هل قتل مدير الجزيرة ياسر عرفات ؟
تابعنا جميعاً فيلم الجزيرة “من قتل عرفات ؟” , تابعنا بشغف الحبكة الدرامية في التحقيق , وكيف كشفت الجزيرة “جريمة القرن” , بالطبع لن يُعجب تحقيق الجزيرة الكثيرين وهذا جزء من الواقع فالجزيرة تتمتع بـ”انطباع سيء” لدى عدد كبير من المواطنين لكنها تتمتع بـ”أسوأ انطباع” لدى المسؤولين الرسميين ..
ينبع ذلك من عدّة جوانب أهمها “مشاكسة” القناة و انحيازها .. ولا ينتهي بارتباطها بسياسات دولية واستخدامها كـ”عصا” في وجه من يقف أمام “مُشغّليها” .
شاهدت الفيديو أكثر من مرة , أكاد أقول أن الجزيرة تمكنّت من اصطياد “السلطة الفلسطينية” وإيقاعها في الفخ ! , فهذا الضابط الأمني الذي يُراقب “الصحافي الأمريكي” أهدى لقناة الجزيرة صيداً ثميناً , وأنجحت السلطة مآرب الجزيرة دون قصد . فهل كان هذا “الضابط الصغير” يعرف من قتل أبو عمار ليتم تصويره وكأنه يريد إخفاء معلومات وسرقتها من غرفة الصحفي الأمريكي ؟ بالطبع لا لكنها ربما لـ”رعونة” بعض الأجهزة الأمنية في رام الله وقعت الخطيئة .. بعادتي أحب النظر إلى نصف الكأس الآخر , شدّني الصحفي الأمريكي بطريقته البوليسية وأفكاره الأمنية الفذّة , وكيف استطاع وحيداً مراقصة الأجهزة الامنية برام الله “على وحدة ونص” ! بحثت عن إسم الصحفي على جوجل .. وكنوع من الفضول أبحرت في تفاصيل حياته “العلنية” , كانت المفاجأة أن الصحفي ذاته كان يعمل في “أف بي آي” كعميل خاص في خدمة الأمن الديبلوماسي , وفي مقال للصحفي نفسه منشور على موقع الجزيرة نت فقد زار الصحفي الأمريكي ياسر عرفات في شهر مايو 2003 أي قبل وفاة أبو عمار بعام ونصف ..وقبل ذلك التقى به في العام 2000 بكامب ديفيد , كذلك كان “كلايتون سويشر” مسؤول عن الترتيبات الأمنية أثناء زيارات أبو عمّار لواشنطن . الصحفي المقيم حالياً في قطر ويعمل مديراً لمكتب التحقيقات الاستقصائية في الجزيرة يقول أنه ترك العمل الأمني بعد زيارته الأخيرة لعرفات وتحوّل للصحافة , ويسرد تفاصيل إجتماعات كامب ديفيد وكيف تآمر بعض العرب والغرب على عرفات ,وأنه بسبب الغموض القائم حتى اللحظة لدى الأمريكيين في مقتل رئيسهم”كيندي” وللبنانيين بمقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري , فقد قرّر إجراء تحقيق استقصائي عن وفاة ياسر عرفات ! أشك ! , -وربما أكون مخطئاً وأتمنى ذلك- .. أن السلطة الفلسطينية ولجنة التحقيق باغتيال أبو عمّار لم تحقّق ولم تتحصل على أي معلومات إضافية عن الصحفي سوى تلك المنشورة على الويكبيديا والجزيرة والتويتر الخاص به .. هذا إن كانوا قد بحثوا في ذلك ! . بالعادة يتم فك لغز كبير بمعلومة أمنية ربما تكون بنظر البعض “تافهة” , لكن في النهاية تكون تلك المعلومة هي الخيط الوحيد للوصول إلى المتهم الرئيسي .. فما بالكم بـ”جريمة القرن” ؟ كيف وصل “كلايتون” لفكرة “التسميم” ؟ ولماذا طلب مستلزمات عرفات الشخصية ليصل في النهاية إلى فكرة “البولونيوم” ؟ على الرغم من أن هذا السم نادر ولم يكن متوارداً من قبل ؟ هل حقّقت لجنة “التحقيق باغتيال أبو عمار” إن قام هذا الصحفي بزيارة عرفات غير تلك التي نشرها على صفحته وفي مقالاته ؟ هل تأكدّت اللجنة ذاتها من الصحفي الأمني ؟ وهل تمكنّت من الحصول على معلومات أخرى عنه ؟ هل للصحفي الأمريكي أصدقاء فلسطينيين كانوا مقرّبين من ياسر عرفات ؟ بالتأكيد هناك شهود على لقاءات الصحفي نفسه بأبو عمّار , وبالطبع لم يجتمع عرفات مع الصحفي نفسه منفرداً , هل حقّقت اللجنة مع من حضروا اجتماعات الصحفي الأمني ؟ في الفيلم تتضح مدى علاقة الصحفي بالأجهزة الشرطية الإسرائيلية وكيف سمحوا له بالتصوير على جسر الأردن , لماذا ؟ في الفيلم المعروض لم نشاهد أي عراقيل إسرائيلية في دخول الوفد إلى أراضي السلطة عبر إسرائيل , ولم يكشف الصحفي نفسه عن الدول التي تصنّع البولونيوم , واكتفى باتهامات السيدة سهى عرفات لإسرائيل ولم يعقّب بفيلمه !؟ لماذا اهتمّ الصحفي الأمريكي بمشاكسة السلطة وأجهزتها الأمنية , وهل يُفيد ذلك القضية ؟ وهل يعمل الصحفي على تضليلنا وتوجيه الأنظار إلى السلطة وكيف تعمل أمنياً ؟ هل كان “فيلم الصحفي الأمريكي” موجهاً لدرجة أن قناعة أي شخص ينتهي من التمعّن في تفاصيل التحقيق يصل لنتيجة أن السلطة هي المسؤولة عن عملية قتل أبو عمار !؟ قبل تلك الأسئلة مجتمعة .. هل فكّرت اللجنة المكلفة بالتحقيق باغتيال أبو عمّار بامكانية تورّط الصحفي بذلك ؟ فبالعادة من يقتل القتيل ويريد إخفاء جريمته يمشي بجنازته ! لا أتهم الصحفي الأمريكي , وما سبق ما هي إلا وساوس شيطانية وتساؤلات مطروحة ربما طغت عليها نظرية المؤامرة , لكنها بحاجة إلى إجابات من السيد توفيق الطيراوي لعلّ “خزعبلات الانترنت” وهوس “المفتش كرومبو” يبتعدان عني قليلاً ! ملاحظة : صحفي أمريكي في أكبر مجلة أمريكية “الفورين بوليسي” اتهّم بشّار الأسد بالمسؤولية عن اغتيال أبو عمّار .. واستند فقط على التاريخ الأسود في علاقات والد بشّار وياسر عرفات .. لذا : المتهم بريء حتى تثبت إدانته ..
غازي مرتجى