the hillتسلط الضوء على أكبر التسريبات الإستخباراتية التي هزت أمريكا
الزمان أنفو ـ يبذل مسؤولون أميركيون جهودا حثيثة لتحديد مصدر تسريب وثائق عسكرية ومخابراتية شديدة السرية، انتشرت على الإنترنت الأسبوع الماضي وتضمنت تفاصيل حول قضايا عديدة، من ضمنها الحرب في أوكرانيا.
ولم تتوصل السلطات الأميركية بعد لمصدر التسريب، كما لم تؤكد صحة الوثائق التي تقدم معلومات عن خسائر الحرب في أوكرانيا وتفاصيل بشأن تدريب القوات الأوكرانية.
ويعد نشر تلك الوثائق أبرز انتهاك لمعلومات الدفاع الأميركية منذ عقد من الزمن، وفق صحيفة “ذا هيل” (The Hill) الأميركية التي نشرت تقريرا يسلط الضوء على أكبر التسريبات الاستخباراتية التي هزت واشنطن في تاريخ الولايات المتحدة، وهي كالتالي:
أوراق البنتاغون
في عام 1971 سرب محلل عسكري يدعى دانيال إلسبيرغ دراسة بالغة السرية لوزارة الدفاع الأميركية عن حرب فيتنام، عُرفت باسم “أوراق البنتاغون”، وذلك خلال عمله متعاقدا عسكريا مع الوزارة.
وأثار تسريب الوثائق، المكونة من 7 آلاف ورقة، ضجة كبرى في الولايات المتحدة وقتئذ، وكانت منطلق الشهرة العالمية لصحيفتي “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” بعد نشرهما الوثائق، ومن بعدهما صحف أخرى، وهو ما جعل الإدارة الأميركية وقتها تصدر قرارا بوقف نشر تلك الوثائق بدعوى مسها بأمن البلاد.
غير أن المحكمة الأميركية العليا قررت بعد ذلك السماح بنشر تلك الوثائق، تطبيقا للبند الأول من الدستور الأميركي الذي يشدد على عدم المساس بحرية الإعلام وحق الشعب في المعرفة، ثم أسقط القضاء لاحقا التهم التي وُجهت لإلسبيرغ بكشفه أسرار الدولة.
وتكشف “وثائق البنتاغون”، التي صورها إلسبيرغ سرا وسربها للصحفيين، بالتفصيل تورط أميركا على مدى عقود في فيتنام، وتثبت صحة العديد من الانتقادات المناهضة للحرب.
روبرت هانسن: جاسوس الاتحاد السوفياتي
في عام 1976، بدأ روبرت هانسن العمل في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي كعميل سري. وطوال 25 عاما قضاها في مكتب التحقيقات الفدرالي وسلطات إنفاذ القانون، كان هانسن يتجسس على الحكومة الأميركية لصالح الاتحاد السوفياتي وأجهزة المخابرات الروسية.
عمل هانسن جاسوسا للاتحاد السوفياتي طوال الحرب الباردة، لكنه مارس عمله سنوات عديدة دون أن ينتبه له أحد.
ونظرا لوظيفته في مكتب التحقيقات الفدرالي كان هانسن يستطيع الوصول للكثير من المعلومات السرية، وقد باع آلاف الوثائق والمعلومات السرية للاستخبارات السوفياتية والروسية.
وتضمنت تلك الوثائق تفاصيل الخطط العسكرية الأميركية، والإستراتيجيات التي وضعتها تحسبا لاندلاع حرب نووية، كما سرب تقنيات الأسلحة الأميركية. وتشير التقارير إلى أنه حصل على مبلغ مقابل بيع تلك المعلومات على مدى سنوات يقدر بحوالي 1.4 مليون دولار نقدا، كما حصل على العديد من المجوهرات لقاء خدمته لروسيا والاتحاد السوفياتي.
وقد قبضت السلطات الأميركية على هانسن في عام 2000، وكان وقتئذ على وشك التقاعد، بعد تلقيها معلومات من روسيا تشير إلى أنه جاسوس لموسكو.
وأقر هانسن بأنه مذنب في 15 تهمة تجسس في وقت لاحق من العام ذاته. ويقضي الآن عقوبة بالسجن مدى الحياة في أحد سجون ولاية كولورادو الأميركية.
ويكيليكس: كشف سجلات حرب العراق
في عام 2010 بدأ موقع ويكيليكس، وهو موقع إلكتروني أسسه جوليان أسانج، نشر عدد هائل من الوثائق العسكرية السرية المسربة، توضح تفاصيل ممارسات القوات الأميركية وقوات التحالف خلال الحرب الأميركية على العراق في الفترة ما بين عامي 2004 و2009.
وكشفت التسريبات حقائق مقلقة عن الحرب، من بينها مقتل عدد مهول من المدنيين، حيث كشفت عن مقتل 66 ألف مدني عراقي بحلول عام 2009، أي أكثر من 60% من الضحايا الذين لقوا حتفهم خلال الحرب. كما كشفت عن أن المئات من الضحايا المدنيين قتلوا على أيدي قوات التحالف.
وسلطت الوثائق المسربة الضوء أيضا على انتهاكات جسيمة في السجون، ارتكبتها القوات الأميركية بحق السجناء العراقيين، حتى بعد الإبلاغ عن انتهاكات واسعة النطاق تعرض لها المعتقلون في سجن أبو غريب في المراحل الأولى من الحرب.
وضمت التسريبات حوالي 400 ألف وثيقة تراوحت بين تقارير وسجلات أعدها جنود شاركوا في الحرب على العراق.
وقد ساهمت تلك التسريبات في إضعاف التأييد العام للحرب، والذي كان قد تراجع عما كان عليه في بداية قرار الإدارة الأميركية غزو العراق في عام 2003.
إدوارد سنودن: تسريبات وكالة الأمن القومي
في عام 2013 سرب عميل الاستخبارات الأميركي إدوارد سنودن وثائق كشفت قيام الحكومة الأميركية بمراقبة ملايين الأميركيين سرا من خلال برنامج مراقبة أطلقته بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وسلطت تسريبات سنودن الضوء على حجم الرقابة الأميركية على المواطنين، بما في ذلك التجسس على مكالماتهم الهاتفية ورسائلهم الإلكترونية ومحادثاتهم عبر شبكة الإنترنت.
كما كشفت عن تجسس أميركا على بلدان بعضها حليفة لواشنطن من خلال برنامج تجسس، من بينها البرنامج الأميركي لمراقبة اتصالات الهواتف والإنترنت “بريزما”. وأظهرت التسريبات أن الإدارة الأميركية قامت بالتنصت على عدد من مكاتب الاتحاد الأوروبي والتجسس على 38 سفارة أجنبية على الأقل.
وتسببت الأعداد الهائلة من الوثائق السرية التي سربها سنودن في إحراج إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتوتير علاقاتها بدول عديدة -بعضها حليفة- أغضبها تنصت واشنطن على أحاديث قادتها والاتصالات والمراسلات الإلكترونية لمواطنيها.
تسريبات الحرب الأوكرانية
يُعدُّ التسريب الذي كشف عنه قبل أيام لما يُقال إنه وثائق لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بشأن الحرب في أوكرانيا أحد أكبر الخروقات العسكرية والاستخباراتية في تاريخ الولايات المتحدة، وفق تقرير صحيفة “ذا هيل”.
وتقدم الوثائق المسربة -التي لم يؤكد المسؤولون بعد صحتها كما لم يكشفوا عن مصدرها- معلومات مثيرة للاهتمام حول الحرب في أوكرانيا. كما تقدم تفاصيل حول الدعم العسكري الأميركي والغربي لأوكرانيا.
وقد كشفت الوثائق المسربة أيضا قيام الولايات المتحدة بالتجسس على القادة الروس والأوكرانيين لمراقبة سير الحرب، وفق تقرير الصحيفة.
كما توضح بالتفصيل كيفية تتبع الولايات المتحدة للتحركات العسكرية الروسية باستخدام الأقمار الصناعية.
المصدر : الجزيرة + هيل