البرلمان فرصة توظيف مهمة لنخاسي موريتانيا/محمد الأمين ولد محمودي

alt

البرلمان سيتجدد كما تجدد بعض الزواحف جلودها لكنه سيظل كما هو غرفة كبيرة للتسجيل الردئ..خلال الأيام الماضية لاحظت أن إعلانات الحملة الانتخابية ستحتل بصفة نهائية مساحة الحرية التي منحها لي-فلم يصادرها يوما من الأيام- أخي الفاضل رياض ولد احمد الهادي..

عندها قررت أن أتحرك فالكلمة الحرة هي آخر ما أملك وأعرف أنهم، أي نواب المستقبل سيقولون كما كانوا دائما إنهم يملكون أوراقا تثبت أن القطعة الصغيرة الواقعة في موقع “أقلام حرة” ملك خاص لهم وأنهم يملكون “تيتر فونسي” وانه ليس مزورا..

لقد ابتلاني الله بأن منحني رياض هذه القطعة الصغيرة في موقعه لكن من أكبر مشاكلها أنها في تقاطع طرق وفي ساحة عمومية بالموقع الشهير, ما خلق لي مشكلة حقيقية مع البرلمانيين الذي اعتادوا البحث عن ساحات عمومية لتشريعها “تشريعا” ليس برلمانيا طبعا..الأكيد أنكم جميعكم تعلمون علم اليقين ممارسة النواب خارج القبة لذا لن أتحدث عنها لا خوفا من المقاضاة, فالبرلمانيون عندنا يخشون من اللجوء إلى القضاء إذ أن كل واحد منهم يجر تراثا من المخالفات القانونية الدفينة مؤقتا, لذا من غير المعقول أن يلجأ أحدهم إلى زنزانته بإرادته..

لا أخاف أيا منهم لأنني أعرفهم..لكنني لا أفضل الحديث عن أعراض الناس ومشاكلهم الشخصية والعامة وتصرفاتهم الخاطئة ذلك أن البلوى عمت.. ثم انه لدي من الهموم اليومية ما يمنعني من ممارسة العمل السيزيفي,وما محاولة إقناع المواطنين بأن النواب غير طيبين إلا تكرار ممل فالمواطنون يعلمونه علم اليقين لكنهم هم الآخرون “نواب” مع وقف التنفيذ ..

كل مواطن يحلم بأن يكون نائبا آو رئيسا..كل موريتاني يسعى إلى السلطة..وكل الموريتانيين يقفون على سلالم الطموح إلى السلطة لكن الوجهة تختلف تبعا لدرجة الطموح فلئن نظر احمد داداه إلى الرئاسة كمبتغى لا بديل عنه فإن ولد لمات جعل الجمعية الوطنية قذى في عينه لا يريد ما فوقها, على الأقل خلال هذه العشرية..فيما اكتفى ولد ببانة والخليل ولد الطيب بالنصيب فقد وصلا وقالا وهما يتحسسان جلد كراسي البرلمان:سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين..

المدرس عندنا يريد أن يكون مديرا للمدرسة لا ليساعد أكثر في بناء أجيال المستقبل ..لا ..المدير يريد أن يقترب من الوزير ولأن الطريق طويل يجب أن يمر بالتدريس والإدارة الجهوية والمفتشية فالتفريغ..وهنا سيفرغ من محتواه لأنه الآن يحضر للمجد وهو الاقتراب من الوزير والصفقات وغير ذلك مما يكون لديه ثروة تكون زاده في رحلة إقناع الحزب الحاكم به و لا يهمه أن يذهب الحزب الحاكم الحالي-طبعا بالانقلاب فقط-قبل أن يصل فالمهم هو الحزب الحاكم لحظة وصوله هو ماديا ومعنويا أما من كان حاكما ليلة البارحة فذلك جزء من الماضي السحيق الغابر..الناس عندنا لا يحبون الآفلين..

مشكلة الساسة عندنا أنهم أربكوا ما تعلمناه وشوشوا أدمغتنا ومسخوا القيم التي فطرنا عليها..النائب الذي يصيح في البرلمان من أجل حقوق الشعب ليس موريتانيا,النائب الموريتاني يمارس الابتزاز بالكلام كما يمارسه بالصمت والمحصلة استفادة من هناك آو أخرى من هنا..حين تقع عيني على جلسة برلمانية ترتعد فرائصي وأفكر في ما بعدها فمادمنا جمعنا كبار السياسيين في قاعة ومنحناهم الشرعية لاتخاذ القرارات علينا وباسمنا فقد أجرمنا في حق أنفسنا..لو كانوا شرفاء ما جلسوا هناك وما وصلوا حتى..نحن نعرف أساليب الوصول في الخندقين..

التملق والنفوذ القبلي قاسمان بين سلوك الطامحين في الجهتين…في حين يختص الطامحون للسلطة البرلمانية في الحزب الحاكم بالثراء غير المشروع والتجسس والتحكم في القبيلة وان يكون الطامح سليل طامحين وصلوا أو اقتربوا كثيرا..ونفس الصفات تشترط في طامحي الخندق الآخر لكن بعضها مع وقف التنفيذ..

طيلة عقود خلت لم يغير البرلمان من مسار الحياة التي اختطها لنا الجنود…طيلة هذه العقود كنا نرغم أنفسنا على متابعة جلساتهم السيزيفية, حتى كلمة السيزيفية لا تصلح فسيزيف يحمل الحجر أما هم فلم يفعلوا لأنهم يدركون انه سيتدحرج ولأنهم ببساطة يلهون أنفسهم بعد الكراسي وتحسسها حتى تمر أيام الشهر سراعا ليتدافعوا إلى الراتب..هذا الراتب الذي لم يتعففوا عنه حين وصفوا جلساتهم بغير الشرعية..لا كل شيء إلا المال..هنا لا نجامل ولا يمكننا أن نمارس “لعبة” الشرف المتصنع..مادام المال غاية هذا الحراك فلماذا “نتنازل” عن حقوقنا”..حقوقكم؟ نعم حقوقنا فنحن نواب في البرلمان”غير الشرعي”…

لم يرد البرلمان أن يغير ولو أراد ذلك فعلا لكانت المعارضة “الجادة” تركته أصلا “لنواب الجيش” منذ الاستقلال وليس منذ 78 ..ظلت تشارك وتتبادل الأدوار..وتشرعه بالجلوس والكلام والجدال والصراخ…لكنها لم تغير وتعرف أنها لن تغير.. في النهاية هي لا تريد أن تغير..”يظل الحال كما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء”..المتضرر لن يلجأ إلى القضاء لأنه يحلم بأن يكون مضرا هو الآخر..سينتخب ويقترع ويحاول أن يقترب حتى يدخل البرلمان أو الشيوخ أو الضرائب أو الوزارة أو إدارة المدخلات الحيوانية المهم أن يدخل ولو بالمدخلات الحيوانية والأعلاف…

قدرنا الذي أردناه هو أن يشارك كل واحد منا بما يملك من قوة في بناء نسيجهم البغيض هذا النسيج الذي يقوى يوما بعد يوم بفعل غبائنا..أنا لم أسجل أصلا, ولن انتخب لأنني أعرف أن الجميع سيفوزون وسيدخلون جميعهم البرلمان تبعا للمعايير التي ذكرنا آما من تخلفوا عن هذه الدورة فلأنهم يحتاجون سنوات من التربص على الخداع والكذب والتجسس ونهب المال العام والتمكن من القبيلة…البركة في البرلمان الآخر..سيظل البرلمان قائما أو جالسا على أرواح المنسيين من القتلى ظلما والمستعبدين جورا لأنه فرصة توظيف مهمة لنخاسي موريتانيا وبائعي شعبها البائس.

محمد الأمين ولد محمودي

اضغط هنا لقراءة النص الأصلي من المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى