لتعذرنا المغرب والجزائر/سيدعلي بلعمش
الزمان أنفو- حرب الصحراء نزاع عبثي بلا حل (في أفق الخمسين عاما القادمة على الأقل) ، يتحول يوما بعد يوم إلى صراع مغربي جزائري بلا سقف:
مغربيا، كانت حرب الصحراء غاية في حد ذاتها ، فمنذ اندلاعها حتى اليوم لم تحصل أي محاولة انقلاب على العرش، بعد حصول الجنرالات على نصيبهم من الكعكة ..
و كانت لجنرالات الجزائر مآرب أخرى ، هي ما سهلت بقاءهم في الحكم حتى الآن رغم وعي الشعب الجزائري العنيد و استعداده للتضحيات من أجل حريته و كرامته..
لا أذكر هذه الحقائق للإساءة لأي من قيادات البلدين و لا للإساءة إلى الشعب الصحراوي بطرفيه، لكنها أصبحت ضرورية لإقناع شعبنا و حكومتنا المتضررين من هذا الصراع بلا سبب وجيه، بأن علينا أن نخرج نهائيا من تجاذبات هذه القضية و تعقيداتها المفتعلة و الطبيعية ..
على المغرب و الجزائر الشقيقتين أن تُخرجا موريتانيا من فضاء صراعهما العبثي..
على النظام الموريتاني أن يكون أكثر وضوحا مع البلدين في هذا الموضوع : لسنا طرفا في هذا الصراع العبثي و لسنا مستعدين دينيا و لا أخلاقيا للمشاركة في ما نعتبره جريمة في حق كل شعوب المغرب العربي المحكوم عليها بالعداء و ما يتولد عنه من تخلف عن الركب بسبب هذا النزاع المؤسف بكل أبعاده المخجلة..
لا يمكن لموريتانيا أن تكون طرفا في هذه القضية إلا بما يغضب المغرب و الجزائر معا، فاتركونا لحالنا .. اتركونا لتنازلنا عن حقنا التاريخي .. اتركونا لهروبنا من سفك دماء مسلمة لا تبيحها الأطماع و لا الكبرياء..
اتركونا لخجلنا من مواقفكم ، من مبرراتكم الأقبح من كل ذنب ..
ربما تكونان البلدين الأهم في المنطقة ؛ ليس في ذلك ما يزعجنا و لا ما نغار منه و لا ما نتمناه : يكفينا شرفا أن لا نكون طرفا في نزاع لا يشرف أي عربي و لا يرضي أي مسلم ..
- نعرف جيدا عكسكما تركيبة كل طوبة في الصحراء ..
- نعرف – و تعرفونها جيدا – كل وديانها و سهولها أكثر منكم جميعا..
- نعرف عكسكم جميعا ، الجد العاشر لكل أسرة صحراوية ..
- تؤلمنا عكسكم جميعا ، كل صرخة
أمرأة صحراوية مقهورة.. - تخجلنا عكسكم جميعا ، استباحة عرض أي طفلة صحراوية ..
لكن ، لن نعتذر لغير التاريخ ، عن موقفنا التاريخي ..
لن نتنازل عن حقنا لندعم لا حقكم، فاتركونا لخجلنا .. اتركونا لصمتنا.. اتركونا لمأساتنا..
لا ترغمونا على أن نكون طرفا في نزاع لا يمكن أن يكون لأي منكما فيه ناقة و لا جمل ، إذا تكلمنا..
اركبوا رؤوسكم .. اركبوا مصالحكم.. اركبوا كبرياءكم .. اركبوا شعوبكم .. اركبوا أكاذيبكم .. اركبوا دعايتكم المشفقة ، لكن اتركوا الشعب الموريتاني..
لا تربطوا أخوتنا الهشة بالمشاركة في آثامكم ..
لا تشترطوا علينا لأننا الأقوى بموقفنا التاريخي الأجمل..
لا تزايدوا علينا ، لأننا لسنا من تعذبه عقدة الذنب..
و تذكروا.. تذكروا.. تذكروا ، هذا ما سيحدث دائما إذا أرغمتمونا على الكلام .