من يتجرأ على الرد من الرسميين ؟ / سيدي علي بلعمش
الزمان أنفو ـ هناك أمور في الحياة ، يسهل من خلالها (على بساطتها أحيانا) ، الوصول إلى سر أكبر الحقائق و أخطرها ..
تكون كل الأخطاء بسيطة و لها أكثر من حل ، حين تكون غير متعمدة .
و يُجرَّم كل من يدافع عنها و تكون كارثية بلا حل (مهما كانت بساطتها) ، حين تكون مُتَعمَّدة بذكاء مُشفِق يتقمص دور البطولة..
كانت حملة “نذيرو لا اتولي” (مع مجيئ هذا النظام) ، مسرحية بارعة السخافة و الانحطاط ، ارتُكِبَت بموجبها أكبر جرائم في حق هذا الشعب : تُعطيكَ الحالات المستعجلة الآن ، وصفة لمريض في الرمق الأخير ، تحتاج أحيانا أن تمر بكل مقاطعات العاصمة لتجدها أو تقتنع بعدم وجودها .!
لقد كان وجود عدة صيدليات كبيرة في رحاب المركز الوطني للاستطباب ، رحمة كبيرة للكثيرين لأسباب وجيهة أكثر من يعرفها “نذيرو” و هو أكثر من يدرك خطورة عدم وجودها، حين تأتي في ساعة متأخرة من الليل، أم فقيرة (في حالة ذعر) ، برضيع يعاني تسمما و تصرف لها وصفة ، تحتاج المرور بعدة مقاطعات لتجدها .!
فهل فكر “نذير ُ الشؤم” في حالتها ، حين أخذ قرار طرد مجمع الصيدليات من أمام مركز الاستطباب التي كان أكثر الناس الضعفاء يرهن لها بطاقة تعريفه أو هاتفه في حال عدم توفر ثمن الدواء في وقت قاهر مثل هذا ؟
كل القرارات التي لا تعترف بضرورة الاستثناءات هي قرارات حمقاء تتنكر للأخلاق مهما كانت ضرورتها : كل شبر بين صيدليتين أمام مركز الاستطباب الوطني يعد حسب الحالات ، بعشرات الكيلوميترات..
أما قرار نذيرو الذي صدم الجميع بمعناه قبل خطورته .. بسخافة مُخرِج مسرحيته قبل مأساويته .. باحتقار صاحبه لهذا الشعب المغلوب على أمره ، فهو كان حرق جبل من الأدوية المزورة و المغشوشة و منتهية الصلاحية ، أمام أعين الجميع و تحت كاميرات الصحافة الرسمية و الحرة ، في بطولة “نذيرو الشؤم” الأهم ، من دون سجن أي أحد أو معاقبة أي جهة أو تغريم أي أخرى ..!؟
أعرف جيدا أن البعض سيلتمس له العذر بقصة “القرارات الفوقية” ، الأسخف من السابقة و الكافية لإدانة كل من يتذرع بمثلها ..
إذا كان يكفي “نذير الشؤم” أو أي مسؤول غيره أن تصدر له أوامر عليا ليرتكب أكبر الجرائم و أبشعها في حق الشعب ، فما معنى المواطنة و المسؤولية و القانون و الأخلاق !؟
كل من يقدمون مثل هذه المبررات الأقبح من كل ذنب ، هم شركاء في كل الجرائم التى يدافعون عنها..
ما زلت أشك في صدق نوايا نذيرو و أطالب بفتح تحقيق جاد فيها .
لقد شكلت هذه القضية أول صدمة لي في هذا البلد ، لم أستطع بعدها التفكير في أي قضية وطنية من دون استحضار تفاصيلها بكل بشاعتها و مبرراتها و احتقار “أصحابها” لأهل هذا البلد .!!!
لقد رفع ولد الغزواني عاليا سقف آمال هذا الشعب بما قدم من وعود واضحة و صريحة ، فَمَنِ المسؤولون عن انحدارها إلى أتعس مستوى الآلام ؟
ماذا يحدث في هذا البلد ؟
و من يتجرأ على الرد من الرسميين ، لمن لا يفهم لغة الذباب ؟