حركة Metoo#.. كيف هزّت العالم؟
الزمان أنفو ـ تحوّلت حركة Metoo# (مي تو، أو “أنا أيضاً”) إلى ما يشبه ثورة اجتماعية بعدما أجبرت العالم على الالتفات إلى قضايا التحرّش والاعتداء الجنسي التي تواجهها النساء يومياً، بحسب وكالة “فرانس برس”.
بدأ الأمر بتغريدة في 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، حين دعت الممثلة الأميركية أليسا ميلانو النساء لمشاركة تجاربهن مع التحرّش الجنسي باستعمال وسم #Metoo. خلال عامٍ واحد، استخدم الوسم أكثر من 19 مليون مرة، وفقاً لمركز بيو للأبحاث، ما دفع قضية الاعتداء الجنسي إلى قمة جدول الأعمال العالمي.
استفادت الحركة في صعودها من عقود من النضال النسوي، حتّى عبارة “أنا أيضاً” كانت من ابتكار الناشطة تارانا بيرك، قبل عشر سنوات، خلال عملها في جمعية خيرية تستهدف الناجيات من الانتهاكات الجنسية.
اشتعلت النيران في أعقاب تحقيق متفجّر أجرته صحيفة نيويورك تايمز حول المنتج السينمائي هارفي وينستين الذي اتضح أنّه كان لسنوات طويلة يتحرّش بنساء ويعتدي عليهن، بينهن الكثير من الممثلات والعاملات في صناعة السينما، من دون أن يُعاقب.
بعد ذلك، تتالى سقوط العديد من مشاهير عالم الترفيه، كان أبرزهم الممثل كيفن سبيسي الذي أقصي من مسلسله الشهير “هاوس أوف كاردز”. طُرد مديرون تنفيذيون من شركات إنتاج ضخمة مثل “أمازون” و”فوكس نيوز” و”سي بي إس”.
كانت هناك فضيحةٌ مدويةٌ لنجم جديد كلّ أسبوع تقريباً، من الممثل جيمس فرانكو إلى مغني الأوبرا بلاثيدو دومينغو، مروراً بالكوميدي لويس سي. كيه. ومصور الأزياء تيري ريتشاردسون والطباخ ماريو باتالي.
أدّت بعض الاتهامات إلى سجن عددٍ من الشخصيات التي بدا لوقتٍ طويل أنّها لا تمسّ، مثل بيل كوسبي والمغني آر. كيلي ورجل الأعمال جيفري إبستين.
تمدّدت الحركة خارج عالم الترفيه، وكشفت عن سياسيين ورياضيين ومديرين في شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “غوغل” و”أوبر”.
إعلام وحريات
سريلانكا تمنع موظفي الدولة من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
ثورة
“أظهرت مي تو أنّ العنف الجنسي ضدّ المرأة كان واقعاً يومياً وعادياً”، بحسب أستاذة علم الاجتماع في جامعة كيبك الكندية ساندرين ريتشي التي اعتبرت في حديث مع “فرانس برس” أنّ الحركة “سمحت للناس، وخصوصاً الضحايا، أن يفهموا بشكل أفضل ما كان يحدث لهم”.
كان مركز الزلزال هو الولايات المتحدة، لكن هزّاته الارتدادية امتدت إلى كلّ أنحاء العالم.
بات من الصعب تجاهل حالات سوء المعاملة والاعتداءات ضدّ النساء عند ظهورها، سواء كانت متعلقةً بأستاذ تمثيل صربي متّهم بالاغتصاب، أو حاخامات يهود متشدّدين في دولة الاحتلال، أو فضيحة “الجنس مقابل العلامات” في إحدى الجامعات المغربية.
وجدت دراسة بيو أنّ ثلث التغريدات التي استعملت وسم الحركة في السنة الأولى كانت مكتوبة بلغة غير إنكليزية، وهذا من دون حساب التغريدات التي استعملت ترجمة الوسم بلغات أخرى.
قالت الأستاذة في جامعة استوكهولم هيليفي جانيتز: “فوجئ الناس بما حدث، لم يكونوا يعرفون مدى انتشار التحرش الجنسي”، وأضافت: “كانت الشهادات تتوالى كلّ يوم، كان أمراً مذهلاً. لقد كانت ثورة رائعة”.
مقاومة
بدأت الحملة المضادة بشكل شبه فوري.
كانت حركة #MeToo تسلّط الضوء على انتهاكات يصعب غالباً إثباتها في المحكمة، ما أدّى إلى اتهامها بأنّها حكمت بـ”إلغاء” الشخصيات التي تمّ فضحها، من دون إجراء تحقيق مناسب. فيما عبّر آخرون عن قلقهم من أن تؤدّي الحركة إلى انتهاء المغازلة.
كانت أيقونة السينما الفرنسية كاترين دونوف من الذين تحدثوا ضدّ الحركة ووصفتها بأنّها “متزمتة” و”تهدّد بتحويل النساء ضحايا إلى الأبد”.
مع الوقت تردّى مستوى النقاش حول ضحايا الاعتداءات الجنسية في ظلّ المناوشات الإلكترونية، والتي بلغت ذروتها خلال محاكمة جوني ديب وآمبر هيرد في وقتٍ سابقٍ من هذا العام. إذ استغل معارضو الحركة فوز ديب للترويج لخطابهم المعادي للنساء.
أمّا في الصين، فقد أخذت الأمور مساراً آخر، بعدما اختفت نجمة التنس بنغ شواي لمدة ثلاثة أسابيع بعد اتهامها نائب رئيس الوزراء السابق تشانغ غاولي بإجبارها على ممارسة الجنس.
وحتى في فرنسا، التي كانت ضمن أبرز المراكز الاحتجاجية للحركة، فقد عيّن الرئيس إيمانويل ماكرون 3 وزراء على الأقل تلاحقهم اتهامات بالاعتداء الجنسي.
مسار طويل
بعد انحسار الانفجار الأولي للحركة، بات تشجيع الناس على القيام بتغييرات مجتمعية أمراً أصعب.
وقالت العاملة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي فلورنس روشفورت: “ما زلنا بعيدين عن إيجاد الحلول”، وأشارت إلى أنّ الأزمات الاقتصادية والمناخية التي تحيط بالعالم تجعل “التوقيت غير جيدٍ لحلّ المشكلات الاجتماعية”.
شددت القوانين ضدّ الاغتصاب في أماكن مختلفةٍ من العالم، أبرزها السويد عام 2018، وإسبانيا في العام الماضي. كذلك، فرضت الشركات في جميع أنحاء العالم تدريبات حول السلوك الجنسي، ولم تعد تتجاهل الشكاوى المتعلقة بالتحرّش أو الاعتداءات الجنسية.
تقوم مجموعة تايمز أب البريطانية (انتهى الوقت)، بحملات حول الإساءات الجنسية في صناعة السينما، عبر تشكيل لجنة من الخبراء للاستماع إلى الشكاوى، على غرار ما تفعله المجموعات المهنية الأخرى مثل الأطباء أو المعلمين.
تسمح مثل هذه الأساليب بتوفير آلية واضحة تشجّع الناس على الحديث عمّا تعرضوا له من انتهاكات، وفي الوقت نفسه تؤمّن مساراً قانونياً واضحاً للمُتّهَمين، يمكن لهم من خلاله الدفاع عن أنفسهم.
وقالت رئيسة المجموعة البريطانية هيذر راباتس: “نريد أن نتجنب المحاكمات من قبل وسائل الإعلام، فهي لا تساعد أحداً”.