الجاهل إذا تكلم أخطأ و إذا سكت أخطأ…” / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو – من بين عدة آلاف من القضايا المشهودة في القطاعين العام و الخاص ، تمت (حتى الحين) ، محاكمة ولد عبد العزيز على الحزمة الأولى ، فكان طلب النيابة (20 سنة) ، دون المنتظر بكثير و دون مستوى الجرائم المقدرة بعشرات المليارات (بل مئات المليارات) و ينتظر كثيرون أن يكون حكم القاضي دون طلب النيابة ، كما جرت العادة .
و ليست مطالبنا بأن يكون الحكم على عزيز أقسى ، قضية انتقامية أساسا، بل نريده و نحتاجه أن يكون معبرًا عن ما ألحق من خراب ببلدنا المنكوب..
عشرات المليارات يا بشر ، كانت تنقذ أرواح آلاف المرضى ممن ماتوا على أسرَّة مستشفياتنا البائسة بأجهزتها الرخيصة و أدويتها المغشوشة و معاينات أطباء منهكين و مستهترين ..
سرقة عشرات المليارات في بلد يعيش حوالي ثلث مواطنيه تحت خط الفقر ، جريمة لا تغتفر ، يستحق مرتكبها أقصى عقوبة : (الإعدام أو المؤبد مع الأعمال الشاقة) ..
- سرقة عشرات المليارات في بلد تزيد مديونيته على ميزانيته بسبب جرائم العشرية، تعد بأرواح من ماتوا و من هاجروا و من حُرموا و من ظلموا ، لا بأوراق نقدية صماء ..
سرقة عشرات المليارات كانت تكفي لإعداد ثورة زراعية ، تؤهل بلدنا ليصبح على رأس قائمة الدول المصدرة لجل المواد الزراعية ..
عشرات المليارات كانت تكفي لحل مشاكل التعليم و التكوين و زيادة رواتب العمال بما يكفي لاستغنائهم عن العيش على الرشوة و التحايل..
عشرات المليارات كانت تكفي لخلق ثورة صناعية في بلد يمتلك كل مقوماتها..
عشرات المليارات، كانت تكفي لتشييد عشرات السدود و حفر مئات الآبار لحل مشكلة العطش في الداخل و توسيع رقعة الانتجاع
عشرات المليارات كانت تكفي لاستصلاح و تسييج آلاف الهكتارات في قطاعي الزراعة النهرية و المطرية
عشرات المليارات ، كانت تكفي لإنشاء طرق بمعايير دولية و تسييجها ، للحد من شلال الوفيات على طرقنا المتهالكة ..
من يتحدثون اليوم عن إنجازات عشرية عزيز المشؤومة ، يمتدحونه بما نعيبه عليه بالضبط : تشييد الطرق و الموانئ و المطارات و بناء المدارس (و بيعها) ، هي أهم وسائل السرقة الغبية : المطار صفقة ، الطرق صفقة ، الجامعة صفقة ، تبديل العملة صفقة ، تغيير العلم صفقة ، شركة تركيب الطائرات الصغيرة صفقة ، المسجد الكبير صفقة ، إذاعة القرآن صفقة ، دكاكين أمل صفقة ، قروض البنك الدولي و صندوق النقد صفقات ، مدرسة الشرطة صفقة ، ابلوكات صفقة ، الحالة المدنية أُمُّ الصفقات..
من يفتح أيا من هذه الجرائم و لا يحكم على ولد عبد العزيز بالخيانة العظمى ، يُتَّهمُ حتما بِلَيِّ أعناق النصوص و استغلال القانون لصالحه ، لا العكس..
حين ننظر إلى ما ألحقت سرقات عزيز ببلدنا من أضرار ، بانعكاساتها على الفقراء و المحرومين ، لا إلى اعتبارها مجرد أوراق نقدية ، نفهم بوضوح أن أي عقوبة غير عذاب الله ، لا تكفي لموازاة جرائمه ..
لقد ذهبتم بعيدا و عقدتم قضية في منتهى الوضوح ما كانت تحتاج أكثر من نصف ساعة لحسمها ..
كانت هذه المحاكمة بالغة الغباء و مملة التعاطي ، فما كان ينبغي أن تتجاوز حصر ممتلكات عزيز و تقديرها بعد تقويم غير النقدي منها و سؤاله :
– هل هذه ممتلكاتك ؟
– ألم تقل إنك لم تصرف فلسا من راتبك منذ وصولك الحكم؟
– ألم تقل بأن لديك ثروة هائلة؟
فمن أين لك هذا؟
إذا ادعى أنها من أموال الحملات ، فهو سارق محترف و لص من طراز لم يسبقه له أي آخر ..
إذا قال إنها هدايا من حكام عرب فهو أجهل خلق الله بالقانون..
و إذا قال بأنها من صناديق آكرا و ثمن السنوسي و أموال القذافي و عمولات عشر سنين من النهب و الفوضى ، فهو حقا ولد عبد العزيز بلحمه و شحمه كما عرفناه و تماما كما عرفه من يعرفونه عن قرب و من نفذوا مهامه القذرة في حكومته و من سمعوا عن بعد قصص علي بابا موريتانيا المفتخر بجرائمه ، المدعي أن ملفه مسيَّس و ظالم لأنه غير مسؤول عن جرائمه كما يقول ولد الشدو و غير ملزم بالتصريح عن مصادرها لأنها هدايا من شخصيات عربية لعيد ميلاده الأول في دارومستي و الثاني في أگجوجت و الثالث في الرئاسة ، لا تعنينا في شيء ، كما يريد أن يقنعنا فريق دفاعه المتخبط في الأخطاء..
حين تضعوا أموال عزيز أمامه على الطاولة و تسألونه من أين لك هذا سيكون حتما كل تبرير لها جريمة جديدة تضاف إلى سرقاته المشهودة ..
تمسك عزيز بالمادة 93 ، الشاذة في أصلها و المخالفة للشرع بما يكفي لإلغائها و بتفسير الشدو لها الأكثر شذوذا ، المخالف لأي معنى للمسؤولية ، يعني بوضح أن عزيز سرق و نهب و أفسد بترصد و سبق إسرار ، بما يلغي أي معنى لخيانة الأمانة (حسب حجج فريق دفاعه) و خيانة عظمى باعتماده على المادة 93 ، كأن ولد الشدو أفهمه منذ دخوله القر أنها تحميه من كل شيء بالمطلق و عليه أن ينهب كل ما تفع عليه عينه ، تماما كما فعل بالضبط.
حين نقول إن عزيز كان مسؤولا عن كل ما أحدث من خراب في البلد ، ينبري لنا ولد الشدو و ساندريللا بقولهما إن المادة 93 تلغي مسؤوليته عن أي تصرف ارتكبه ، فهل تلغي هذه المادة أيضا اعترافه الشخصي بكل إصرار ،في جلسة أمس ، بمسؤوليته الكاملة عن كل ما حدث في عشريته المشؤومة !؟
و أراد ولد عبد العزيز أن يفهمنا أمس، أن مصادر أمواله من حملة 2019 ، ناسيا تاريخ بيع بلوكات و المدارس القديمة و مدرسة الشرطة و صناديق آكرا و اعترافات النائب الفرنسي مامير و ساعة الأزوادي “الثمينة” و قصة إيريك والتير العجيبة و بيع السنوسي و ودائع القذافي و يحيى جامي و علاقاته المشبوهة بالأزواديين و القاعدة في المغرب العربي و الصحراويين الذين استقبلوه في باريس و كل عصابات الجريمة المنظمة في المنطقة !!!
و إذا كان ولد عبد العزيز صادقا (و هو كذوب) في ما اعتبرها أسرارا ستقلب الدنيا ، فلماذا لا يحجز و يصادر ممتلكات من عارضه بشراسة و كشف جرائمه في الداخل و الخارج أمام الجميع و ساهم بقوة في إفشال مساعيه للحصول على مأموريته الثالثة !؟
ولد عبد العزيز “إذا تكلم أخطأ و إذا سكت أخطأ و إذا ذهب ضل جدًا” ، تماما كما وصف بيرنارد شو الجاهل مثله