عن تكريم المفكر محمد ولد احظانا
كتب المختار السالم ولد احمدو سالم:
الزمان أنفو – غداً تكرم الشارقة المفكر والروائي د. محمد أحظانا ضمن أربعة رواد.
لا يفاجئني الخبر ولا الاختيار..
فمحمد ولد أحظانا أحد أبرز مفكرين في هذه البلاد. وهو فائز بجائزة الفكر العربي، وجائزة الدولة التقديرية مرتين، كما طلبته دول عربية للعمل في وزارات ثقافتها وتعليمها. وفضل البقاء في البلدِ.
لا يفاجئني ولد أحظانا تميزاً، فقد دفع د. محمد عابد الجابري، أيام كان يدرسه إلى الحيرة في “النحو” وقصة “الجملة العربية”، التي أترك تفاصيلها لوقت آخر بحول الله..
كنت حريصا منذ البداية أن يكتب ولد أحظانا في كل الصحف الحرة في موريتانيا، ضمن مشروع التمكين للإعلام العربي في هذا البلد.
أذكر أنه جاءنا مرة ليصحح لنا عددا من مجلة “الشروق”، ووضع على الطاولة كتابا مرقونا على الآلة الكاتبة القديمة.. مددت يدي للكتاب وبدأت ألتهم صفحاتهِ… قلت له هذا الكتاب سيفوز بجائزة الفكر العربي بمجرد أن ترسله لهم.. وقد أبدى تواضعا كبيرا بحجة أن هذا العمل لا ينافس.. وقد تمسكت برأيي، وقلت هذا لن يكلفك غير طابع ب 50 أوقية على البريد العادي… وفعلا أرسل الكتاب بطابع خمسين أوقية، وفاز الكتاب بجائزة الفكر العربي، وأمضوا سنتين يبحثن عن “ولد حظانا” هذا الفائز الذي لم يضع عنوانا مع رسالتهِ. قبل أن يكشف لهم أحمد ولد عبد القادر والخليل النحوي وسيد أحد الدي هوية الرجل.
عند إنشاء “جائزة شنقيط” جاءني ولد أحظانا في بيت المرحوم الخليل ولد مولود، وقال هذا بحث عن “صورة المغيب في المخيلة الشعبية الموريتانية”.. تصفحته بسرعة، وقلت له خذ جائزة شنقيط بهذا البحث. نظر إليّ مليا ثم قال كيف أعده في الأربع والعشرين ساعة المتبقية على غلق ملفات الترشح.
مضت أيام.. ولم أنس الصورة الأيقونية لولد أحظانا مع ولد حامدن.
واصلت الاعتماد على ما يجود به قلم ولد أحظانا للصحف في الداخل والخارج. وكان دائما “مفكرا مميزا”، أخذتْ بعض مقالاته أثرا عميقا في ملفات استراتيجيتية عند بعض الدول العربية.
وذات يوم، كنت في “المطبخ” وتقدمت باقتراح ترشيح ولد أحظانا لرئاسة اتحاد الأدباء، ثم في الأيام التالية اتصلت عليه أصارحه وأناصحه، رفض، فعارضته بدرجة مائة وثمانين.
طيلة تلك الفترة لم يتحدث أحظانا عني إلا بما يحفظ الود، بل العكس زاد في إكرامي وتبجيلي..
وخلال فترة لاحقة قلت لأحد الوزراء إن المفكرين وحدهم من يقود الجامعات ويغير في مساراتها. ومن رأيي أن تسند مهام إعادة تأسيس الجامعات الموريتانية لمفكر من وزن ولد أحظانا. وما زلت أطالب بهذا الأمر.
خلال العامين الماضيين عرفت من “جهات في المشرق العربي” أنَّ قرارات هامة اتخذت بناء على “رعاف قلم ولد أحظانا”.
ظل ولد أحظانا، الفتى الحسنيِّ الضليع في فقه الضاد وآدابها، الخبير بالموسيقى وشجونها، المفكر العارف والقارئ الذكي الأصيل، وفيا لحضارته لغة وهوية وفكرا. وقف مع العراق ومع الحق العربي والإنساني دون قيد ولا شرط.
كل ما آلت إليه الأمور في الوطن العربي وفي العالم خلال العقود الثلاث الماضية كتبه ولد أحظانا في مقالات أغلبها طلبته أنا.. وما كان يتوقع أن تكون تنبؤاته بكل هذه الدقة وليس من حوله إلا المثبطاتِ.. ورغم ذلك صدق ولد أحظانا وكذب فوكوياما وجوقته من المفكرين المنظرين للنهاياتِ.
قبل أيام.. أعلنت الشارقة تكريم المسيرة الإبداعية والفكرية لولد أحظانا.. ولأول مرة تكون السيرة الذاتية لهذا التكريم مشفوعة بصفة الفكر والأصالة الأدبية..
كل التهانئ لك أخي أديبا، وكاتبا، وفيلسوفا ومفكرا، وسادنا للضادِ في قِـراه وفي قُـراه..
كل التهنئة للمبدعين الموريتانيين الذين يأتي إليهم التكريم وهم يقومون بتسميك المنارة الشنقيطية الشامخةِ..
وشكرا للشارقة، شارقة أمير المثقفين العرب سلطان بن محمد القاسمي.