إسحاق ولد الراجل..قصةاكتشاف الذهب
الزمان أنفو – تازيازت.. القصة كاملة
في نهاية التسعينات تم تعيين اسحاق ولد الراجل ولد البشير وزيرا للمعادن. وإسحاق مهندس من الرعيل الاول، جيل بناة الدولة الموريتانية. وهو خريج مدرسة المعادن العريقة في مدينة نانسي الفرنسية، وسبق له أن تولى نفس الحقيبة في عهد الرئيس السابق المختار ولد داداه رحم الله الجميع.
قبل توليه الوزارة كانت هنالك رخصة تنقيب قديمة للذهب في الشمال الموريتاني تملكها شركة سنيم، وسبق أن أبدت رغبتها في التخلص منها، أولا لأن أسعار الذهب كانت منخفضة جدا في تلك الفترة، وثانيا لأن تمويل دراسات جدوائية للتنقيب عن الذهب لم يكن ضمن أولويات عملاق المعادن الموريتاني.
ولكن اسحاق لديه قناعة راسخة بأن منطقة الشمال الموريتاني غنية بالذهب. لذا عند وصوله إلى الوزارة قادما من المكتب الموريتاني للبحث الجيولوجي OMRG الذي كان يديره لسنوات، شرع في البحث عن مستثمرين أجانب.
استخدم اسحاق شبكة علاقاته الواسعة، التي بناها على مقاعد مدرسة المهندسين في فرنسا، وشد الرحال إلى ثلاث دول هي الأولى في مجال الذهب : كندا واستراليا وجنوب افريقيا.
حدثني أحد مقربيه أن المرحوم لما لم يجد مستثمرا قال له أصدقاءه إنهم مستعدون لتمويل المشروع إذا كانت هنالك شركة مهما بلغ صغرها ستقبل المخاطرة معهم. وفي النهاية استطاع الوزير إقناع شركة يوجد مقرها في اسبانيا وتسمى ريو نارسيا.
قدمت هذه الشركة إلى موريتانيا ووقعت عقد شراكة مع OMRG تقوم بموجبه سنيم بالتنازل عن رخصتها لصالح ريو نارسيا. وفعلا دخل عدد من أصدقاء المرحوم في رأس مال الشركة بمبالغ مهمة، ومن قلة معرفتهم بموريتانيا كانو يظنون أن اسحاق ثري مثلهم، مع أنه كان لا يملك سوى منزل متواضع يسكنه في سوكوجيم لكصر.
بدأت أعمال التنقيب ببطأ وتم فعلا العثور على كميات ضئيلة من الذهب، لم تكن بالمستوى المنتظر ولكنها كانت كافية لإقناع شركة كندية تدعى
Lundin Mining Corporation
بالاستثمار في المشروع.
وفعلا قدم السيد لوندين مالك الشركة إلى موريتانيا، وقام بتشييد منجم
Mine de seconde main
في الشمال، وبعد أن بدأ المنجم العمل قام بشراء المشروع بكامله ودفع مبلغ 80 مليون دولار وأصبح المالك الوحيد للمنجم. بعد ذلك بثلاث سنوات قام ببيعه لشركة ريد باك ماينينگ بمبلغ 320 مليون دولار. أي أربعة أضعاف الاستثمار.
قامت شركة ريد باك بتجديد المنجم ثم باعته لشركة كينروس گولد بمبلغ 7.1 مليار دولار. ثم تم إنشاء شركة كينروس تازيازت التي وقعت عقدا مع موريتانيا يتم بموجبه إعفاءها من الضريبة على البيع
Impôt sur la cessation
يعني إذا قامت تازيازت ببيع المنجم فلن تدفع أوقية واحدة لموريتانيا، مهما كان مبلغ الصفقة !
ثم بدأ البطش الحقيقي : لكي لا تدفع تازيازت أوقية واحدة في بند الضريبة على الأرباح
Impôt sur les bénéfices
يجب أن تثبت أن ما يكلفه استخراج الذهب يفوق مردوديته أو يعادلها. وهو ما يسمى
L’optimisation fiscale
وبناء عليه يعيش الأجانب الذين يعملون في تازيازت ببذخ شديد. أي أن المهندس مثلا يمكنه أن يطلب طائرة خاصة لنقله مباشرة من المنجم إلى لاس بالماس للإستجمام، بدل الذهاب إلى نواذيبو أو نواكشوط واستخدام النقل الجوي العادي.
نفس الشيئ ينطبق على استهلاكهم اليومي. مثلا بدل شراء اللحوم من عند المنمين في إنشيري يقومون باستجلابها من الأرجنتين !!!
وهكذا..
اليوم أثبت المنقبون التقليديون قدرتهم على استخراج ضعف ما تعترف تازيازت باستخراجه، مع فارق بسيط :
- التنقيب التقليدي تعيش منه أسر موريتانية فقيرة، بينما تازيازت يعيش منها أثرياء أجانب وترمي لنا بالفتات : حوالي 3%.
-
المنقبون يبيعون الذهب للبنك المركزي حيث يساهم في تقوية عملتنا، أما تازيازت فتبيعه في السوق العالمية.
-
المنقبون التقليديون يدفعون ضرائب وإتاوات للخزينة، بينما تازيازت منذ إنشائها لم تدفع أوقية واحدة كضريبة للأرباح.
إلى متى سنظل متفرجين هكذا على نهب ثروتنا ؟ لقد نجحت تازيازت في عملية النهب هذه بتواطئ مع أطر ورجال أعمال موريتانيين، ويوما ما سيقفون أمام القضاء بتهمة الخيانة العظمى.
حسن لبات