(حول أزمةUFP): لم أكن أتوقع!
لم أكن أتوقع أن سيكون من بيننا من لا يؤمن بالديمقراطية بعد أن تخلينا عن النظرة القومية الشوفونية، في أواخر الستينات، وتبنينا الفكر الديمقراطي، أو بالأصح (الديمقراطية الشعبية). ولم أكن أتوقع أنه سيوجد من بيننا من لا يستمع، إن لم يكن يخضع، لصوت جماهيره القاعدية التي هي أساس تكتيكاته لتحقيق أهدافه الإستراتيجية. ولم أكن أتوقع بعد أن حصلنا على الديمقراطية التعددية وانخرطنا فيها إثر نضالنا وتضحياتنا في التسعينيات من القرن الماضي، أن يكون من بيننا من يدافع عن الانهزامية والهروب إلى الأمام، والانسحاب من المسرح السياسي بدون مبرر استراتيجي.
ولم أكن أتوقع بالأولى أنه سيوجد من بيننا من يدعو إلى تكميم أفواهنا عن نشر خطابنا السياسي وآرائنا وأفكارنا ونظرتنا المجتمعية التي وضعناها لأنفسنا بكل اعتزاز، وذلك باستغلالنا لجميع المنابر حتى لو كانت رجعية.
ألم تكن سياستنا أن لا نترك منبرا يمكن أن يستغل لنشر سياستنا مما جعلنا نشارك في التنظيمات الجماهيرية لحزب الشعب الموريتاني و تلاها من التنظيمات الرجعية والأحادية؟ ( شاركنا في جريدة «كُونْگلْ سُكَابَى (صوت الشباب) بكيهيدي» التابعة لشباب حزب الشعب ونشرنا خلالها آراءنا حول حرب الصحراء وموقفنا منها زمن « الإصلاحات» التي ستهدمها تلك الحرب. وشاركنا في «اتحاد العمال الموريتاني المندمج في الحزب». وشاركنا في «حركة التطوع 80 » وشاركنا في «هياكل تهذيب الجماهير» وشاركنا في الانتخابات البلدية في انواكشوط ضمن لائحة يتزعمها مسعود ولد بلخير) – ولو أننا كنا لا نشارك كتنظيم-، وبعد ذلك في كل الانتخابات البلدية والتشريعية في عهد ولد الطائع عندما كانت بطاقة التعريف يختم عليها بكأس الشاي وبإشراف مباشر من إدارته، وانتزعنا من نظامه بنضالنا الديمقراطي الدءوب إصدار بطاقة تعريف وطنية غير قابلة للتزوير، كما انتزعنا منه وممن خلفه من الانقلابيين المتمرسين على العمل الأحادي 6 بلديات 2 منها مركزية (بوكى وباركيول) و3 برلمانيين من خيرة مناضلينا. (كانت كل الجماهير تستمع بكل احترام، وحتى الأعداء السياسيين، إلى كجة مالك جالو أو محمد المصطفى ولد بدر الدين عندما يتحدثان عن أشياء يعرفانها حق المعرفة وعن المظالم التي ترتكب في حق جماهير شعبنا) ألم تكن كل تلك التنظيمات و الانتخابات أحادية ومزورة في الأساس؟ لكن كنا نشارك فيها لا لأنها نزيهة وشفافة، بل من أجل استغلال فرصة «شرعيتها» لتوصيل خطابنا إلى جماهير شعبنا التي هي مصدر كل سلطة من يرغب في السلطة. ولم أكن بالطبع أتوقع أنه سيوجد من بيننا من يستطيع أن يضحي بكل هذه المكاسب وبتلك الجماهير التي حققنا بها هذه المكاسب لا لشيء إلا……؟
لم أكن أتوقع أنه في يوم ما سيوجد من بيننا من يبحث عن رأي عام غير موجود أصلا في موريتانيا، وإن وجد جدلا فلن يكون مؤكدا -كما جرب من قبل- ويترك رأيه العام الذي حصل عليه بشق الأنفس وعبر سنوات عجاف من النضال والتضحية بدون مقابل استراتيجي إن كان يوجد استراتيجيا ما هو أفضل من جماهير مقتنعة لا يربطك بها سوى المبادئ والمبادئ فقط.
لم أكن أتوقع أنه يوجد من بيننا من دعا للانتخابات الرئاسية سنة 2009 التي كانت أحادية بامتياز ومحضرة قبلنا بامتياز، ويدعو لمقاطعة انتخابات محلية بحتة كل المترشحين فيها هم أبناء تلك المدن أو القرى الذـين لا يرغبون في رؤية غيرهم يتولى تسير شؤونهم حتى ولو كانت أحادية.
أليست الديمقراطية هي المشاركة في كل الحياة السياسية بكل أشكالها؟ أما الضمانات فنحن من سيعطيها لمناضلينا كما كنا نفعل، بتعبئتهم لفضح كل المخالفات التي تقع والعمل على إحباطها. فلا أحد يجب عليه أن يعطينا ما نريد. أليس فينا من لم يعد يفرق بين المحلي والوطني في المفهوم الديمقراطي؟ أو أننا …. ؟ إلى هذا الحد؟. آسف.
كما لم أكن أتوقع أنه سيوجد من بيننا من لا ينظر إلى السياسة على أنها (دراسة وتحليل الوااقع والتعامل معه كواقع خارج عن إرادتنا بغرض المساهمة في تغييره إلى الأفضل)، ألم تكن القاعدة السياسيــة تقـــول: «خذ بيدك اليسرى ما حصلت عليه ومُدَ يدك اليمنى لطلب المزيد » فالنضال مستمر حتى النهاية.
لكن، يبدو أن ما لم أكن أتوقعه قد أصبح واقعا عندما تخلفت قيادة حزبي الموقرة عن مطالب جماهيرها التي بنت عليها كل سياساتها الماضية وبالتأكيد ستبني عليها سياساتها المستقبلية وقررت اعتباطا وبدون مقابل أن تتذبذب أمامها « تشارك »، « تقاطع »، « تطالب بسحب لوائح شاركت باسم حزب انتمت إليه عن وعي واقتناع».. لم أكن أتوقع كل هذا، كما لم أكن أتوقع أنه يمكن أن يكون من بيننا من ينحني أمام التحديات ويخضع للابتزاز السياسي…
حفظ الله اتحاد قوى التقدم وأعاد إليه جماهيره ومن قرر أو سيقرر الاستقالة منه، فنحن لم نكن نعرف الاستقالة أمام التحديات ولم أكن أتوقع أنه سيوجد من بيننا من يستقيل أمام الأحداث العابرة والتحديات والصعاب، ألا تكفي تجربة أكثر من 50 سنة من النضال من أن تمكننا من الاعتراف بأخطائنا و العمل على إصلاحها ؟. لنتفادى الأسوأ.
عينين
عضو مؤسس في الحركة الوطنية الديمقراطيةMND
عضو مشارك ومنفذ في مجموعة 25 الموقعة على الرسالة المفتوحة المطالبة بالانفتاح الديمقراطي سنة 1991 الموجهة إلى ولد الطائع.
عضو مؤسس في اتحاد القوى الديمقراطيةUFD
منتسب ومناضل في اتحاد قوى التقدم