أهم ما احتوته الوثيقة المسربة / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو –
اتفقنا معه أو اختلفنا و رغم ما رافق تاريخه السياسي من “أخطاء” ، يراها البعض كارثية حد تحميله مسؤولية ما نحن فيه. و يراها البعض محاولات تكتيكية تكون مفهومة في حالة فشلها و بطولة في حالة نجاحها ، تماما مثل الانقلابات العسكرية (فاشلها جريمة و ناجحها بطولة) ، لا يختلف اثنان على أن حزب تكتل القوى الديمقراطية ، حزب معارض أصيل ، قدم ما لم يقدمه غيره من تضحيات و ساير كل مراحل كذبة الديمقراطية بعناد و كل مسار العسكر “الديمقراطي” بإزعاج ، كاد في مرات عديدة أن يوقع به . وقديما قيل “وحده من لا يعمل أي شيء هو من لا يخطأ”..
و لا يحتاج حزب اتحاد قوى التقدم إلى شهادة مني و لا من غيري ، لتقييم عطائه المستمر و ريادته السياسية لكل مراحل الوعي الوطني و مقارعته المشهودة لكل أنظمة الطغيان (أعني كل أنظمة البلد) ، بأعلى درجات الصبر و التضحية و التجلد و الانضباط ؛ وافق هوانا ذلك أو لم يوافقه ..
أردت هنا أن أقول بأعلى صوت .. أن أنبه الجميع.. أن أذكر من ينسون .. أن أُسمِع من يمارسون اليوم لعبة “خلا لكِ الجو فبيضي و اصفري” ، أنه يكفي الاتفاقية الموقعة بين هذين الحزبين و رأس النظام (بغض النظر عن محتواها) ، أنها تعيد أطراف الهَمِّ الوطني الحقيقيين إلى مواقعهم الشرعية.
لو لم تحمل هذه الوثيقة (معلنة المعلن و سرية السري) ، غير إعادة ترتيب الأوضاع المختلة من خلال تحديد أطراف اللعبة ، بما يعيد إلى الساحة توازناتها الجادة و أوتاد خيمة استقرار وضعها الطبيعي ، لكفاها ذلك لتستحق احترامنا و نستحق شرف الإشادة بها..
أسوأ ما نعيشه اليوم في هذا البلد ، مما أصبح الجميع يذعن له بجبن، هو أنك أصبحتَ توصفُ بالعنصري إذا لم تساير العنصريين الجدد .. و توصف بالمتطرف إذا لم تساير المتطرفين المؤججين لنيران الحقد و الكراهية ..
فجأة ، انفجرت في بلدنا جريمة الشرائحية المستوردة (المصممة بإحكام لتفجير البلدان المستهدفة)، ليركبها ، في زمن أنظمة الاستهتار و النهب ، كل غبي (برجل في مربع “النظام” التائه و رجل في مربع “الفوضى الخلاقة”) ، لتتحول الحياة على أرضنا دون سابق إنذار ، إلى جحيم لا يطاق ..
ألا يَخرجُ اليومَ ، عن أدنى حد للجد و اللباقة ، من يتكلم عن معارضة بيرام و تيام صامبا و ولد لوليد و صار إبراهيما و كل ما أنتجته كذبة ديمقراطية ” لا بول” و أجندة الصهيونية العالمية ، العاملة بذكائها العالي و وسائلها الضخمة ، على تجنيد كل غبي يتاجر بعمالته (و صدقوا بيرام إذا قال لكم إنه لا يفهم و لا يعلم أنه عميل ؛ ليته يدرك صغر عقله و بعده عن فهم ما يُراد به و من يريدونه منه) .
هذه الهوليغانص المغمورة ، الصاعدة من تحت طاولة الألاعيب الاستخباراتية الفاشلة ، المُقِرَّة باستعدادها للتعامل مع الشيطان .. المقرة بحملها السلاح ضد بلدها .. المقرة بالفم الملآن بممارسة المقاولة السياسية .. المطالبة بإعادة التأسيس للعودة إلى مرافئ لم تكن ، هي من تحاول اليوم تحييد تكتل القوى الديمقراطية و اتحاد قوى التقدم و التربع بشريحة مشروخة على أمجاد خمسين سنة من الرفض و التظاهر و الممانعة و النضال ، في زمن كان فيه التلفظ بكلمة “ديمقراطية” تهمة مفتوحة لإنزال أي عقوبة بمستخدمها ..
يا شعبنا الطيب ،
يا نخبتنا المستقيلة ،
يا أمننا المحترم ،
– بلد يتكلم فيه بيرام عن الحقوق و الديمقراطية ..
-بلد يتكلم في تيام صامبا عن الوفاء و الوطنية ..
– بلد يتكلم فيه ولد لوليد عن الشرف و الأخلاق و الكرامة الإنسانية ..
– بلد يتكلم فيه السنغالي صار إبراهيما عن خيارات بلدنا و مصيره ..
هو بلا شك ، بلد مستباح ، تحكمه الفوضى و العبثية و العقول القاصرة ..
الجاهل لا رأي له ،
الخيانة ليست وجهة نظر ،
الديمقراطية ليست حق احترام آراء الأغبياء ..
على هذه الأصوات الجاهلة ، المرتزقة ، الطفيلية ، الانتهازية ، الاستفزازية ، أن تختفي من المشهد السياسي ..
السياسة مجال المثقفين ، مجال المنظرين ، مجال المفكرين ..
السياسة باع و أخلاق و توازن و سعة صدر و لباقة و كياسة و جاذبية و قبول …
هنا ، أرفع قبعتي عاليا للسياسي الرزين بيجل ولد هميت و الدكتور محمد ولد مولود وحدهما ، لا بحصيلة عملهما المبهرة و إنما لفهمهما و ممارستهما للعمل السياسي على أصوله و تشبثهما بأخلاق رجال السياسة الكبار .
فلماذا في بلدنا وحده ، تكون السياسة عمل من لا عمل له ؟
لماذا في بلدنا وحده ، تصبح الصحافة (مفخرة العالم المتميز) ، عمل من لا عمل له ؟
لماذا تكون الأنظمة الموريتانية أكبر مساهم في انتشار هذه الفوضى العارمة و هذا الاستهتار المدمر ؟
متى يتثلج الماء خجلا ، على أرضنا ؟
أين يمكن أن تروا في غير موريتانيا المستباحة ، من يتحدى شعبه بالمطالبة بجعل لغة من استعمره و قهر شعبه و قتل أبناءه و أذل نخبه و نهب خيراته ، لغة بلده الرسمية؟
أين يمكن أن تروا في غير موريتانيا المستباحة ، من يرفض تعلم لغة بلده الرسمية و يطالب بالمساواة في التوظيف؟
على نخبة موريتانيا المستقيلة أمام مسؤولياتها ، أن تستيقظ من هذا الخمول المخزي .
و على النظام الموريتاني المشغول دوما بشؤون مأمورياته ، أن يمنحنا (في دقيقة واحدة) ، تفسيرا يمكن فهمه ، لمعنى “دولة” ؟