اوباما يرجئ الضربة العسكرية ويعطي فرصة للدبلوماسية في سوريا
afp:اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما الثلاثاء ان الوقت ما زال مبكرا لمعرفة ما اذا كانت الخطة الروسية لضمان امن الاسلحة الكيميائية السورية يمكن ان تجنب هذا البلد ضربة عسكرية اميركية، لكنه تعهد باعطاء الدبلوماسية فرصة مع ابقاء “الضغط” العسكري.
وقدم اوباما في خطاب الى الامة اوضح رد عرضه حتى الان على هجوم بالاسلحة الكيميائية استهدف مدنيين الشهر الماضي في ريف دمشق، بعد عدة ايام من الدبلوماسية المترددة والرسائل المتناقضة التي صدرت عن ادارته. وقال متوجها الى الاميركيين الذين سئموا الحملات العسكرية الدامية في الخارج، انه لا يمكنهم الاكتفاء بتحويل انظارهم فيما يتم قتل مدنيين واطفال ابرياء بالغازات السامة في هجوم القى بمسؤوليته على نظام الرئيس السوري بشار الاسد، سواء لاسباب تتعلق بالامن القومي او بالمبادئ الاخلاقية. وقال اوباما في كلمته التي استغرقت 16 دقيقة “ان مشاهد هذه المجزرة مثيرة للاشمئزاز: رجال، نساء واطفال ممددين في صفوف، قتلوا بالغازات السامة، اخرون تخرج الرغوة من افواههم يحاولون التقاط انفاسهم، والد يحمل اطفاله القتلى ويتوسل اليهم ان ينهضوا ويسيروا”. وتعهد اوباما بابقاء القوات الاميركية في مواقعها قبالة السواحل السورية لابقاء الضغط على نظام الاسد فيما تتواصل المساعي الدبلوماسية. وقد يكون هذا التحذير الحازم موجها ايضا الى روسيا للتأكيد على ان الولايات المتحدة لن تقبل بتكتيك يهدف الى المماطلة او بدبلوماسية طويلة الامد يعتبر البعض انها ستكون نتيجة محتومة لمبادرة موسكو. وتحدث اوباما عبر التلفزيون الوطني من “القاعة الشرقية” (ايست روم) بعدما عدل خطابه في اللحظة الاخيرة على ضوء الخطة الروسية المستجدة والقاضية بوضع ترسانة الاسلحة الكيميائية السورية تحت اشراف دولي لاتلافها. وقال اوباما متوجها الى الاميركيين من القاعة ذاتها التي اعلن منها لمواطنيه مقتل اسامة بن لادن في عملية نفذتها وحدة كوماندوس اميركية في ايار/مايو 2011، انه “من المبكر القول ما اذا كان هذا الطرح سيكلل بالنجاح، وعلى اي اتفاق ان يتحقق من التزام نظام الاسد بتعهداته”. وتابع “لكن هذه المبادرة يمكن ان تؤدي الى ازالة خطر الاسلحة الكيميائية بدون اللجوء الى القوة خصوصا وان روسيا هي من اقوى حلفاء الاسد”. وقال انه سيرسل وزير الخارجية جون كيري الى جنيف لبحث المسألة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس. كما تعهد بالعمل شخصيا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي تتسم علاقته معه بالفتور في ظل تراجع العلاقات بين البلدين الى ادنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. واكد اوباما الذي يتهمه منتقدوه ب”الضعف” اخذين عليه عدم تدخله في النزاع الجاري في سوريا منذ سنتين ونصف السنة، ان هذا الاختراق الدبلوماسي ليس سوى نتيجة للتهديد باستخدام القوة. والاقتراح الروسي في حال نجح سيمنح الرئيس فرصة للخروج من مأزق سياسي خطير يواجهه اذ قد يضطر الى الى اصدار امر بشن ضربة عسكرية على سوريا بدون موافقة الكونغرس ولا تاييد الراي العام الاميركي ولا حتى دعم حلفاء اساسيين مثل بريطانيا والامم المتحدة. واكد اوباما انه من غير المطروح الا ترد اميركا على الهجوم بالاسلحة الكيميائية الذي وقع في 21 اب/اغسطس بالقرب من دمشق واودى بحياة اكثر من 1400 شخص بحسب واشنطن. وقال “حين يرتكب دكتاتوريون فظاعات، يعولون على ان العالم سيحول انظاره في الاتجاه الاخر، الى ان تمحى هذه المشاهد المروعة من الذاكرة”. وتابع “لكن هذه الامور حصلت، الوقائع لا يمكن انكارها. المسألة الان هي ماذا تعتزم الولايات المتحدة الاميركية والاسرة الدولية ان تفعل حيال هذا الامر”. واكد “ان ما حصل لهؤلاء الاطفال ليس انتهاكا للقوانين الدولية فحسب، بل انه يشكل خطرا على امننا ايضا”. واوضح اوباما انه يدرك ان الاميركيين سئموا كلفة النزاعات في الخارج بعد حربي افغانستان والعراق، مؤكدا انه اكثر اهتماما بانهاء حروب منه بفتح حروب جديدة. لكنه لفت الى انه اذا لم تتحرك اميركا، فان الاسلحة الكيميائية قد تستخدم مجددا في انتهاك فاضح للقوانين الدولية. وطلب من الاميركيين ان يشاهدوا اشرطة الفيديو المروعة للهجوم في ريف دمشق. ووسط الغموض الذي يحيط بحجم اي تدخل عسكري اميركي، حذر من ان النظام السوري سيدفع الثمن غاليا في حال استخدمت القوة العسكرية الاميركية ضده. وقال اوباما “ان القوات الاميركية لا تقوم بعمليات صغرى. حتى ضربة محدودة ستوجه رسالة الى الاسد لا يمكن لاي بلد اخر توجيهها”. واذ لفت الى انه “لا اعتقد ان علينا الاطاحة بدكتاتور جديد بالقوة”، قال ان “ضربة محدودة يمكن ان تجعل الاسد او اي دكتاتور اخر يفكر مليا قبل استخدام اسلحة كيميائية”. كذلك اوضح اوباما انه طلب من الكونغرس ارجاء التصويت على طلبه للسماح باستخدام القوة العسكرية في سوريا، لاعطاء فرصة للدبلوماسية. وفي مؤشر اضافي الى ان القوات الاميركية لن تشن ضربات جوية في المدى القريب، اكد اوباما انه لن يتم استخدام القوة الى ان يصدر مفتشو الامم المتحدة تقريرهم حول وقائع هجوم 21 اب/اغسطس. وظل انصار التحرك العسكري ومعارضوه في الكونغرس على مواقفهم بعد خطاب اوباما، لكنهم اجمعوا على تاييد قراره بتقصي السبل الدبلوماسية قبل اي عملية عسكرية. وارجأ مجلس الشيوخ الى الاسبوع المقبل على اقرب تقدير عملية تصويت على قرار يجيز استخدام القوة لاعطاء الرئيس امكانية التثبت من جدية الطرح الروسي. وكان زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد اعلن ارجاء عملية تصويت اساسية على اعطاء الضوء الاخضر لاستخدام القوة في سوريا كان من المقرر ان تجري الاربعاء. ونظرا الى ضعف التاييد للتحرك العسكري بين المشرعين وبصورة عامة لدى الرأي العام، من غير الواضح متى يمكن ان يجري تحرك بهذا الشأن في الكونغرس.