ولد الدوة ينتقد الهجوم على المعلم والنيل م
الزمان أنفو-
أصبحنا اليوم أكثر تعودا على الهجمات المتتالية على رجل التعليم في أوساط المتعلمين واشباههم، و في الإعلام و العديد من المواقع العنكبوتية، حتى كادت الصورة “البعبع” تصبح الصورة اللصيقة والمعبرة عن رجل التعليم.
إن هذه الهجمة “الشرسة” التي يتعرض لها حاليا رجل التعليم تعد حملة منظمة للنيل من شرف وعظم الرسالة التي يؤديها هذا الأخير بهدف الإطاحة بإرادته وعزيمته والنيل منه واسقاط القدوة والحيلولة دون الدفع بعجلة التعليم نحو الأمام.
لقد أصبح رجل التعليم مادة دسمة لكل من سولت له نفسه الاستهتار والاستهزاء بمنظومتنا التربوية حيث أصبح المتتبع للشأن التربوي وحتى المواطن العادي متعودا على رؤية الصورة النمطية التي أصبح الكل يلصقها برجل التعليم انطلاقا من استغلال بعض أخطائه إلى التشهير العلني به.
طالعتنا وسائل الاعلام بتصريح خطير لوزير التعليم في الحكومة الموريتانية خلال زيارته لإحدى المدارس الابتدائية يهدد كل معلم يحمل هاتفه في الفصل بتعليق راتبه الزهيد وبالويل والثبور.
اذا كان هذا تصرف أعلى هيئة في التعليم “اذا كان رب البيت للدف ضاربا ” … ليس لدي أدنى درجة من الشك ان أي نظام بجهله (ان كان يعي أهمية المعلم) أو بخيانته ( ان كان يعلم) قد ساهم في تدمير قطاع التربية والتعليم من خلال الكثير من الاجراءات غير الموفقة والتي منها:
- إهمال المعلم، واهانة كرامته علي كل المستويات الوظيفية والاجتماعية والنفسية
التساؤل المطروح هو حول هذا الاهتمام المتزايد بالتعليم والمدرسة الجمهورية؟ وايام التعليم المفتوحة وووو
هل هو حب في المعلم والعلم وفي مهنته؟ أم تحقيرا له ولرسالته النبيلة والنيل منه؟ ام ان ذلك للمزايدة والكسب السياسي؟ حيث لاحظنا أن هذا الاهتمام المشبوه تنامى وتعاظم حتى وصل به الأمر إلى قبة البرلمان، ليصبح مادة دسمة للمزايدات ومنع المعلم من ابسط حقوقه كزيادة راتبه الذي لا يتجاوز راتب “خادم منزل”
ألم يكلف كل من سولت له نفسه الحديث عن رجل التعليم بالسوء لتحويل زاوية نظره عن الزاوية التي قد تكون سلبية لبعض تصرفاته وأخطائه إلى النظر إلى زاوية إيجابياته وإنجازاته ومعاناته خلال تأديته لمهمته النبيلة. والمتمثلة في تربية وتعليم فلذات أكبادنا أبنائنا وزينة حياتنا، وقساوة كل الظروف المحيطة بالعملية التعليمية.
- ألا يحاول كل من يتناول موضوع رجل التعليم بالتشهير أن يكلف نفسه عناء الغوص في ظروف ومعاناة هذا الأخير بالجبال والثلوج والبرد شتاء، وبالرمال والزوابع والحرارة صيفا حسب منطقة عمل كل واحد من هؤلاء الجنود المجهولين،
أوليس من الأجدر والواجب والمسؤولية الأخلاقية والوطنية ان تقوم صحافتنا بزيارات ميدانية وعمل ريبورتاجات عن أماكن عمل رجال التعليم والتي توصف في العديد من الأحيان بوصف ”المنفى” وأن يسجل بالصوت والصورة والكتابة كل معاناة هذا المعلم والمعلمة والاستاذ أو تلك الأستاذة انطلاقا من الطرق والمسالك الوعرة للوصول لمقار عملهم، وأماكن وظروف عملهم وسكناهم وصولا إلى انعدام كل ظروف العيش الكريم وظروف العمل المناسبة.
فعلا صدق الشاعر عندما قال: ” كاد المعلم أن يكون رسولا”، فقد كان وصفا في غاية الدقة، إذ أن مهمة رجل التعليم تتشابه في العديد من جوانبها مع ما كان يعانيه الرسل والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم من معاداة وتشهير ومحاولة تشويه صورهم ورسالتهم ومدى تشبثهم بمواصلة تأدية واجبهم على أحسن وجه بكل أمانة واتفان دون الالتفات لهذه العراقل والصعوبات.
لكل هذا يجدر بكل الكتاب و الإعلاميين والمدونين وأصحاب القنوات والإذاعات وأصحاب المواقع المهتمين تناول موضوع رجل التعليم ولو بين الفينة والأخرى من الزوايا الأخيرة السابقة الذكر، وذلك للرفع من معنويات رجال التعليم والشد على أيديهم بحرارة على كل ما يتكبدونه في سبيل تعليم وتربية أبناء هذا الوطن العزيز والابتعاد ما أمكن عن الزاوية المحطمة لهم ولكرامتهم والمتمركزة فقط على الأخطاء والسلبيات، فهو في الأخير يبقى إنسانا كباقي بني جلدته قابلا للوقوع في الخطأ.
اعرف شخصيا بعض الأساتذة والمعلمين الذين كانوا قدوة ومضرب المثل في العلم والخلق والإخلاص كيف انهم كانوا مضطرين كرها “للعمل بمهن أخرى غير التدريس لحماية كرامتهم وتوفير العيش الكريم، كيف يمكن لمجتمع يسعى للنهوض بالتعلم بدون معلم محترم مهاب تتوفر له سبل العيش الكريم “فاقد القيمة لا يعطيها”
ان الذي افقدته الحاجة والفقر والسعي وراء ضرورات الحياة روحية أو نفسية لا يمكن أن يبعث الروح في غيره.
يقول أحد المفكرين: (اذا أردت ان ان تهدم حضارة احتقر معلما، و أذل طبيبا، وهمش عالما، واعط قيمة للتافهين)