فخامة الرئيس .. يا فخامة الرئيس ! / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو –
الحديث عن الفساد أصبح (تماما مثله) ، على كل لسان ، بالأسماء و الأرقام و المواقع و الخلفيات و الطول و العرض و العمق ..
و حين تنتشر أي ظاهرة إلى هذا الحد و يتلقفها الرأي العام بهذا الحجم (بخط عريض تحت “هذا الحجم”) ، يصبح من المستحيل أن تتراجع بأي معجزة ، إلى مستوى التعايش معها ، كما كان من قبل.
ما أعنيه بوضوح هو أن تساهل النظام مع هذا الوضع الغوغائي (في ظاهره) و اعتباره زوبعة عابرة ، يكفي الانحناء أمامها حتى تمر ، هو استجابة عاجزة في قراءة سياسية فاشلة ، لخطر داهم تستيقظ حلقاته تباعا ، بوتيرة تصاعد لا تؤتمن.!
أي ردود فعل تبريرية في هذا المجال و في هذا الوقت بالذات (بكل خصوصياته و اضطراب ظروفه و قوة أدلته) ، لن يفيد إلا في استفحال الوضع باتجاه الخروج على السيطرة : كل الأحداث المؤسفة تبدأ بلا مبالاة الأنظمة بتمرغ مثل هكذا قضايا عالية الجدية ، في وجدان الرأي العام ، بمثل هذه المرارة المتصاعدة.
ما كان البعض يعتبره مزاجا عاما ، بلا مفعول و لا تأثير و لا مخاطر ، أصبح الآن رأيا عاما بامتياز ، بالغ الخطورة و التأثير ، بسبب أخطاء النظام و تبجح مفسديه و تحديهم الممنهج للنخبة و الشعب و المستائين من هذا الوضع المختل في كل مظاهره.
لقد أصبح الحديث عن الفساد مخيفا ، و تأتي شهادات البنك الدولي و صندوق النقد الدولي و خبراء دوليين في المجال ، بخطورة مستوى الفساد في البلد و صعوبة مواجهته ، لتصب الزيت على زيت نار لم تُبقِ غير ما تشتعلُ به.
الرد الحكيم الأوحد اليوم ، هو العمل بهدوء ، على إصلاحات متواصلة في العمق ، تعتمد الإقناع من خلال التخلص من رموز فساد العشرية المسيطرين اليوم على كل مفاصل الدولة ، المحتلين بتبجح ، لواجهة القرار السياسي للنظام ، كأنما يتم اختيارهم على معيار تحدي الشعور العام لهذا الشعب المصلوب على خشبة التهميش و الاحتقار ، في دوامة حرمان بلا قاع .
- هل يتدارك الرئيس غزواني وضع نظامه المنهار ؟
- هل يدرك أن الجميع أصبح يدرك كل الحقائق ، بأصغر تفاصيلها ؟
- هل يعي أن لا أحد اليوم ، يستمع إلى مبررات نظامه إلا للتندر بتناقضها مع الممارسات المكشوفة للجميع ؟
- هل أدرك ولد الغزواني اليوم ، أن ولد عبد العزيز انتصر عليه إعلاميا (من داخل نظامه) بفضح كل هفوات إدارته ؛ بنشر الوثائق و الفواتير و التقارير السرية و أسرار الجيش و الأمن و تفاصيل الحياة الخاصة لممارسات أقاربه و مقربيه ؟
لقد حاولنا جادين ، إنقاذ هذا النظام الذي توفرت له كل وسائل إخراج البلد من مأزقه بأبسط مجهود عقلاني . و كنا في دعمنا له متصالحين مع ذواتنا : لا خيار لنا (كعقلاء يدركون هشاشة بلهم و يسهرون على أمنه و استقراره)، غير الحفاظ على الموجود ، مدركين صعوبة مهمة الرئيس و ما فيها من إكراهات داخلية و خارجية و الوضع الكارثي الذي وجد فيه البلد المنهوب و أزمة الإدارة المتمثلة في غياب الكفاءات و الفساد و التنصل من كل مسؤولياتها اتجاه المواطن ..
و ها نحن اليوم نقول كاذبين ، إننا لم نعد نفهم ما يريده الرئيس غزواني ، آملين أن تكون التوجهات الأخيرة و الإجراءات العقابية المتخذة ضد البعض ، بداية عهد إصلاحي جديد ، لا يهمنا تأخره بقدر ما تهمنا صرامته و شموليته و جديته ..
حفظ الله موريتانيا