كيف تمت تسوية زوبعة الأحواض النابضة ؟
كتب الوزير السابق الشيخ أحمد ولد الزحاف:
الزمان أنفو – قرات مؤخرا ترجمة لخطاب القاه الزعيم السياسي والمترشح لآخر انتخابات رئاسية في السينغال السيد عصمان صونكو في احدي مدن الضفة السينغالية قال فيه” ان اول رئيس للسينغال ليوبود سدار سنكور تنازل عن النهر السينغالي لموريتانيا وان الرؤساء عبدو اديوف وعبدالله واد وماكي صال عملوا تقريبا نفس الشيء” وقد اثار هذا الخطاب الكثير من التعليقات وردود الفعل في وسائل التواصل الاجتماعي.
اماانا فيهمني في هذا الموضوع جانب من سيادة بلادنا على ترابها الوطني من جهة ومصالحها الحيوية من جهة اخري.
بالرجوع الى التاريخ القريب سنة الفين ميلادية كنت وزيرا للمياه والطاقة في احدى حكومات الرئيس السابق معاوية ولد سيدي احمد الطايع اطال الله عمره، و بهذه الصفة كانت لدي الوصاية على منظمة استثمار نهر السينغال من خلال خلية تابعة للوزارة تدعي خلية منظمة استتثمار نهر السينغال تعنى بملفات المنظمة كان يرأسها انذاك المستشار و الاطار المميز والوزير السابق المهندس المصطفى ولد مولود.
وقد ابلغت من قبل بعض الموظفين الموريتانيين العاملين في المنظمة ان السينغال تعمل على مشروع لإحياء الاحواض الناضبة وان وكالة فنية كندية عملت دراسة لصالح دولة السينغال غايتها احياء تلك الاحواض الميتة بمياه نهر السينغال وتجميعها في بحيرة “اكيير” لري مزرعة لقصب السكر تمولها دولة اسرائيل للحكومة السينغالية.
وللغرض ذاته عملت السينغال من خلال ريشارتول بحفر قناة للمياه يتم بواسطتها جلب مياه النهر الي البحيرة المذكورة.وقد تضمن البرنامج الانتخابي للرئيس عبد الله واد تعهدا بانجاز هذا المشروع الذي تحدث عنه بعد الانتخابات وزير الزراعة في حكومته الاولى.
وبعد الحصول على كل المعلومات حول هذا المشروع عمدت الحكومة الموريتانية بواسطة استخباراتها الخاصة الي التثبت ماديا من ماتنوي دولة السينغال القيام به وقد شرعت في تنفيذ بعضه الاشهر الاولي من تولي عبد الله واد السلطة.
وكان ذلك خرقا لميثاق منظمة استثمار نهر السينغال الذي ينص على ان مياه النهر ملك لدول المنظمة وانه لا لايجوز لاي بلد جلب اية كمية من مياه النهر الا بقرار من مجلس وزراء المنظمة اعتمادا على تقرير من لجنة تتكون من خبراء من كل الدول تدعى “اللجنة الدائمة للمياه”
وبطبيعة الحال يدحض وجود منظمة استثمار نهر السينغال ذاتها وميثاقها اي ادعاء لملكية النهر من طرف اية دولة بمافيها السينغال.
فكان موقف حكومتنا مبررا وله مشروعية كاملة في العمل على توقيف هذا المشروع بقوة نصوص المنظمة و الآليات المسيرة لمياه النهر ولهذا الغرض اوفدني الرئيس معاوية كحامل رسالة الى الرئيس واد صحبة الدبلوماسي الكيس والمرن احمد ولد سيد احمد باعتباره وزيرا للخارجية.
وقد قابلنا في مكتبه الذي اصطحبنا اليه وزير الداخلية السينغالي الذي كان آنذاك أحد جنرالات الجيش وعلى ماأعتقد احد مستشاريه وغاب عن اللقاء عبد الله باتلي الذي أبلغنا انه كان خارج البلاد.اما انا و الوزير احمد انضم الينا السياسي الكبير والدبلوماسي محمد عبد الرحمان ولد امين أطال الله عمره بوصفه سفيرا لبلادنا في السينغال.
وبعيد عبارات المجاملات البروتوكولية ابلغت الرئيس واد بمضمون الرسالة التي احملها إليه” ومفادها أننا على علم من ان السينغال يسعي الى تنفيذ هذا المشروع واننا نذكر بان بلدينا تربطهما اكثر من علاقة تاريخية وبشرية واستراتجية وتعاون بما فيه في اطار منظمة استثمار نهر السينغال وان مشروع احياء الاحواض الناضبة قد يكون فيه خرق لترتيبات النصوص التي تسير المنظمة خاصة الميثاق الذي تاسست عليه والذي ينص على التسيير المشترك وغير الأحادي لمياه النهر”
وقد قاطعني الرئيس واد قائلا” ما دخل موريتانيا في مشروع تنفذه السينغال علي أرضها بالتعاون مع شركائها؟ مضيفا السينغال دولة مستقلة وذات سيادة”
فاجبت ان موريتانيا بعيدة كل البعد من الطعن في سيادة السينغال على أراضيها او استقلالها وان الموضوع لايتعلق لا بالاستقلال ولا السيادة وانما بتسيير مياه النهر في إطار المنظمة المشار اليها فاجابني قائلا انا بوصفي مناضلا افريقيا لدي نظرة ان كل مصادر الثروة في افريقيا هي ملك لكل الأفارقة مهما كانوا وأضاف السيد الوزير هل درست تسيير المياه؟ فاجبته بسؤال هل انكم فهمتم مضمون ما قلت ؟ وهو المهم فقال لي لا انت لاتفهم شيئا في الموضوع عندما تلتقي بوزيري الاستاذ باتيلي سيعلمك ما لم تعلم فاجبته انني لن اتعلم شيئا من باتلي وليكن في علمه انني بدوري استاذ.
هكذا كانت بداية ازمة الاحواض الناضبة مع الجارة والشقيقة السينغال التي انتهت بتسوية اشرف عليها الرئيس المالي الاسبق الاستاذ الفا عمركوناري بطلب من الرئيس معاوية ولد سيدي احمد الطايع اذ دعى الرئيس المالي لدورة اولى لمجلس وزراء المنظمة انتهت بالفشل اثر جدال عنييف بيني والوزير السينغالي الاستاذ باتيلي اوفر علي القارئ الكريم تفاصيله. وبعد فشل هذه الدورة اتخذ الرئيس معاوية اجراءات غاية في الصرامة دفاعا عن مصالح وسيادة موريتانيا والتي على اثرها انعقدت الدورة الثانية لمجلس الوزراء التي راجع فيها الوفد السينغالي موقفه الأول. كما صرح عن تراجعه عن تنفيذ مشروع الاحواض الناضبة وتمت صياغة قرار التراجع من طرف لجنة من الخبراء من الدولتين مثلنا فيها لفيف من خبرائناالقانونيين والفنيين الأكفاء من بينهم الوزير المصطفي ولد مولود ،محمد الامين ولد داهي، المهندس كيسي (من اطر صونادير) وباب ولد بوميس
وعلى الرغم من ذلك لم تسلم جهودنا من التسفيه من قبل بعض الاشخاص الذين من بينهم اعضاء في الحكومة.
ورجائي ان يكون القرار الذي تمت المصادقة عليه مازال محفوظا في ارشيف خلية منظمة استثمار نهر السينعال التي لا ادري هي الان تابعة لاية وزارة حتى نستظهر به في حالة ماحصلت من جديد خصومة حول الموضوع .
وعلى خلفية تلك التسوية زار الرئيس عبد الله واد لاول مرة موريتانيا واستقبل شعبيا بحفاوة من طرف الرئيس معاوية الذي اصطحبه في جولة اكرام وتقدير الى اطار عاصمة ولاية ادرار الجميلة.
اذا كان عصمان صونكو يعتقد ان الرؤساء السينغاليين اما تنازلوا عن النهر او اعطوه بدون استفتاء او هربوا او لم يهتموا به. واذا كان السينغال بحاجة لتنمية زراعته عن طريق احياء الاحواض الناضبة بمياه النهر فانه ينبغي ان يعلم ان ثمة استمرارية في التزامات الدول وان السينغال تراجع طواعية غير مكره عن مشروع الاحواض الناضبة .