احمين أعمر …كلمة حق (رأي حر)

altقد يعيب  على  بعض المتعجلين( على المذهب  الظاهري  أو الواقعي  بعبارة أخرى  )، ممن يحكمون دون تأمل  أو  معايشة  للمعنى،  مجرد  الكتابة عن ولد أحمين أعمر  المثير للجدل، فمن  باب أولى  محاولة  إيضاح  بعض  جوانبه  الإيجابية والعميقة، التي قد تكفي  للتغطية على بعض العيوب أو محوها في حساب المنهج   الإسلامي “إن الحسنات يذهبن السيئات”.

هذا المنهج الإسلامي  الذي لا يعرف  أسراره  إلا راسمه  ومنزله من فوق سبعة أرقع.

وللتمهيد لهذا الحديث أقول ثمة في المجتمعات البشرية ناس يشذون أحيانا عن التصرف الطبيعي من وجهة نظر العامة، ليكتشف لاحقا ايجابية ما سعوا إليه رغم بعض الزلات أو التعجل أو ما يبدو ناقصا، لكنه يؤدي إلى خير أعم.

وهو مذهب  قديم جديد،  وصراع  أبدي متجدد،  ليس بالمفهوم  الإسلامي  المصطلح  عليه  فحسب (صراع وخلاف  أهل  الظاهر  والباطن ) وإنما خلاف أقيسة ورؤى، ومستويات  عقلية مختلفة  متنافرة الفهم والتلقي، وتوجد عند سائر البشر، ومثاله في القرآن والمنهج الرباني قبل نزول هذا الوحي الخاتم والشرع المعدل، قصة موسى(عليه السلام) والعبد الصالح الواردة تفصيلا في سورة الكهف(فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما).

 وإني معك أخي القارئ  على مذهب يجمع بين المجمع عليه والمتشابه فيه دون جدال مع التصديق والتسليم في المفهوم الظاهر والمفهوم الباطن وعلمه إلى الله.

لكن على وجه العموم  لا داعي  للغوص كثيرا، فأكثر ما دفعني للكتابة عن الرجل المذكور ومواقفه هو عمقه وغموضه وقوته المعنوية(الصبر والمراوغة) وتنوع وتغير دروبه وأساليبه للوصول إلى الأهداف المرسومة ذهنيا، دون اكتراث كبير بأقوال المثبطين.

هو شخص  واحد طبعا، لكن إبراهيم كان أمة.

فعندما يكون الرجل  قادرا على فرض  توجهه،  بالحيل والتوفيق بأي معنى،  يتحول إلى رجل أمة فعلا،  وليس شخصا  عاديا.

ففي تصرفه يكمن الحل والفرج  والمسار  الصحيح،  أو الخطر والانحراف.

أقول عندما يتحلى الرجل بهذا  المستوى  من القدرة على التأثير  بإذن الله، فهو صاحب شأن أو أمر يستحق النظر بأسلوب غير عاطفي وموضوعي نسبيا .

 وباختصار فإني لم أرض لولد أحمين أعمر ما فعله  في وقت سابق،  من الانسحاب السريع  من حزب “تقدم ” ، دون مبرر مبدئي  مقنع ، لكن  الحساب عند بعض السياسيين أغمض، وله صلة  بالمصلحة الانتخابية  وشبكة علاقاتهم .

لقد  انسحب -حسب  معلوماتي-  تحت  ضغط شديد من مقربين، يحسبون وجوده المستمر في ذلك الحزب وبياناته اللاذعة،  من أهم  مصادر  ورطتهم  المعقدة  مع النظام ، وقد رفض مرارا وتكرار وأصر إصرارا،  لكنه  غلب  حصارا  وتوددا  وترغيبا  وترهيبا، والناس  بشر  وأصحاب نظرات  في مصير  ما يشتغلون به  من شأن  مجموعاتهم، ولا أحسب الأمر في حساب  العمدة محمد المخطار ولد أحمين أعمر مسألة مصلحة ذاتية فحسب،  ولو كان لهذا الجانب الشخصي  نصيب محدود .

فلو لم تكن جنة ولا نار، لما عبد كثيرون ربهم  وثبتوا خوفا ( أولا)  وطمعا ثانيا ، إلا الصفوة من البشر، من الأنبياء والصديقين  والشهداء والصالحين، والمتبتلة الشهيرة رابعة العدوية، صاحبة قصة في محاولة  الترفع عن الترغيب  والترهيب  والحب الإلهي الخالص، وهو شأن عال موجود  نادر عند كبار  الشأن  من أهل الصلة بالله ، لكنه ليس الأعم الأغلب .

ولقد قصدت من بعض هذا القول تأكيد جواز-أعني أخلاقيا- توخي المنافع في العملية السياسية، فرديا وجماعيا، بعد التشبث بعروة المبدئية، فلا خير في الواقعية المفرطة ولا المثالية المجنحة.

 فنحن معشر  البشر  وسط بين  طبع ملائكي معصوم  مقهور  على الخير،  وطبع شيطاني، غلب عليه  الكبر والكيد بالشر العميق للمحسنين  من الإنس،  حسب المعلوم من القرآن، وربما الكيد أيضا ضد الجن من المسلمين !!!.

نعم هكذا خلقنا  نرغب  في الخير الدنيوي  والأخروي،  ونخاف  شر  الدنيا وعقاب الآخرة، بالنسبة  للمهتدين، اللهم اجعلنا منهم .

فلم نناور جميعا  في  الخفاء  وفي العلن، وفي اليوم سبعين مرة، عبر الهواتف والصالونات  وفي الحضر  والسفر ، والليل والنهار،  وما بينهما  إن وجد، أو سيوجد لاحقا  في علم الله، بعد الفصل  بين أهل الخير والشر، فريق في الجنة وفريق في السعير، حيث لا قمر ولا زمهرير، ولا تحاولوا أن تعذروا،ولو مرة واحدة، ولد إحمين اعمر، فيما ذهب إليه  من تحرك حزبي واجتهاد سياسي بشري.

ورغم أنني أوافقكم القول،  في أهمية  الثبات  وكره كثرة الترحال السياسي، لكن بعض المتحاملين على خلاف المروج له، لغرض  في نفس يعقوب،  إلا من رحم ربك.

  فالبعض على شاكلة  فريق، يرى القذى  في عين أخيه  ولا يرى  العصا في عينه).

قد لا أقر أخي محمد المختار  على بعض ما لا أفهمه  من تصرفاته، لكن هل سافرتم معه؟.

 فقد سافرت معه، فنعم الرجل أريحية  ودعابة   وكرما وصدقة سر، يحاول أن يخفيها، فتظهر أحيانا قدرا من المدبر الواحد في إشاعة معروفه، لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى، ربما لكثرة أعداء هذا السياسي المخضرم وحساده، خصوصا على مستوى مقاطعة أوجفت، التي لم يبخلها جهدا لا ساكنة ولا أرضا(شق الطرق، جلب المنافع، إصلاح ذات البين، التعريف بالمدينة والدفاع عن قضاياها ومحاولة التخفيف من معاناة ساكنته. قصة حمى الوادي المتصدع مثلا، حين سكت غيره من سياسيي المقاطعة والولاية عموما).

فهذا الرجل المثير للجدل في نظر منتقديه، يبقى  في ميدان السياسة والشطارة  لا يبارى، بغض النظر  عن معايير الأخلاق  التقليدية المتعارف عليها في نظر من لا يرقى عقله إلى درجة  القياس والعلل، بالمعنى التجريبي البشري،  وليس على منوال  أصولي  متخصص.

 

وستذكرون ما أقول لكم، فليس هذا تزكية مطلقة،  أو إشادة عاطفية، أو إنكار  لما يشاع  من نقد وتقييم، فالانتقاد بضوابطه  الشرعية  والأدبية، صحي لصاحبه ولغيره وللأمة برمتها، أما التحامل والاستهداف والتجني،  فسوى ذلك وخلافه، وهما متباعدان من حيث المقصد  والخلفية ( مابين  حسن النية  وسوئها).

 أحسبه عند الله ـ إن شاء الله ـ رجل خير  وتوخي صالح عام، لأهل أوجفت  خاصة وأهل آدرار عموما  و الوطن من وراء ذلك والأمة  كلها.

 تذكروا يا أهلنا، يوم عصف بكم مرض  حمى الواد المتصدع،  مصير اهل آدرار وإطواز على وجه الخصوص،  وبوجه أخص  مقاطعة أوجفت ، فمن تابع من الناخبين وأعيان المقاطعة ساحة المرض الخطير الفتاك بالانسان والحيوان والبيئة، وتحرك بعمق وإنسانية  خالصة.

راجع أخي  القارئ مقال ( وبال مهمل ) في موقع موريتانيا من خلال صفحة كتاب موريتانيا.    

وسيظل ولد أحمين أعمر-بغض النظر عن نتائج الانتخابات الهشة المرتقبة- من أهم  رجالات أوجفت العاملين في ميدان السياسة.

فخلق كثير لن أذكرهم ، لأنهم سكتوا وقت الخطر الوبائي الداهم، فالساكت عن الحق شيطان أخرس .

فعند الطمع  يظهر هذا الخلق الكثير، وتعتمده السلطة  الانقلابية  المتواطئة معهم،  ضد عباد الله  الضعفاء  وضد الشعب الموريتاني  عموما ، لصالح  المآرب  الضيقة  لرأس النظام ومجموعاته  العائلية  ولوبياته المزمرة !!!.

إن استهداف ولد إحمين أعمرانتخابيا ،  استهداف لبعض  مصالح أهل أوجفت  المغيبين، بقصد وإهانة ،للأسف البالغ،  ويتنافى  مع الجدل  المشروع  الموضوعي  الناصح ، حول  تجربة الرجل  المخضرم   الصبور،  وللحديث   بقية.

  فهذه السطور مجرد  إثارة  أولية، حول هذا  العمدة الشهير، المتعدد  المناقب  في نظر البعض،  وربما  بعض المآخذ  غير القابلة للتبرير في نظر البعض

 فلكل جواد كبوة، وكفى  المرء أن تعد عيوبه ، كما أن الزعماء يكتبون أحيانا  بأنفسهم ثغرات تجاربهم،

فيقول الراحل المشهور منهم ، قبل وفاته وبشجاعة وصراحة ، هذه أخطائي، ممارسة للنقد الذاتي المقدام النادر، الذي يدل على الحكمة والبعد عن الانفعال والإدعاء غير المباشر للعصمة، التي لا تجوز في عقيدتنا ورسالتنا الخاتمة إلا للأنبياء والمرسلين .

يا معشر السياسيين افتحوا  صدوركم للنقد، ولو كان خاطئ المقصد أو المضمون، عسى أن تنضج- ولو تدريجيا – تجربتنا الديمقراطية  المتعثرة،  محليا وعربيا.

بقلم / عبد الفتاح ولد اعبيدن

المدير الناشر ورئيس تحرير صحيفة “الأقصى “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى