الفرق بين لاجىء ومهاجر
المفوضية العليا للاجئين
الزمان أتفو – جنيف، 11 يوليو/تموز (المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين) – مع بلوغ عدد النازحين قسراً حول العالم حوالي 65 مليون شخص، واستمرار أخبار عبور البحر الأبيض المتوسط بواسطة القوارب في عناوين الصحف، يبقى استخدام مصطلحي “لاجئ” و”مهاجر” محط اهتمام وسائل الإعلام وعامة الناس على حد سواء. ولكن هل من فرق بين المصطلحين، وهل هو بتلك الأهمية؟
نعم، هناك فرق بين المصطلحين والفرق مهم. فلكل من المصطلحين معنى مختلف عن الآخر والخلط بينهما يسبب مشاكل للاجئين والمهاجرين على حد سواء. وإليكم السبب:
اللاجئون: هم أشخاص فارون من الصراع المسلح أو الاضطهاد. وقد بلغ عددهم مع نهاية عام 2015 ما مجموعه 21.3 مليون شخص، وغالباً ما يكون وضعهم خطراً جداً ويعيشون في ظروف لا تُحتمل تدفعهم إلى عبور الحدود الوطنية بحثاً عن الأمان في الدول المجاورة، وبالتالي يتم الاعتراف بهم دولياً كـ”لاجئين” يحصلون على المساعدة من الدول والمفوضية ومنظمات أخرى. ويتم الاعتراف بهم كلاجئين بشكل خاص لأن عودتهم إلى وطنهم خطيرة جداً ولأنهم يحتاجون إلى ملاذ آمن في أماكن أخرى. وقد يؤدي حرمان هؤلاء الأشخاص من اللجوء إلى عواقب مميتة.
لقد حدد القانون الدولي تعريفاً للاجئين ويوفر لهم الحماية. ولا تزال اتفاقية عام 1951 المتعلقة بوضع اللاجئ وبروتوكولها لعام 1967 فضلاً عن نصوص قانونية أخرى كاتفاقية منظمة الوحدة الإفريقية لحماية اللاجئين لعام 1969 الركن الأساسي في حماية اللاجئين في العصر الحديث. وقد أُدخلت المبادئ القانونية الثابتة في هذه الاتفاقيات في عدد لا يحصى من القوانين والممارسات الأخرى الدولية والإقليمية والوطنية. وتعرّف اتفاقية عام 1951 اللاجئ وتحدد الحقوق الأساسية التي يتعين على الدول ضمانها للاجئين. ومن أهم المبادئ الأساسية المنصوص عليها في القانون الدولي هو وجوب عدم طرد اللاجئ أو إعادته إلى أوضاع تهدد حياته وحريته.
لحماية اللاجئين أوجه عديدة، تشمل حمايتهم من الإعادة إلى المخاطر التي فروا منها؛ واستفادتهم من إجراءات اللجوء العادلة والفعالة؛ والتدابير التي تضمن احترام حقوقهم الإنسانية الأساسية للسماح لهم بالعيش بكرامة وتساعدهم على إيجاد حلول طويل الأمد. وتتحمل الدول بشكل أساسي مسؤولية تأمين هذه الحماية. لذا، تعمل المفوضية عن كثب مع الحكومات مقدمةً لها المشورة والدعم عند الحاجة للقيام بمسؤولياتها.
المهاجرون: هم أشخاص يختارون الانتقال ليس بسبب تهديد مباشر بالاضطهاد أو الموت، بل لتحسين حياتهم بشكل أساسي من خلال إيجاد العمل أو في بعض الحالات من أجل التعليم أو لمّ شمل العائلة أو أسباب أخرى. وعلى عكس اللاجئين الذين لا يستطيعون العودة إلى وطنهم بأمان، لا يواجه المهاجرون مثل هذه العوائق للعودة. فإذا اختاروا العودة إلى الوطن سيستمرون في الحصول على الحماية من حكومتهم.
ويعتبر هذا الفارق مهماً بالنسبة للحكومات الفردية. إذ أن الدول تتعامل مع المهاجرين بموجب قوانينها وإجراءاتها الخاصة بالهجرة، ومع اللاجئين بموجب قواعد حماية اللاجئين واللجوء المحدّدة في التشريعات الوطنية والقانون الدولي على حد سواء. وتتحمل الدول مسؤوليات محددة تجاه أي شخص يطلب اللجوء على أراضيها أو على حدودها. وتساعد المفوضية الدول على التعامل مع مسؤولياتها في حماية طالبي اللجوء واللاجئين.
وتدخل السياسة في مثل هذه المناقشات. وقد يحمل الخلط بين اللاجئين والمهاجرين عواقب وخيمة على حياة اللاجئين وسلامتهم، والخلط بين المصطلحين يمكن أن يصرف الاهتمام عن الحماية القانونية الخاصة التي يحتاج إليها اللاجئون، مما قد يؤدي إلى إضعاف الدعم العام للاجئين وقضية اللجوء في وقت يحتاج فيه المزيد من اللاجئين إلى هذه الحماية أكثر من أي وقت مضى. يتعين علينا معاملة البشر جميعهم باحترام وكرامة وضمان احترام حقوق الإنسان الخاصة بالمهاجرين. في الوقت نفسه، يتعين علينا توفير استجابة قانونية مناسبة للاجئين بسبب محنتهم.
إذاً، وبالعودة إلى أوروبا والأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين وصلوا بواسطة القوارب إلى اليونان وإيطاليا وأماكن أخرى خلال الأعوام القليلة الماضية، أي من المصطلحين ينطبق عليهم؟ هل هم لاجئون أم مهاجرون؟
في الواقع، هم الاثنان معاً. فغالبية الأشخاص الذين وصلوا إلى إيطاليا واليونان أتوا بشكل خاص من دول غارقة في الحروب أو تُعتبر “منتجة للاجئين” ويحتاجون إلى الحماية الدولية. ولكن نسبة أصغر من هؤلاء الأشخاص أتت من أماكن أخرى، وبالنسبة إلى الكثيرين منهم قد يكون مصطلح “مهاجر” الأصح.
إذاً، في المفوضية نستخدم مصطلحي “لاجئ ومهاجر” عند الإشارة إلى تحركات الأشخاص عبر البحر أو في ظروف أخرى نعتقد فيها بأن أشخاصاً من المجموعتين قد يكونون موجودين – وتحركات القوارب في جنوب شرق آسيا مثال آخر على ذلك. ونستخدم مصطلح “لاجئ” عندما نشير إلى الأشخاص الفارين من الحروب أو الاضطهاد عبر حدود دولية ومصطلح “مهاجر”، عندما نعني أشخاصاً ينتقلون لأسباب لا يشملها التعريف القانوني لمصطلح لاجئ. ونأمل في أن يحذو الآخرون حذونا، فاختيار المصطلحات أمر مهم.
تم نشر هذه المقالة لأول مرة في 27 أغسطس/آب 2015، وتم تحديثها لإعطاء صورة أوضح عن الوضع