صحيفة: الاستخبارات الفرنسية تحدثت عن انقلاب قبل إصابة الرئيس (تحقيق)
نشرت أسبوعية جون آفريك، المختصة في الشؤون الإفريقية، اليوم الاثنين، على صفحتها الإلكترونية، تقريرا مطولا تضمن ملابسات حادثة إطلاق النار على رئيس الجمهورية، محمد ولد عبد العزيز، وأنباء عن مقر إقامته في فرنسا وعن تاريخ عودته وعن الحاكم الفعلي للبلاد منذ إصابته. وقالت الأسبوعية الصادرة في باريس إن الرئيس
الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، قد يعود يوم 31 أكتوبر أو فاتح نوفمبر (في غضون يومين) إلى انواكشوط، دون أن تدلي بجديد عن وضعه الصحي.
“رتوش” على الرواية (أو الروايات) الرسمية
الأسبوعية لم تخرج كثيرا في سردها للواقعة عن الرواية الرسمية، أو لنقل إنها قامت بـ “تجميع الروايات” الصادرة عن الرئيس نفسه ووزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان، ذ/ حمدي ولد المحجوب، والضابط الحاج ولد أحمدو الذي تم تقديمه على أنه مطلق النار على الرئيس ولد عبد العزيز.
وتساءلت جون آفريك عما إذا كان الرئيس الموريتاني قد تعرض لمحاولة اغتيال؟ لتخلص إلى أن “فرضية استهدافه من قِبَل القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي التي كانت هددته بالقتل، سرعان ما تم التراجع عنها”.
ولم يخْلُ التقرير المطول للصحيفة الأكثر شهرة وخبرة بخفايا السياسة الفرنسية في القارة السمراء، من التلميح إلى دور ما لقائد الأركان الجنرال محمد ولد الغزواني. وقالت -بعد الحديث عن غموض يكتنف عدم إخبار الملازم أول الحاج ولد أحمدو بمرور موكب ولد عبد العزيز من تلك المنطقة- إن “(ولد) الغزواني هو من أمر برفع الرئيس إلى فرنسا”.
مساء السبت 13 أكتوبر، تقول الصحيفة، كان الرئيس عائدا إلى انواكشوط “بعد قضاء عطلة نهاية الأسبوع في مسقط رأسه، إينشيري، وبالتحديد في اسويحل -160 كلم من العاصمة-، وهي منطقة صحراوية كان قد بنى فيها، قبل 10 سنوات من الآن، وحدة ضخ للمياه؛ حيث ترِد قطعان قليلة من الإبل والغنم”. واسترسلت الأسبوعية أن “هذه القطعان لا تعود ملكيتها إلى ولد عبد العزيز”، ونسبت إلى المحيطين به القول “إنه (الرئيس) لا يمتلك مزرعة ولا عمارة، وإنما مجرد قافلة وخَيْمة”.
وقالت الصحيفة إن الحادث وقع في بلدة آقريجيل “الواقعة على بعد 18 كلم من العاصمة ومئات الأمتار من محور انواكشوط-أطار وحوالي 500 متر من قاعدة عنصري الأمن”. ونسبت الصحيفة إلى رفيق الرئيس في الرحلة، أحمد ولد عبد العزيز، تكذيبه لوزير الاتصال والعلاقات مع البرلمان، ذ/ حمدي ولد المحجوب، في قوله إن الرئيس أصيب في ذراعه. وتحدثت عن “ثلاث عشرة طلقة نارية أصابت السيارة” واخترقت إحداها “صندوق السيارة ومقعد السائق وجسم الرئيس؛ حيث أصابت أحشاءه بالقرب من الكلية اليسرى، قبل أن تخرج من جسمه”.
من جهة أخرى قالت الصحيفة إن حراس الرئيس كانوا، بدورهم، هدفا لإطلاق النار؛ “حيث أصابت طلقتان ناريتان العجلة الاحتياطية الخلفية للسيارة الرئاسية التي لم تتوقف رغم ذلك”.
ما بعد الحادث
وقالت جون آفريك إن ولد عبد العزيز “والدم ينزف منه بغزارة، رغم عدم إصابة أي من أعضائه الحيوية” اتصل هاتفيا بحرسه الخاص وقال لهم: “لقد تعرضت لإطلاق النار. لا تقتفوا أثري، وعودوا أدراجكم لتصفية من في سيارة آفانسيس الرمادية”. وهو ما لم يقع، على كل حال. أما اتصاله الثاني -حسب الأسبوعية- فقد أجراه مع صديقه قائد الأركان، محمد ولد الغزواني و”أخبره بما يعتقد أنه محاولة اغتيال، داعيا إياه إلى جمع كل الجنرالات وكذلك طبيبه الخاص، الدكتور اميده، في المستشفى العسكري بانواكشوط”.
وقالت الصحيفة إن الرئيس، وهو في الطريق إلى انواكشوط، “كان على وشك الإغماء عليه، وكان يواصل صب الماء البارد على جرحه لمدة 30 دقيقة قبل الوصول إلى المستشفى”. وأضافت أن الرئيس “عزيز تجاوز عتبة المستشفى سيرا على قدميه قبل أن يفقد إدراكه”.
رئاسة بالوكالة غير معلن عنها
وتوقفت جون آفريك عند “عدم حدوث مثل هذه الوضعية سابقا في موريتانيا”. وقالت إن “محمد ولد عبد العزيز لا يزال، رسميا، حاكم البلاد”، و”كل شيء يسير كالمعتاد”. وتطرقت للمادة 40 من الدستور التي تتحدث عن شغور منصب الرئيس أو حدوث مانع بقوة قاهرة، “وفي هذه الحالة -تقول الصحيفة- يتولى رئيس مجلس الشيوخ ضمان تصريف الأعمال”.
أما بعد غياب عزيز -تقول الأسبوعية- فإن “صديقه منذ ثلاثين سنة، اللواء محمد ولد الغزواني، قائد الأركان، هو من يتولى، بشكل شبه رسمي، مقاليد الحكم”. حتى أنه “ربما يكون قد اتخذ من المكتب الرئاسي مكتبا له”.
تهديد جدي بحدوث انقلاب
وأفادت جون آفريك أنه قبل وقوع الحادث، كان “جميع العسكريين تلقوا أمرا رئاسيا بتفتيش السيارات ليلا وبإطلاق النار على كل من يرفض الانصياع لذلك”.
وقالت إن الحادث تزامن مع “تعزيز الأمن في جميع المدن الكبرى بسبب تهديد، اعتُبِرَ جديا، بوقوع انقلاب (في البلاد). وهو ما أكده مصدر في دوائر الاستخبارات الفرنسية”.
وأضافت أنه نتيجة لذلك “ألغى ولد عبد العزيز مشاركته في القمة الفرانكوفونية المنعقدة في كينشاسا، وكذلك رحلتين خاصتين إلى بروكسيل وباريس”.
مستجدات من فرنسا
وفي تكذيب منها لما أوردته الوكالة الموريتانية للأنباء، قالت جون آفريك إن “مديري ديوانه وتشريفاته (الرئيس) وأحد مستشاريه، وكذلك أقاربه لحقوا به بعد وقت قصير على متن رحلة عادية”.
وقالت إن الرئيس أمضى يومين في العناية المركزة في مستشفى بيرسي دو كلامار، قبل أن يدخل جناح الجراحة في الطابق الثالث من المبنى.
وأوردت أنه “استمر في إصدار الأوامر من سريره في المستشفى، قبل خضوعه لفترة نقاهة في مقر إقامة بالقرب من باريس”.
ونسبت الأسبوعية لمقربين من الرئيس القول إنه “يمكن أن يعود إلى انواكشوط، يوم الأربعاء 31 أكتوبر والخميس فاتح نوفمبر”.
ترجمة arabliss