لا تلمس.. ديني الذي لا إكراه فيه/ المشري ولد الرباني
في القواعد القانونية، توجد جريمة اسمها “عدم إسعاف شخص في حالة خطر”. وتوجد جريمة غير منصوصة، اسمها “الصمت المتمالئ”. وأخشى أن يكون مثقفو موريتانيا يرتكبون الجريمتين معا بالتزامهم الحياد في معركة زرع الراديكالية في مجتمعنا المتسامح.
أصحاب اللحى العشوائية يثيرون أصحاب اللحى المهذبة/ الصورة لموقع “المواطن” التونسي أصحاب اللحى العشوائية يثيرون أصحاب اللحى المهذبة/ الصورة لموقع “المواطن” التونسي لقد انتصب ذوو لحى كثة وغير متناغمة مع وجوههم، محاكم تفتيش على الحريات في القرن الحادي والعشرين. وكما اعتقد أسلافهم من المتطرفين، يعتقد هؤلاء أن قراراتهم تُتّخَذ من فوق سبع سماوات، وأنهم مُمَدُّون بخمسة آلاف من الملائكة مسومين نزلوا إلى الأرض خصيصا لمحاربة ثلاثة ملايين مواطن موريتاني يطبقون إسلاما لا إكراه فيه. يدّعون حماية الأطفال والنساء، ويمارسون عليهم كل الاعتداءات الجنسية: الاستغلال، التجنيد، الخفاض، الزواج المبكر، الجبر، تعدد الزوجات وما يعنيه من إهانة نفسية للمرأة… يزعمون السعي لـ “تحصين” الشباب من المخاطر الإلكترونية (أشعر بقشعريرة في كتفي)، ولكنهم لا يتطرقون للحملات التي يقام بها، إلكترونيا، لتجنيدهم في المنظمات الإرهابية… لا يقولون أبدا لماذا لا يعتبرون الخطب الوعظية العنيفة أكبر خطر على الشباب. يريدون ردع ليلى مولاي وزملائها، ولا يتعرضون لنظيراتها الزنجيات اللائي يتمايلن طربا وجمالا على شاشة التلفزيون الوطني. ففي لاشعورهم قناعة بأن ليلى مولاي، وهي الممثلة الموريتانية الأولى الساعية نحو النجومية العالمية، مسلمة مالكية؛ لأنها بظانية تغني بلسان البظان، أما غير البظان فهم مجرد “أشياء” لا تستحق التوقف عندها. نحن، إذن، أمام أيام مفتوحة على دين جديد قوامه الزج بشباب في مقتبل العمر في فضاء ليس فضاءهم. ففضاؤهم هو المدارس والجامعات والبحوث والإبداع؛ القاعات الرياضية والثقافية؛ الجمال والحب؛ التسامح والانفتاح… والتمتع بالحرية التي يتيحها عصرهم. وما يدعوني للقلق أكثر هو لقاء ذو دوافع انتخابية ضم، خلال العيد، أحد “نجوم” الدعوة وأحد المسؤولين السامين في الجمهورية، بطلب من الأخير. فقد استرسل الداعية النجم في الحديث عن ضرورة إنشاء “هيأة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”. وقال، في عبارة لا تخلو من المراوغة والخداع: إن رئيس الجمهورية (الذي يختزل كل مؤسسات الجمهورية في شخصه، وهذا تعليق من الكاتب) خرج للتو من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وعليه أن ينشئ الهيأة حتى لا يصير مجرد “حلاب ناكتو فالظاي”. وكان مزعجا أن يمر المغفور له، في طريق العودة، بكبير مشعوذي القارة و”حارس القيم” فيها يحي جامي الذي له تاريخ حديث مليء بتصفية الحسابات بمبررات دينية. تدومون كما ترومون. Noorinfo