مشروع مطار نواكشوط الدولي، حقيقة ام وهم؟
(ديلول): ـ قوبل الاعلان عن بدء الاعمال في بناء مطار نواكشوط الجديد، بالكثيرة من الريبة والشك لدي بعض الموريتانيين، الريبة في طريق منح صفقته من حيث عدم الشفافية ومن حيث عدم شرعية طرق تمويله والشك في عدم قدرة شركة النجاح للاعمال الكبري علي إنجاز المطار.
وقد التصقت هذه الريبة والشك بأذهان الكثيرين من الموريتانيين، حول مشروع المطار منذ وضع رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز حجره الاسس يوم 27/11/2011، حيث شكل منذ ذلك اليوم مادة دسمة للشائعت التي تصب كلها في خانة التشكيك في انجاز المطار وكان أخر تلك الشكوك ما يثار حاليا من ريبة حول الصفقة الموقعة في الايام الماضية بين شركة النجاح وشركة “سنيم” بمبلغ 15 مليار اوقية.
ولهذه الشكوك والريبة ما يبررهما، فمن ناحية تعتبر صفقة تمويل بناء المطار بمقايضة تنازل الدولة لشركة النجاح للاشغال العامة عن حولي 500 هكتار منها مساحات كبيرة من المطار الحالي، صيغة غير مالوفة في تمويل المشاريع مهما كانت خاصة مشاريع بهذا الحجم، كما ان عدم خبرة الموريتانيين في بناء المطارات واعتبار بنائها يتطلب مهارات يشككون في توفر شركة النجاح للاشغال الكبري عليها، ينضاف الي ذلك عدم انارة الراي العام وخاصة الصحافة والطيف السياسي بخلفيات المشروع كل هذه الامور، سببت في تغذية الشائعات، المشككة في انجاز مشروع المطار، بقصد أو عن غير قصد.بوابة الدخول الي ارض المطاربوابة الدخول الي ارض المطار
شركة النجاح للإشغال الكبري من اجل اطلاع الرأي العام علي حقيقة مشروع بناء المطار، نظمت يوم امس الاربعاء، رحلة لمجموعة من الصحفيين مكنتهم من زيارة كافة ورشات بناء المطار، ومن الوقوف ميدانيا علي حقيقة ما يجري داخل حظيرة يشاهد جميع السالكين لطريق نواذيبو نواكشوط بوابتها علي الجانب الشرقي من الطريق، دون ان يعرفوا ما بداخل تلك الحظيرة، التي يحيط بها سور من الاسلاك علي بابه حراس اشداء.
مندوب موقع “ديلول” كغيره من الصحفيين الذين كان يرافقهم، لاحظ بعد تجاوز بوابة الحظيرة الملزم الداخل اليها بان يغير شكله عند الباب بلباس سترة خاصة ويعلق علي صدره اذنا بالدخول ويضع علي راسه خوذة، لاحظ وجود العشرات من ورشات العمل لاتتوقف الحركة فيها وكان اصحابها في سباق مع الزمن، وفي جميع الاتجاهات مصانع لا تتوقف عن الدوران وبنايات قيد الانشاء.
مصنع الخرسانةمصنع الخرسانةبدأت جولة الصحفيين داخل منشآت مشروع المطار من المدرج 6/24، حيث قدم لهم منسق المشروع المهندس جمال ولد احراكي لمحة عن مشروع المطار والمراحل التي مرت بها كافة مساراته الي اليوم وهي المسارات التي تم عرضها بالصور والبيانات للصحفيين اثناء المقيل، حيث رد كل من منسق المشروع جمال ولد احراكي ومدير مكتب مراقبة اشغاله الفرنسي جان ديسجس ومديره المالي الشيخ ولد محمد صالح ومسؤول الاعلام في شركة النجاح للاشغال الكبري محمد عبد الله ولد البكاي، علي اسئلة واستشكالات الصحفيين.
وأكد ولد احراكي في مستهل حديثه عن مشروع المطار، علي انه مصمم حسب النظم الدولية المتعامل بها من طرف منظمة الملاحة الدولية OACIواتحاد النقل الجوي الدولي IATA.
وقد بينت المعينات والوثائق والصور والعروض والردود علي اسئلة الصحفيين، أن كافة مرافق مشروع مطار نواكشوط تشيد علي مساحة 7/5 كيلومترات علي بعد 20 كيلومترا شمال العاصمة وأن العمل بدأ في هذا المشروع باستصلاح الاراضي التي كانت تضاريس وعرة، في شهر يناير 2011، حسب البيانات الموثقة واستغرقت اشغال الاستصلاح ستة اشهر تم خلالها استقدام كافة اللوازم المتعلقة باشغال المشروع وتركيبها بما في ذلك مصنع متطور للخرسانة من أكبر الموجود في منطقة غرب افريقيا سعته 270 متر مكعب للساعة.
وتظهر المنشئات قيد الانجاز، أن مشروع المطار يتالف من عدة مكونات علي اساس استقبال مليوني مسافر سنويا والمكونات هي:محطة المسافرينمحطة المسافرين
01 ـ محطة للمسافرين علي مساحة 18 الف متر مربع تضم ثلاث قاعات لوصول ومغادرة المسافرين ولانتظارهم صعود الطائرة و18 شباكا لتسجيل المسافرين و12 شباكا لإجراءات الشرطة و6 منصات ربط بالطائراتللركاب و3 جسور متحركة لنقل البضائع وثلاثة سلالم وخمسة مصاعد كهربائية، كما تضم محطة المسافرين، قاعة شرف للشخصيات الرسمية ومطعما وسوقا للبضائع.
وقد وصلت الاشغال الهندسية المعمارية في هذه البناية مراحل متقدمة، وقال منسق المشروع جمال ولد احراكي انها ستنتهي مع نهاية هذه السنة حيث سيبدأ تركيب سقفها بعد وصول مكوناته في شهر يناير 2014، والذي هو مصنوع من الحديد الصلب من طرف شركة دولية متخصصة،
02 ـ مدرجين احدهما رئيسي يغطي نسبة 90 % من استخدامات المطار، طوله 3400 متر وعرضه 60 مترا وتجري الاشغال في هذه المدرج بشكل حثيث بطاقة انتاج 500 متر لليوم ويقول الخبير الدولي جان ديسجسالمشرف علي مراقبة جودة أعمال المطار، إنه تم حتي الان انجاز ثلث اشغال المدرج الرئيسي وتوقع نهاية الاعمال فيه مع نهاية ديسمبر القادم، اذا ما لم تطرأ عوامل مناخية غير متوقعة، يقول الخبير.
اما المدرج الآخر فهو ثانوي، وقد تجازت اشغال انجازه 90 % ووصلت الي مراحلها النهائية ويبلغ طول هذا المدرج 2400 متر وعرضه 45 مترا، وحسب الخبراء المشرفين علي إنجاز مدرجات مطار نواكشوط الدولي، فبإمكان الطائرات من الآن استخدام هذا المدرج الثانوي نهارا بدون مشكلة، مبرزين ان الامر في ذلك يرجع الي وكالة الملاحة الجوية فهم غير معنيين بالتراخيص للطائرات في استخدام المطار.
منسق المشروع المهندس جمال ولد احراكيمنسق المشروع المهندس جمال ولد احراكي وقدم الخبير جان ديسجس، للصحفين، عرضا عن مراحل تحضير المواد المستخدمة في اشغال المطار ودراسة خصوصياتها، مبرزا انها تخضع لاجراءات عديدة ودقيقة من اجل تحضيرها قبل استعمالها وقال ان ذلك يتطلب احيانا فترات زمنية تصل الي ثلاثة اسابيع لاختبار العينات كما يكلفهم ذلك خسائر كثيرة ناجمة عن اتلاف اية مواد ظهر بها ابسط خطأ وشدد علي ان جميع اعمال منشآت المطار مطابقة لجميع النظم والمعايير الدولية.
وقال انهم في المشروع يتحكمون في جميع الجوانب الصناعية، سواء تعلق الامر بالنوعية أو بتقدم الاشغال أو بالاشغال نفسها، مبرزا ان هذه التحكم، يجعلهم يثقون من انجاز اعمال المشروع في الآجال المرسومة لذلك ومن ضمان جودتها ولذلك يقول الخبير الدولي لمراقبة الاشغال أن مشكلتهم الاساسية هي السلامة، حيث يخوضون حربا متواصلة يوميا لمراقبة كل شيء لضمان تفادي اي خلل مستقبلي.
وعن اسباب اختيار بناء المدرجين بالاسمنت بدل القطران (Goudron)، كما كان مقررا في الصفقة الاصلية، قال منسق مشروع المطار جمال ولد احراكي، أن السبب هو قدرة تحمل الاسمنت للحرارة زيادة الي أن عمره الافتراضي يصل الي 50 سنة بدل عمر القطران الذي هو 15 سنة مع ان الكلفة بالنظر الي فترة العمر متقاربة، حسب تعبيره وقال ان المطار مصمم لاستقبال أكبر طائرات النقل وخاصة طائرات (أير باص 380 آ) و(بوينغ 780) واوضح انه في انجاز المدرجين تم استخدام ادق الآليات جودة وحداثة من صنع الماني،
03 ـ برج للمراقبة يبلغ طوله 39 مترا مع قاعة فنية حديثة وقد أوشكت الاعمال الهندسية في البرج علي نهايتها، برج المراقبةبرج المراقبة
04 ـ مواقف للسيارات مساحتها 15 الف متر مربع ومواقف للطائرات مساحتها 40 الف متر مربع،
05 ـ صالة لصيانة الطائرات علي مساحة 3600متر مربع،
06 ـ محطة للشحن، علي مساحة 4000 متر مربع،
07 ـ مجموعة بنايات تزيد علي عشرة من ضمنها مسجد يتسع لـ 400 مصل ومستوصف ومباني لادارة المطار وللحماية المدنية والجمارك والدرك والشرطة الي غير ذلك من جميع المرافق الضرورية لعمل المطارات الدولية،
08 ـ مركب رئاسي ـ وزاري مصمم علي النمط المعماري الصحراوي، علي مساحة 3000 متر مربع يضم جناحين (رئاسي ووزاري) وقاعة للنساء وقاعة للمؤتمرات تتسع لما بين 80 الي 90 شخصا، اضافة الي فيلا للرؤساء العابرين، كما يتوفر المركب الرئاسي علي جميع المرافق بما فيها مطعم ويربطه مدرج خاص بالمدرج الرئيسي.
وابرزت البيانات التي قدمت للصحفيينأن دراسات مشروع المطار ومراقبة الاعمال والاشراف علي التنفيذ شاركت فيها مجموعة مكاتب متخصصة امريكية واسبانية وتونسية وتركية وفرنسية وهولندية، حيث تولت هذه المكاتب ذات الشهرة العالمية حسب الاختصاص، جوانب الدراسات الهندسية المعمارية والمباني والبنية التحتية للطائرات والدكور ومتطلبات المطارات ودراسات التربة، كما اعتمدت الدولة الموريتانية، لمراقبة أشغال المشروع مكتب فرنسي دولي مشهور والمخبر الوطني للاشغال العامة.
وشدد المشرفون علي اعمال مشروع المطار علي ان جميع الآليات المستخدمة في الاشغال، تم الحرص علي جودتها وحداثتها، كما تم اختيار المواد المستعملة طبقا لدراسات دقيقة، حيث تم اختيار نوعية الحجارة المستعملة من منطقة في انشيري تبعد من المطار 180 كلومترا والتربة من منطقة اخري وذلك علي اساس معايير الجودة.آلية عصرية من صنع الماني لانجاز المدرجاتآلية عصرية من صنع الماني لانجاز المدرجات
وعن مراحل تقدم اعمال المشروع قال ولد احراكي انها وصلت ما بين 50 الي 55% مؤكدا انها ستنتهي بالتحديد في الثالث يوليو 2014.
وقال ان المشروع يوظف 790 موريتانيا و10 اجانب كلهم خبراء عالميين متخصصين وتوقع زيادة العمال كلما تقدم العمل.
وبخصوص تمويل مشروع المطار، قال المدير المالي للمشروع الشيخ ولد محمد صالح ان شركة النجاح للأشغال الكبري تسلمت نسبة 25 % من الاراضي التي تمت عليها صفقة المطار وان 10 % منها قيد التسليم موضحا أن نسبة 65% الباقية لن تتسلمها الشركة الا بعد تسليمها للمطار نهائيا لانها من ضمن مساحات المطار الحالي.
وقال ان شركة النجاح، استطاعت انجاز ما بين 50 الي 55% من اشغال المشروع بمجهوداتها الذاتية ومصادرها للتميل اضافة الي قيمة الاراضي الي تسلمت.
وفي رده علي اسئلة الصحفيين حول اسباب توقيع شركة النجاح لاتفاق مع سنيم تقدم لها بموجبه 15 مليار اوقية قال ولد محمد صالح ان الامر غير ناجم عن عجز مالي تعاني منه الشركة النجاح للوفاء بالتزامتها المتعلقة بانجاز مشروع المطار وانما الامر عائد الي اتفاقية تضمن مصالح الطرفين وتدخل في اطار سياسة شركة سنيم في الاستثمار في المشاريع الوطنية الكبري.الشيخ ولد محمد صالح المدير المالي لشركة النجاحالشيخ ولد محمد صالح المدير المالي لشركة النجاح
وأكد المدير المالي لشركة النجاح للاشغال الكبري ان الاتفقية المقعة مع سنيم، تمت بالطرق الشفافة الواضحة وقد وافق عليها مجلس ادارة سنيم.
شركة النجاح من خلال هذه الزيارة التي نظمت للصحفيين، حاولت فيما يبدوا اقناعهم بان كل ما يروج حول مشروع المطار، اشاعات لا مكان لها علي ارض الواقع وان انجاز مشروع المطار سائر بخطي حثيثة طبقا لاتفاقيته الموقعة مع الدولة الموريتانية وان التعثرات البسيطة التي سجلت، ناجمة عن تغييرات في تصميم المشروع الاصلي بناء علي طلب الحكومة.
ومن خلال مشاهدات الصحفيين، فمما لامراء فيه ان عملا كبيرا يجري انجازه في تلك المنطقة التي يحفها ذلك السور، يؤكد المهندس الموريتاني جمال ولد احراكي وزميله الفرنسي جان ديسجس، انه مطار دولي بالمواصفات الدولية وان نهاية اشغاله في نهاية يونيو 2014، اليس يونيو بقريب؟.