متى نفهم أن البغلة لن تلد؟ / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو – المؤامرات السياسية متطورة جدا في أذهان الموريتانيين و في أخلاق و سلوك الحركات و “الأحزاب” السياسية فيها ، على وجه الخصوص:
– “الإسلاميون” يبررونها بكفر البقية للتغطية على كفرهم،
- القوميون الزنوج يبررونها بهيمنة البيض، و ينسون محاولات هيمنتهم..
-
القوميون العرب يبررونها بمواجهة السياسة الاستعمارية المحرضة على العرب و يعتبرون انتصاراتهم على بعضهم أهم أمجاد العروبة،
-
الآخرون يبررونها بمؤامرات الآخرين ..
العقول التبريرية هي أسوأ العقول و النهج التآمري هو أسوأ أشكال الخيانة و الخيانة في السياسة لا تكون من دون نصيب كبير من خيانة الوطن.
الحركة الإسلاموية اليوم هي أكثر ما يهدد استقرار البلد و هي الأبعد عن الإسلام في سلوكها و كذب وعودها و نقض عهودها و استعدادها الدائم للمؤامرة على الجميع: كل بطولات الإسلامويين في الكذب و الخداع و الخيانة لتأكيد براءتهم من صفات المسلم “إذا عاهد وفى …”.
و قد صدقوا على أرضنا ، حين قالوا إنهم ليسوا إخوانا و إنما هم مجرد حزب مرجعيته إسلامية.
و صَدَقنا حين قلنا إن مرجعيتهم ليست من ديننا في شيء، لإنهم “إخوان” ، لم يعرف الإسلام أكذب منهم ..
الحركات القومية الزنجية ، لم تعد تريد على أرضنا غير “كل شيء فقط” و لم يعد خطابها يُخفي هدفها الأوحد : “إبادة البيظان”.
الحركات القومية العروبية لم تعرف قط ماذا تريد غير الحكم و لم تعرف قط ماذا تريد بالحكم ، حتى بعد سقوط العراق و سوريا و القذافي على التوالي ..
لم يكن ولد داداه (الزعيم أحمد) ، إسلامويا و لا قوميا و لم نفهم ماذا كان يريد غير الفرنكوفونية الإملائية . و لم نفهم قط ماذا يريد بها !؟
لم يكن ولد مولود إسلامويا و لا شيوعيا و لا علمانيا و لا ليبيراليا و لا قوميا زنجيا و لا قوميا عروبيا و لم نفهم سوى أنه كان شيئا آخر عجزنا عن تحديد طبيعته أو مبتغاه.
كان البلد سيستفيد أكثر من توازنه و سعة باعه و إدراكه لحقيقة البلد ، لو أصبح وسيطا للجمهورية على رأس مجلس حكماء مُصغر مع إلزامية ما يصدر عنهم من أحكام..
أهم ما تحتاجه موريتانيا اليوم للانطلاق في أي اتجاه هو سقوط هذه التيارات العبثية التي لم تتأثر قيد أنملة بسقوط الايديولوجيا لأنها كانت نسخا مزورة منها.
العسكر في بلدنا أفسد السياسة بعقلية “القائد دائما على حق ” و أفسد “أوامر القائد” بالسياسة التي “لا نقول فيها أبدًا ما نفعله و لا نفعل إلا نادرا ما نقوله”..
و رغم كل مآخذي عليه و تحفظي على سمعته الإدارية ، يظل الزعيم بيجل أفضل و أصدق و أوفى سياسي للوطن : لقد كان هذا الرجل الذي لم ينج يوما من هجماتي الشرسة (و هو أمر لا أعتذر عنه) ، أكبر من عرفتُ في مواقفه الوطنية الناضجة ، الصادقة ، الشاملة : هذا رجل وطني كبير لم نحظ مع الأسف ، بتوليه الحكم :
لو تولى بيجل الحكم في هذا البلد ، لماتَ البيطاني و مات الحرطاني و مات الكوري و عاش المواطن وحده .
و لا أعرف في هذا البلد من يتمتع بمثل هذه الخصوصية غيره و لا أبرئه أو أبرر سلوكه في أي مجال آخر..
حين يتسيس الطفل و العجوز و الشاب و الجاهل و العارف و الدعي ، تتحول الحياة إلى جحيم ، تماما كما يحدث اليوم في أرضنا و كما يحدث في الصومال و اليمن و السودان و كل البلدان الفاشلة .
الأنظمة الموريتانية الفاشلة (و كلها فاشلة)، هي التي علمت المواطن “الموالي” بالعيش على السياسة و أرغمت غير الموالي على ممارستها..
حين يصمت العارف ليتكلم الجاهل و يترشح المستهتر لإبعاد الجاد و يصبح التاجر (سيئ السمعة)، من يتولى الدفاع عن حقوق المستهلك في البرلمان، لا بد أن نتذكر قول الديك:
“مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً / أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا”..
حتى الديك أعقل منا ، يا ناس..
حتى الثعلب أكثر منا إقناعًا ..
حتى أسد من أرخص ورق المراحيض أشجع منا ..
مأساة هذا البلد أصبحت أكبر من كل الحقائق الخارجية ..
“مأسات” هذا البلد (على قاعدة “موالات” الدكتور ، معالي سفيرنا المبجل في الكويت) ، أصبحت في الجهل المركب و الحركات المركبة و عراء ركب الأعداء و ركوب رؤوس “الخشب المُسندة”..
ليس في هذه السياسة البلطجية التي نمارس على الأرض ما يغري أو ما يمكن أن يخرجنا من مأزقنا بأي حال..
الوقت الآن مناسب جدا لتشكيل معارضة قوية في البلد و هذا لا يمكن أن يحصل إلا إذا أحرقت كل الأحزاب المعارضة و الموالية و البرزخية ، تراخيص أحزابها و انصهر الجميع في حزب الدولة ؛ حينها سيكون النفاق معرَّة و يكون الأذكياء أقدر على التأثير في القرار (من الداخل) و يكون الرئيس هو من يبحث عن معارضة لا من يحاربها.
رحم الله المُهَلَّب بن أبي صفر ، ما أصدقه و أعمقه و أروعه ، حين قال :
“من نكد الدنيا أن يكون الرأي لمن يملك لا لمن يرى” ، تماما كما لو كان بيننا اليوم.
———————
بونيس اليوم :
– يا ولد الغزواني ، ما هكذا يكون الوزراء ..
– يا وزراء ولد الغزواني ما هكذا يكون الوزراء ..