الطريق إلى أمريكا(1)
قصص من الواقع يكتبها: محمدعبدالله الفتح
الزمان أنفو – الطريق إلى أمريكا(1)
بدأت رحلة “سيدي محمود” إلى المخاطر بالطريق إلى الهجرة نحو ” الفردوس الأمريكي” بقرار شجاع، أملته ظروف خاصة.. كان هذا الفتى اليافع يمضي وقته في خوض المغامرات الخطرة بما في ءلك تعلم السياقة مع أقرانه دون علم والديه..وتسببت إحدى مغامرانه في دخوله قريته النمجاط هلار بالسينغال، ليقضي بها شهور سبعة..وكانت أسرة صوفية لها علاقة صداقة مع والده تستضيفه..وخلال تلك المدة أخذ الأوراد القادرية، وراجع نصف القرآن، وبدأ يتوق إلى أحلام أخرى، بدأ يحدث ذويه عنها عبر الهاتف، ليزود الأهل بمطالب كالملابس الجديد الفاخرة التي يود الحصول عليها قبل موعد ” الزيارة الكبرى”..تلك الزيارة التي اصبح البعض يسميها” حج النمجاط”..وكالهاتف الذكي الذي أوحت له متابعته بحلمه ” الهجرة الى بلاد العم سام”.
كانت زيارة ضريح الولي الشيخ سعدبوه السنوية بقرية النمجاط الموريتانية تجمع أسرة الشيخ عند ضريح جدهم، وكانت النمجاط تشهد أكبر إقبال على هذه الذكرى السنوية. وتميزت بالحزن الذي خيم منذ فترة على القرية الصغيرة، بعد رحيل آخر أبناء الشيخ “الشيخ آياه” الخليفة العام للطريقة القادرية، في غرب إفريقيا..ولما يتم اتفاق على اختيار خليفة له..قرر “سيدي محمود” خوض مغامرة جديدة: الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
شرع في متابعة تطبيق “تيك توك”، والفيس بوك، وكل التطبيقات التي أصبحت وسيلة للمهاجرين لنشر قصص رحلاتهم وصور وفيديوهات توثق لرحلاتهم وتخبر عن محطات الطريق..
ما إن عاد إلى أرض الوطن حتى أخرج بمساعدة والده بطاقة تعريفه الضائعة، وجواز سفر جديد..وكانت ضغوطه على الوالدة قد آتت أكلها لتبيع قطعتها الأرضية الوحيدة في العاصمة انواكشوط، حتى يتسنى له قطع التذاكرالأربعة عن طريق إحدى الوكالات،التي أصبح اصحابها أثريا في ظرف وجيز.. بدأت رحلته برحلات جوية من انواكشوط إلى كواتيمالا، مروراً بإسطنبول.
وصل “سيدي محمود” في النهاية إلى مكسيكو سيتى ومنها إلى حيث وجد مأوىً قسري، بعد أن أعيد رفاقه وعشرات المهاجرين من مختلف الجنسيات، إلى حيث أتوا ، وبقي هو لأن أورقه وشت بأنه قاصر..وعلى بعد مائتي كيلومتر من حائط المكسيك،قضى ستة أيام بملجأ تديره لبنانية ساعدته كثيرا عبر التواصل مع ذويه، ليواصل نحو المدينة القريبة، والفندق الذي كان آخر محطة قبل العبور إلى الولايات المتحدة.
بعد أشهر من العيش في ملجأ بدا يشعر أن حريته مقيدة وبدأ يضرب عن الطعام تارة ..ويصر على أن أوارقه لا تعكس عمره الحقيقي..
على الجانب الآخر من المحيط، كانت والدة “سيدي محمود”، تتواصل معه بالهاتف وأحيانا عبر السيدة “واملي”، كانت تحاول بكل جهدها إقناعه بالتريث والهدوء، وتجنب العناد مع مشرفي الملجأ،وعدم التشبث بأنه بالغ ..بعد تجربة القفز والعيش طيلة أشهر في هذه المغامرة الخطيرة.
كان حديثه ينصب على أن رفاقه غادروا الملجأ وعملوا.. وبدأوا الإدخار لمساعدة الوالدين على حج بيت الله الحرام، وتحقيق الحلم باقتناء سيارة الكورولا 2023 الفارهة والمنزلالفاخر..
رغم كل الضغوط والمصاعب، كان “.سيدي” يؤمن بأن هذه الرحلة هي فرصته الوحيدة لتحقيق مستقبل أفضل عبر الهجرة والعمل بأمريكا. وهكذا، استمر في سعيه نحو مخاطر فردوس الشباب المفقود، بعد أن رفض كل العقبات وتشبث بقوة، بالأمل الذي بدأ يلوح في الأفق.