الانهيار الغربي أصبح مجرد مسألة وقت / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو – كان بوتين يتوعد فرنسا و بريطانيا بما كنا نعتقد أنه سيكون عملا عسكريا نوعيا أو ضربات نووية دقيقة التوجيه أو هجمات ألكترونية معقدة .
و اليوم يخبرنا بوتين بقرب مرماه و بساطة تنفيذه : “لست بحاجة إلى حرب مع الغرب لإسقاطه ؛ يكفي أن أحرر إفريقيا من الهيمنة الغربية كي ينهار الغرب تلقائيا” .
– إذا كنتم تعلمون أن في النيجر ثلاث قواعد أمريكية (2000 جندي) و قاعدة جوية فرنسية (1500) و قاعدة ألمانية . و كل هذه القوى المدججة بكل وسائل الرصد و التجسس و الاستشعار و رغم توقعاتها لعمل روسي محتمل في النيجر ، لم يشعروا بأي شيء عن هذا الانقلاب المعقد حتى سيطرة أصحابه ، لا بد أن تفهموا حرفية هذه العملية النوعية ..
إذا كان هذا لا يكفيكم لفهم أن ما يحدث اليوم في النيجر ، لم يكن صدفة ، فتلك مشكلتكم ..
و عودة إلى ما بعد الانقلاب ، نجد في هذا الاصطفاف المبكر شبه المنظم ، تفسيرا أوضح لخطورة هذا الانقلاب و عمق مقاصده :
– بوركينافاسو و مالي تتوعدان بدخول الحرب في حال تدخل الإيكواس ..
– غينيا ترفض تدخل إيكواس ..
– الجزائر تحذر من أي تدخل عسكري في النيجر ، بعد ما كانت ترفض الانقلاب فقط (و لحظة بعد أخرى يزداد الموقف الجزائر صلابة منذ تحديد نهاية مهلة إيكواس) ..
– البرلمان النيجيري يرفض المصادقة على دخول جيشهم في حرب ضد النيجر (هذه هي الديمقراطية التي يبكيها ماكرون : لا قيمة لرفض البرلمان حين يقرر الجيش بدعم من فرنسا) ..
– تشاد (أهم قوة عسكرية في المجموعة) ، ترفض المشاركة في الحرب ضد النيجر ، متذرعة بخيار الحوار ، غير المطروح (و بهدوء تتجه بوصلة تشاد منذ بعض الوقت نحو الكرملين)
– الموقف الموريتاني في تراجع، مستدركا أنه؛ لا هو ملزم بقرار إيكواس و لا هو بلد تربطه أي حدود مع النيجر.
ما لا يضعه البعض في الحسبان في هذا الوقت المحرج ، هو أن الثنائي سيئ السمعة “إيكواس – فرنسا” ، ليس أفضل ما يقدم للشعوب الإفريقية اليوم ..
اسم فرنسا أصبح يشكل حساسية مفرطة لدى كل إفريقي و مجرة فرانس آفريك ، من الرماة السنغاليين إلى إيكواس ، هي أسوأ ما يمكن أن تقدمه اليوم للإفريقي .
و بخسارة هيمنتها على الغرب الإفريقي ستخسر فرنسا ما بين 300 و 500 مليار أورو سنويا أي ما يوازي ناتجها الضريبي السنوي أكثر من عشرين مرة و مثلها ستخسر بريطانيا في الشرق الإفريقي و ألمانيا و بلجيكا و إيطاليا (…) هنا و هناك ، حيث تنهب كبريات مؤسساتهم الإجرامية خيرات هذه القارة العذراء بما تزخر به حصريا من مواد أولية ، ظل يتم نهبها مجانا على مراحل :
– رشوة الرؤساء الأفارقة الخونة (سبب تحرك إيكواس اليوم)
– قروض البنك الدولي و صندوق النقد الدولي المجحفة (الثورة على الاثنين ، ستكون حتما من أهم حلقات هذه الحرب التحررية)
– الحرمان من أي مستوى من التقدم التكنولوجي و الاستفادة من أي قيمة مضافة ..
– إذكاء الحروب البينية و الأهلية و حماية الأنظمة الدكتاتورية لبيع السلاح و جعل التسلح أولوية أولويات هذه الأنظمة الفاسدة..
من يسمع اليوم بكاء فرنسا و أمريكا و إيكواس على سقوط “النظام الديمقراطي المنتخب” في النيجر ، يفهم بوضوح أنهم وصلوا مرحلة من الازدراء بعقول الناس ، لم يعد أصحابها على مستوى من الذكاء يكفي للهيمنة على أي عقل .
و من يسمع الرئيس الأمريكي العجوز ، يتبجح أمام العالم بأن أمريكا أرض المثليين و يرى الدول الغربية توفد طابورا من السفراء المخنثين إلى العالم ، يدرك حتما أنهم وصلوا إلى نهايتهم الطبيعية ..!
ما لم يفهمه الناس بعد و سيفهمه الجميع قريبا ، هو أن بوتين رئيس دولة فعلا، يستطيع أن يخوض أي حرب مهما كلفته ، في حين سيسقط أي رئيس غربي يفقد 100 جندي ، في أقل من 24 ساعة : الديوثون لا يدافعون عن غير غرائزهم و لا يضحون من أجل أي شيء في الوجود.
هذه حرب روسيا و ستكسبها حتما لا بالقوة وحدها و إنما بالإصرار و التضحيات : لقد فهم بوتين أن الغرب لم يعد يستطيع خوض حرب ، حين أصبح رجاله إناثًا و إناثه أرحاماً مستأجرة ..
لقد عانت شعوب إفريقيا بما فيه الكفاية من عمالة أنظمتها لكن التاريخ يقول لنا اليوم بوضوح ، إن حرب إيكواس بالوكالة و اندفاعها ضد أبناء جلدتها لحماية مصالح فرنسا و الناتو ، ستكون آخر مواقف خجل العمالة لأعداء الإنسانية في تاريخ القارة..
هزيمة الناتو لم تعد أكثر من مسألة وقت و ستكون هزيمته من هنا .. من غرب إفريقيا ، لا من أوكرانيا .
و تراجع حدة الموقف الأمريكي اليوم من انقلاب النيجر ، هروب من المواجهة، لأنها أدركت حتما أنه الفخ الروسي الذي يجب أن تتجنبه ؟
فهل سيركب الناتو مطية غبائه ليقع في ما تحاشته أمريكا ، أم سيكتفي بالتضحية بآخر عملائه (إيكواس) ليفقد كل أوراق بقائه في قارة المواد الأولية التي يسيل لها لعاب العالم !؟