صديق صدوق …عالي ولد سيد محمد ولد الدولة
حين تختلط الأوراق ويقدم متجاسرا على الأمانة الرويبضات – هذه الأمانة التي رفضت حملها الأرض والسموات والجبال –” وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ” يفرض الحال على البعض محاولة إنقاذ الموقف .
عسى أن لايقود الناس في بعض المواقع من لايرحمهم ، حتى في كلمة وعد .
فمعظم المتجاسرين يحرص على مصالح ذاتية فحسب ، ضيقة المجال والاهتمام .
قد لاتتجاوزه هو شخصيا ، وبعض من يخدمه ، أو تربطه به صلة دم أو جهة ، خصوصا بالمنطق المحلي الموريتاني .
عرفت فيه احتراما لوعوده ولفظه في النهاية ، وهذه ملامح الصدق أو بعض صفاته المبشرة المشجعة وأحسبه كذلك ، حسب تجربتي ،ولا أزكي على الله أحدا .
إن الصدق شيمة النزهاء ، فقد يصدق من لم تشع عنه ظاهرة التدين المغشوش.
وإن كان الصدق في الأصل سمة المتقين ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ).
والصدق كله أو بعضه، أو جزء يسير منه ، ينفع أصحابه في الدنيا والآخرة ، ويجلب لهم الكثير من المصالح الدنيوية والأخروية .
خصوصا إذا كان خالصا لوجه الله ، وليس لغرض مؤقت .
رغم أن الصدق بذاته ، يصعب تصنعه وكسبه تربية ،إلا بعد وقت غير يسير وطول دربة .
عرفت صاحبي وأخي عالي ولد سيد محمد ولد الدولة ( والأخ لأم لزميلي التجاني ولد عبد العزيز الشريف السباعي رحمه الله ) فما وجدت فيه غير ما أشرت إليه من حرص على الصدق ، وبذل جهد للاقتراب من شاطئه المبارك ، ما أستطاع إلى ذالك سبيلا .
كان الله في عون الصادقين ، دنيا وآخرة ، وجعل أعمالهم ذخرا لهم ولأمتهم .
بالصدق ندخل مصاف الرجال المحترمين الأقوياء ، الو قافين عند التزاماتهم ،ما استطاعوا على ذالك سبيلا ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وبالصدق نحرز النصر في الميادين ، وفي النهاية ندخل بالصدق – إن شاء الله – ساحة الرضوان والمشاهدة والجنة ، وما ذلك على الله بعزيز .
وقد حث محمد بن عبد الله خاتم المرسلين ، صلى الله عليم وسلم ، حثا حثيثا عل الصدق ، وحذر وعيدا ، وتحذيرا شديدا من الكذب وحياضه ، المسقطة في سخط الخالق سبحانه تعالى ، وسخط خيار خلقه .
فالكذاب مبغوض عند ربه، وعند أغلب الناس – خصوصا من أهل الحق والخير – وقد لا يعلم ، وقد لايصارحونه بسرعة أو بأسلوب مباشر.
ولكن الحصاد المر ، سيدمره يوما ما ، هنا في الدنيا وهناك يوم ينفع الصادقون صدقهم ، ويحرق الكذابين والأفاكين ، تلاعبهم بالألفاظ والمواثيق والعهود ، مهما كان مستواها وقدرها .
ومن الحديث الشريف في هذا الباب ، قول الصادق المصدوق محمد صلى الله علية وسلم ( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدى إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة ، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند اله صديقا ،وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار ، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا ).
ما أكثر الأصدقاء والمعارف ،وما أتفه كلام الكثيرين منهم .
فاغلبه هش فارغ ، مليء بالكيد والفخاخ ، وقد لا ينتبه إلى ذلك بعض السذج البسطاء المخدوعين غالبا .
اللهم أعن أخي هذا ،على مواصلة صدقه،وأعنه به على ما يصبو إليه من خير له وللناس عامة .
فالأعم هو الأنفع ، وكلما توسعت دائرة الصدق ، وقصد المنفعة العمومية الشاملة ، لأكبر عدد من المسلمين وخلق الله.
كلما كان ذلك مظنة الإصلاح والقبول عند الله .
ورب الكعبة لعمري ، تلك هي ساحة الفوز .
أن يشتهر أحدنا بالصدق ويدخل قلوب الناس ، وأخيارهم على وجه الخصوص ، ويكون المقصود في البداية والنهاية رضوان الله والجنة .
والمصلحة الموافقة للشرع ،- طبعا غير الضارة بالآخر- لا تخالف هذا المقصد الرباني المركزي (رضوان الله والجنة ).
فكما قال أحد العلماء المصريين المشاهير الشيخ محمد عبده رحمه الله ،أينما ما وجدت المصلحة فثم شرع الله ).
والمصلحة هنا بالضوابط الشرعية والأخلاقية ، المشار إليها سابقا ، وإن تم ذلك بإيجاز .
كتبت بدافع الوفاء –إن شاء الله – لصلة زمالتي مع الصحفي الراحل رحمه الله ، التجاني ولد عبد العزيز .
نور الله قبره ،والرفق والتوفيق من الله، لذريته من بعده ،وإخوته وذويه ، اللهم ءامين .
ولنا المثل ولسائر المسلمين إن شاء الله .
بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن