فأومأت بكحيل الطرف باسمة…نحوي لكي ما أرى أن الرقيب يرى
زارت مُعَرَّسَ سَفْرٍ بعد ما ارتحلوا … شهراً رواحاً وتهجيراً ومبتَكرا
تهوى بهم راقصات العبس طاويةً … أخفافها من عراض اليد ما انتشرا
تعلو الهضاب وصمَّ الصخر حافيةَ … ما أن ترى نَقَباً فيها ولا دَبَرا
بُزْلا سمى النيُّ في أثباجها وعلى … غِرْبانها لبَّدَتْ أذنابها الخطرا
عهدي بها لم تزر جاراتها كسلا … واهاً لها كيف باتت تسلك الوعرا
باتت تشقُّ ظلامَ الليل نحوهمُ … يا عظم ما كَلَّفَتْ أوصالها الفُترا
ما أنس لا أنس والأيَّامُ مولعَةٌ … بفرقة الشمل إذ خالستها النظرا
فأومأتْ بكحيل الطرف باسمة … نحوي لكيما أرى أن الرقيب يرى
أيام أحسو رحيق الوصل آمنة … نفسي أن أحسوَ سمَّ الصرم والصبرا
ما كنتُ أحسب هذا الدهر تُحدث لي … أحداثه من ليالي صفوه كدرا
إني إذا الحبل أمسى من عُلَيَّةَ ذا … صرْم وأمسى تدانيها نوًى شُطُرا
عديت عنها وعن جاراتها وَخَدَتْ … بي نجب فكرىَ للمختار من مضرا
من يشغل الذهن منه في محاسنه … يستقبح اللعَسَ المعسول والحَوَرا
لمَّا برى كبدي ما قد جنته يدي … يممته صارفاً عن غيره البصرا
وجهَّتُ وجْهي إلى خير الورى وأرى … لنفسيَ الفوز بالمطلوب والظفرا
وجّهت وجْهي إلى مُغْنى الفقير ألا … إني لمعروفه من أفقرِ الفقرا
وجَّهت وجْهي لذي الخُلْقُ العظيم وذي ال … مجد الصميم عديم الشكل والنُّظَرا
وجَّهت وجْهي لمحمود المقام ومق … صود الأنام إذا الخطب الجليل عرا
مولى الشفاعة في الهول العظيم إذا … ما صدَّ عنها جميع الرسل واعتذرا
منير صبح الهدى للمهتدين به … من بعدما جنَّ ليل الكفر واعتكرا
به إلى مَهْيع الحق اهتدى نفرٌ … وضلّه نفرٌ من قوله نَفَرا
قد أخرست عن مقال الحق لُسْنُهم … والضبُّ أخبر لما استُخبر الخبرا
وخالفوه ففاض الماءُ منفجراً … لمَّا دعاه ونادى فاندعى الشجرا