خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيدالإستقلال2022
الزمان أنفو-
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبيه الكريم
مواطني الأعزاء؛
يسرني ويشرفني كثيرا، أن أتوجه إليكم، أينما كنتم، في الداخل والخارج، بأحر التهاني، بمناسبة الذكرى الثانية والستين لعيد الاستقلال الوطني المجيد، عيد الشموخ، والعزة، والكرامة.
إن الحدث الذي نخلد ذكراه غدا، إعلان قيام الجمهورية الإسلامية الموريتانية، يشكل، في آن واحد، تتويجا لمسار مضيء من المقاومة، بالكفاح المسلح، والنضال الفكري وتأسيسا لمسار جديد، لبناء الدولة الموريتانية الحديثة.
فتحية إكرام، لأبطال مقاومتنا الفكرية، والمسلحة، الذين ما كلت أقلامهم، ولا تراخت عزائمهم، في التضحية، بالدماء الزكية، ذبا عن كرامة الوطن، وانتصارا لحريته وسيادته.
وإن احتفاءنا اليوم، هو في الأساس، احتفاء بهم، وبما تبعثه ذكراهم في النفوس، من عميق الإحساس بعزة الوطن، واستحقاقه صادق الولاء، وعظيم التضحيات.
ومن أبرز تجليات صدق الولاء للوطن، والتضحية من أجله، ما بذلته، وتبذله قواتنا المسلحة، وقوات أمننا، من جهود جبارة، في سبيل أن ننعم جميعا، بالأمن، والاستقرار، والطمأنينة. ولذا فإنني، من هذا المقام، أتوجه إلى كافة أفرادها، ضباطا، وضباط صف، ورتباء، بتحية التقدير، والعرفان بالجميل.
كما أتوجه بذات التحية، إلى كل الأجيال، التي تعاقبت على تأسيس، وتشييد، الدولة الموريتانية الحديثة.
مواطني الأعزاء؛
إن سيادة الدول والشعوب، لا تترسخ، ولا تستديم، إلا على قدر متانة وحدتها الوطنية.
فالوحدة الوطنية، هي أساس الاستقرار والنماء، وهي الحصن الحصين، في وجه سائر التحديات. ولذا، جعلنا من العمل على تقويتها، هدفا مركزيا، في كافة سياساتنا العمومية.
ونظرا لما لتصحيح ميزان العدالة التوزيعية للثروة، من بالغ الأهمية، في تقوية الوحدة الوطنية، واللحمة الاجتماعية، والتأسيس لتنمية شاملة، ركزنا منذ الوهلة الأولى، على مكافحة الإقصاء، والتهميش، والفقر، والهشاشة.
ولقد بذلنا في هذا السياق، جهودا كبيرة، وأحرزنا العديد من النتائج المعتبرة، التي منها:
• التأمين الصحي الشامل لصالح 100.000 أسرة، بتكلفة تناهز 2.100.000.000 أوقية قديمة سنويًا.
• برنامج لمكافحة سوء تغذية الأطفال، استفاد منه 30.000 طفل بتكلفة تناهز ستمائة مليون 600.000.000 أوقية قديمة.
• إطلاق تمويل 3.881 نشاطا مدرا للدخل، ومئات القروض الميسرة، بغلاف مالي يصل إلى مليارين وثلاث مائة مليون أوقية قديمة.
• إطلاق أشغال بناء 1.932 وحدة سكنية اجتماعية.
• رفع عدد الأسر المستفيدة من التحويلات النقدية، من 30.000 أسرة إلى 98236 أسرة.
• مساعدة 65.000 أسرة متضررة من انعدام الأمن الغذائي، بتكلفة بلغت 6.747.000.000 أوقية قديمة.
• تأمين مجانية بعض الخدمات الصحية لكافة المواطنين على امتداد التراب الوطني، كمجانية الحجز والأدوية بالإنعاش والحالات المستعجلة، ومجانية النقل الطبي بين الوحدات الصحية ونقل المصابين بحوادث السير والكلفة الجزافية للنساء الحوامل وتكاليف علاج مرضى الغسيل الكلوي،
• توفير المواد الغذائية الأساسية المدعومة بصفة منتظمة تستفيد منها حاليا 131.550 أسرة.
• إغاثة 19.440 أسرة متضررة من الفيضانات، بالتوفير المجاني للأغذية والمأوى.
• توزيع 30.000 طن من السمك بأسعار مدعومة في الفترة ما بين 2020-2022.
• دعم المنمين على الصمود في وجه جفاف السنة الجارية بتنفيذ برنامج وفر 71.570 طنا من علف الماشية بسعر مدعوم.
• مساعدة قطاع العمل الاجتماعي لـ 9.240 من المرضى المعوزين في تحمل تكاليف العلاج بكلفة قدرها 1.780.000.000 أوقية قديمة،
إلى غير ذلك من الإجراءات العديدة، وذات الدخل الكبير، في مواجهة الهشاشة، والفقر، والتهميش، وتقوية الوحدة الوطنية.
وبالموازاة، مع شبكة الأمان الاجتماعي، التي تنسجها، يوما بعد آخر، كل هذه الإجراءات، ونظيراتها، نعمل جاهدين، على بناء حكامة رشيدة، في إطار دولة قانون قوية، ذات إدارة فعالة، وقريبة من المواطن، تؤمن له استيفاء حقوقه كاملة، وبحكم المواطنة، حصرا، على اعتبار أن ذلك، من أقوى دعائم النماء، والاستقرار، وتقوية الوحدة الوطنية، واللحمة الاجتماعية.
صحيح، أن هذا البناء، لم يبلغ بعد تمامه ولا يمكنه ذلك، في سنتين أو ثلاث، لكن صحيح كذلك، أنا أحرزنا، في سبيل تشييده تقدما معتبرا.
فقد رسخنا مبدأ الفصل بين السلطات، وعملنا على عصرنة النظام القضائي، وتعزيز استقلاليته، وتحسين ظروف عمل القضاة، وإصلاح وضعياتهم القانونية، وإعادة تنظيم مسارهم المهني. وتوفير التكوين، وتحسين الخبرة، لمئات العاملين في هذا القطاع. كما استحدثنا المساعدة القضائية وعممناها، بفتح مكاتب بهذا الشأن، في جميع ولايات الوطن.
كما حاربنا الصور الاجتماعية النمطية السلبية ورسخنا الحريات الفردية والجماعية مع اتخاذ ما يلزم من إجراءات لصون كرامة الأفراد.
وفي ذات السياق، أعلنا حربا شاملة، على الفساد، وشتى أشكال تبديد الموارد العمومية، فطورنا خرائط المخاطر المحاسبية، وراجعنا الإطار القانوني المنظم لمحكمة الحسابات، وألحقنا المفتشية العامة للدولة، برئاسة الجمهورية، ورفدناها بالموارد المادية، والبشرية الضرورية، وكثفنا عمل سائر أجهزة الرقابة والتفتيش.
وقد جرى كل هذا في ظل إصرار منا قوي، على عصرنة الإدارة، وتقريبها من المواطن، إذ تعمل اليوم كل القطاعات الوزارية، والمرافق العمومية الخدمية، على وضع الآليات، والتدابير التنظيمية، التي من شأنها مساعدة المواطن على إجراء معاملاته بيسر، وسرعة، والحصول عند المراجعة، على ما يحتاجه من إصغاء، وإرشاد.
ولما كانت الدول الأكثر عرضة لاهتزاز وحدتها الوطنية، وتراخي لحمتها الاجتماعية، هي تلك، التي لا تسود فيها ثقافة الانفتاح، والحوار، واستيعاب الاختلاف، فقد حرصنا، منذ استلامنا مقاليد السلطة، على تهدئة مناخ الحياة السياسية، والاجتماعية، بالانفتاح على الجميع.
كما تبنينا التشاور، نهجا ثابتا، في مقاربة الشأن العام. ولا أدل على ذلك، من التشاور الأخير، بين الحكومة، والأحزاب السياسية، الذي تمخض عن إجماع، على التسيير التوافقي، للاستحقاقات الانتخابية القادمة، وعلى نحو يرسخ الثقة، والاحترام المتبادل، وينحاز للمصلحة العامة، في وجه المقاربات الفئوية الضيقة.
وينطوي حرصنا على الانفتاح والتشاور، على رغبة صادقة منا بإشراك الجميع في الشأن العام، ولذا عملنا على تعزيز اللامركزية، ورفع مستوى النسبية، توسيعا لقاعدة التمثيل، وإنشاء لائحة تضمن تمثيل الشباب، وفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكين الجاليات من استعادة حقها الدستوري، في أن تنتخب بنفسها، ومن بين أفرادها، من يمثلها في السلطة التشريعية. هذا علاوة على كل الإجراءات، التي اتخذت في سبيل، تعزيز حضور الشباب، والنساء في مراكز القرار، وتدبير الشأن العام.
وتعزيزا لفرص إشراك الجميع، في الشأن العام، وفي النهوض بالبلاد إجمالا، جعلنا من بناء نظام تعليمي، شامل للجميع، وذي جودة عالية، هدفا محوريا لدينا. فالتعليم، هو الذي يغرس في نفوس الناشئة، قيم المواطنة، والمدنية، وأهمية الوحدة الوطنية، ويهيئهم للاندماج السلس والفعال في الحياة الاجتماعية والمهنية.
كما أنه، أمثل السبل، إلى الترقية الاجتماعية، ومكافحة الفقر، والهشاشة. ولذا أطلقنا هذه السنة، مشروع المدرسة الجمهورية، التي ستعمل، على أن توفر للجميع، وفي ذات الظروف، تعليما ذا جودة عالية. وهو ما تطلب منا، العمل على رفع، العديد من التحديات، على مستوى البنى التحتية المدرسية، والدعامات التربوية، وسد النقص في الطواقم التربوية، وتحسين مهاراتها، وظروف عملها.
وفي هذا السياق تم إنشاء المجلس الأعلى للتهذيب، والمصادقة على القانون التوجيهي للتعليم، وقصر السنة الأولى من التعليم الأساسي على المدارس العمومية.
كما تم من 2019 إلى اليوم:
• اكتتاب 8.000 مدرس ما بين معلم واستاذ ومفتش؛
• إطلاق برنامج طموح لتحديث وتوسيع البنية التحتية، مكن حتى الآن من بناء 1.625 حجرة مدرسية وسيتم استلام 1500 حجرة دراسية جديدة قبل افتتاح العام الدراسي المقبل إن شاء الله؛
• إطلاق برنامج واسع للكفالات المدرسية لصالح 190.000 تلميذ في 1200 مدرسة موزعة على كل الولايات؛
• اقتناء 85.000 طاولة مدرسية استلمت منها حتى الآن 24.800 ويواصل القطاع تسلم الكمية المتبقية؛
• اقتناء ما يناهز 3.200.000 كتاب مدرسي.
كما تم إنشاء صندوق لدعم المدرسة الجمهورية مخصص لبناء وإعادة تأهيل وتجهيز البنى التحتية المدرسية، سيتم هذه السنة تزويده من ميزانية الدولة ب 20.000.000.000 أوقية قديمة.
وقد صاحب كل هذه الجهود العديد من الإجراءات التحفيزية للمدرسين كزيادة علاوة البعد بنسبة 150% وتسديد علاوة الطبشور على مدار 12 شهرا بدل 9 أشهر وتوسيعها لتشمل مديري المدارس وغير ذلك، من الإجراءات التي تنحو نفس المنحى.
وفي ذات الوقت كثف العمل على مستوى التشغيل والتكوين المهني حيث تم:
• تنفيذ برامج عديدة للدمج بدعم التشغيل الذاتي استفاد منها سبعة آلاف شخص، منهم 30 بالمائة من النساء بغلاف مالي بلغ 6 مليارات أوقية قديمة،
• العمل على تشغيل ستة آلاف آخرين في إطار النسخة الثالثة من “مشروعي مستقبلي”.
وفي إطار ترقية قابلية تشغيل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 – 24 سنة والذين هم خارج المنظومة التعليمية في ولايات نواكشوط الثلاث وفي الحوضين ولعصابة واترارزه وكيدي ماغا، تم تكوين 14.750 شابا في مجال مهارات الحياة من بينهم 50% من البنات،
كما تم، في نفس الإطار تمهين وتدريب 2588 شابا.
هذا علاوة على إنشاء 1400 مؤسسة صغيرة، تسهم اليوم في خلق الثروة الوطنية، وستنضاف إليها ستة آلاف 6000 مؤسسة صغيرة جديدة مع نهاية 2022. كما تم إنشاء ثلاث مدارس للتكوين المهني؛ وبناء مدرسة البناء والأشغال العمومية بالرياض؛ وبناء 3 مراكز لتنمية الكفاءات، وغير ذلك من الإجراءات النظيرة.
وبالموازاة مع هذا الجهد المبذول على مستوى التكوين والتشغيل، عملنا جاهدين على تحسين الإطار المؤسسي للتعليم العالي، ووضع استراتيجية في أفق 2030، ودعمنا البنى التحتية على نحو معتبر، فسيعلن قريبا إطلاق الأشغال لبناء توسعة جديدة لجميع كليات جامعة نواكشوط ستمتد على مساحة 32.000 متر مربع، وترفع الطاقة الاستيعابية للجامعة من 14.000 طالب إلى 25.000 طالب بتكلفة إجمالية تبلغ 9.000.000.000 أوقية قديمة.
كما سيشيد مبنى جديد، للمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، بتكلفة قدرها ملياري أوقية قديمة، ويجري العمل في ذات الوقت على بناء ثلاثة معاهد عليا، المعهد العالي للمهن الإحصائية، والمعهد العالي لمهن الطاقة، والمعهد العالي للرقمنة، وكذا بناء مدرسة الدراسات التجارية العليا.
كما تم إنشاء ستة مراكز جامعية، وافتتاح سكن للطلبة الذكور بسعة 2560 سريرا، وإقامة للبنات، بسعة 1440 سريرا، بالإضافة إلى سكن بسعة 176 سريرا بمعهد الترجمة بنواذيبو، وسكن بسعة 540 سريرا على مستوى الجامعة الإسلامية بلعيون، ومضاعفة الطاقة الاستيعابية للمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية، هذا علاوة على ما تم من زيادة معتبرة في رواتب المدرسين والباحثين، وزيادة في المنح الدراسية.