أين الغَسَّالَة !؟/ سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو – الفرق بين البراءة و “البراعة” في موريتانيا يحدده القاموس السياسي لأن القانون فيها بلا قاموس كما توَّضح المادة 38 التي حوَّلت نشيدنا الوطني إلى أغنية مصرية هابطة و المادة 93 التي حولت الرئيس الموريتاني إلى مجنون (غير مسؤول عن أفعاله) .
و الفرق بين الحق و الباطل يفسره القانون عندنا بتناغم أوجه التشابه و الاختلاف بين البراعة و بالبراءة .
أن يحكم القضاء الموريتاني على مجرمَيْن (2)سرق الأول مليون أوقية و سرق الثاني مليارا في نفس الظروف و لنفس الأسباب ، بسنة نافذة على لأول و سنتين غير نافذتين على الثاني ، فهذه براعة تتفهمها البراءة و يقرها القانون ..
بارع هو القانون الموريتاني حين يحكم (بأي عقوبة) على جريمة دولية مثل “غسيل الأموال” ، بغسيلها لا بكمها و إخفاء تسع (9) تهم في الغسالة ، هي التي منحت عزيز القدرة على الإثراء غير الشرعي الذي دفعه إلى غسيل أمواله !!
لو كنت أحامي عن عزيز لأثبتُّ براءته من خلال حكم المحكمة بغياب وسائل الجريمة التي تم تعويمها في قاع الغسالة و بعدم اختصاص المحكمة الذي أثبتته التُهم من خلال غياب أي لزوم لكل دلالات المادة 93 و تفاسيرها المعاكسة ..
لم أستطع أن أفهم أي شيء عن الخلفية الحقيقية لهذه المحاكمة : – لم أر فيها تصفية حساب ..
– لم أر فيها موقفا سلبيا من طرف أي أحد اتجاه أي آخر ..
– لم أر فيها ظلما و لا عدلا إلا للشعب الموريتاني ..
– ملامح التسييس التي يتكلم عنها البعض باهتة جدا حد العكس ..
و الحكم على عزيز بالحرمان من حقوقه المدنية لا معنى له لأنه لم ينل أوراقه الموريتانية بحقه المدني و لم ينل شهادته التي خولت له دخول دورة ضابط بحقه المدني و لم يتحول من ميكانيكي إلى ضابط مشاة بحقه المدني و لم يصل إلى الرئاسة بحقه المدني و لم يصبح أغنى رجل في البلد بحقه المدني .
فما حاجته إليه اليوم في هذا العمر ، بعد ما كدَّسَ جبلا من المال في بلد غسالة القضاء الموريتاني و سطوة أصدقائه في جيوب الإرهاب في المنطقة !؟
كنا نريد على الأقل أن يوضِّح لنا القضاء الموريتاني كم من هذه السنين الخمسة يمثل مأمورية عزيز الثالثة في الإثراء غير الشرعي المسكوت عن عدده و مصادره و كم منها لغسيل الأموال التي تم إخفاء وسائل جريمتها في الغسالة !؟
كنا نريد أن يتم إعادة تمثيل الجريمة أمام أعيننا ، كما تفعل الشرطة مع كل اللصوص لكي نفهم كيف تم غسيل أموال السنوسي و صناديق غانا غيت و تلطيخ وجه موريتانيا بتصريحات مامير و العفو عن إيريك والتير و نيران الصديقة في مسرحية “أطويلة” !!!؟
أعترف الآن بغبائي و سطحيتي و تسلطي حقدا على ولد عبد العزيز ، حين أسمع أناسا كنت أعتبرهم من العقلاء المنزهين ، المتضلعين في المعارف ، يقولون بأنهم فهموا أي شيء من هذه المحاكمة.
أما حكمي أنا عليها ، فقد كان و سيظل أن لا شيء يطغى فيها لصالح أي تفسير غير طابعها الموريتاني المحير ككل شيء في هذا البلد الغريب .