الجماعي أهمية كبرى في إقبال الشباب على الزواج بل والحد من عنوسة النساء، وتوفير المال على المتزوج، وعدم الإسراف والتبذير في الولائم…
وصيغته هي تزويج أعداد من الشباب لعدد مماثل من الشابات، بهدف تكوين أسر جديدة تسهم في نماء وتطور المجتمع.. وهذه فكرة للتخفيف من التكاليف الثقيلة والباهظة الموضوعة على عاتق الموريتاني الراغب في الزواج..
ان غلاء المهور والتنافس والتفاضل جعل الكثير من الشباب الموريتاني يعزف عن الزواج بموريتانيات واستبدالهن بأجنبيات أو عدم الزواج مطلقا ما قد يتسبب في الكثير من الأمراض الاجتماعية كاللجوء إلى الرذيلة وغيرها.
لكن توجه الدولة الأخير وعلى رأسه قرار رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني الذي يقتضي بالتوعية الواسعة من اجل الحد من ظاهرة غلاء المهور وقبله وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، التي حثت أئمة المساجد، لتوحيد خطبة الجمعة حول “الحكم الشرعي في مغالاة في المهور والإسراف في حفلات الزواح..
لاشك أن كل هذا سيعطي أملا واعدا لطالبي الزواج من الجنسين بغد مشرق أو على الاقل معالجة الموضوع واعطاءه الاهمية التي يستحق بعيدا عن العرف الذي يعتبر مجرد الكلام فيه من المحظورات!!