من “محطات رحلتي إلى الطب” للدكتور”حم” (4)
قبل الحلقة الرابعة من "سلع ملع" * عملية الطباعة اشرفت علي النهاية * يتوقع الوصول مع نهاية شهر رمضان الكريم
الزمان أنفو –
المدرسة رقم 1 بأطار: بداية المشوار
من عادة الأهالي في أطار قبل الخلود إلى النوم أن يعدوا العدة لشاي الصباح. يضع رب الأسرة أو أحد الأبناء فرنا صغيرا عليه الفحم و بعض قطع من الكاغط وعلبة من عيدان الثقاب (علمت allumettes) و فوقه “مغرج” به ماء. يبادر أول المستيقظين لصلاة الصبح بإشعال الكاغط و إحراق الفحم و يضع “المغرج” فوق النار قبل الذهاب إلى الصلاة.
في طريق العودة يمر بأحد الحوانيت أو فرن المرحوم “اكرين” لاقتناء الخبز الساخن. و عند رجوعه إلى البيت يكون “المغرج اطلس اسبولتو”..
فطور الصباح في تلك الربوع موحد: الشاي الأخضر المنعنع مع الخبز (الحطب أو الكهرباء)، يقدمان قبل اكتمال “امخيظ” الشكوة و ما ستجود به من “ازريق اكويرات” و الزبدة التي ستحفظ لتستخرج منها لاحقا كمية من “دهن آدرار” و توفر للأطفال ما يسمى “عيش الذوابه”.
في العادة، لا يوقظ الأطفال إلا بعد أن يقدم “البراد الأول”.
صبيحة ذلك اليوم من أكتوبر 1975، استيقظ الجميع باكرا و لبسنا الجديد من الثياب و توجهنا ـ سيرا على الأقدام طبعا ـ في ما يشبه المسيرات صوب المدرسة رقم 1، حيث كان في استقبالنا الوالد المرحوم “محمد ولد الحيمر” مدير المدرسة آنذاك.
اليوم الأول، مخصص عادة لتسجيل التلاميذ ثم توجيهم إلى أقسامهم و النداء بأسمائهم.
بعد عودتنا من أول يوم دراسي، سألت إحدى الوالدات ابنها ماذا درست اليوم؟ فرد: حاضر، غائب، حاضر، غائب….
الدخول إلى قاعات الدروس، له طقوس، أظنها اختفت من عادات تلامذة اليوم: يدق الجرس، فيصطف التلاميذ أمام الأقسام، صفان للأولاد و صف للبنات. يقف المعلم مرددا عبارة:
ـ مد: فيمد التلميذ يده اليمنى و يضعها علي منكب زميله الواقف أمامه.
ـ سدل: ينزل التلميذ يده ضاربا بها فخذه في حركة “شبه عسكرية” سريعة و قوية.
ـ تقديم: يقدم التلميذ ساقه اليمني.
ـ تأخير: يرجع ساقه.
يكرر التلاميذ هذه الحركات عدد ما شاء المعلم، قبل أن يأذن لهم بالدخول إلى الفصل و يبدأ عادة بصف البنات.
يدخل التلاميذ بهدوء و نظام كل يعرف وجهته (طاولته) المحددة و التي سيمضي عليها عامه الدراسي إذا لم يعاقب بسبب التشويش فيحول إلى مكان آخر.
يعين المعلم من بين التلاميذ رئيسا للقسم، يكون بمثابة نائبه، يراقب في حال خروج المعلم و يسجل أسماء المشوشين و يشكل فرق النظافة التي تقوم على نظافة الفصل يوميا قبل حصة المساء.
المستلزمات المدرسية كانت غاية في البساطة: دفتر أو اثنان من فئة 32 صفحة لأبناء الكادحين ومن 50 صفحة لأبناء المتوسطين و 100 صفحة للأغنياء. أما ال200 صفحة فلا يقتنيها إلا “حد حد”. بالإضافة إلى عشرين عودا صغيرا و نفس العدد من أغطية قوارير المشروبات الغازية، يستعملها الأطفال أثناء تعلم الحساب بالإضافة إلى قلم أزرق من ماركة “بيك” (Bic). و لوح ( ardoise) و طبشور أبيض.
أبناء الأغنياء “البطارين”، و هم قلة قليلة آنذاك، عندهم أقلام ملونة، عادة تكون شبه “وقف” و يستخدمها كل من احتاجها و قد “ينساها” أحدنا في أدواته و “اتعود عين بيظاء”.
يخرج الواحد منا صباحا، و معه قطعة خبز “ميدومة” بزبدة “اكويرات”، يأكلها في الطريق و في جيبه خمس أو عشر أواق يشتري مقابلها من “أمبورو صوص” أثناء استراحة العاشرة من إحدى المغفور لهن : أدويده و مريم كيتا و توت محمد المختار.
كان برنامج السنة الأولي سهلا نسبيا على شخص لديه رصيد من القرءان الكريم مثلي: قراءة الحروف و كتابتها، بالإضافة إلى بعض العمليات الحسابية البسيطة.
لاحظ معلمنا، إسلم ولد أبيه أن مستواي لا بأس به (أي أنني “فيس” بلغة أطفال اليوم)، فاقترح على الإدارة و كذا الوالدة أن أنتقل إلى السنة الثانية. بالطبع لم يكن لي رأي في الموضوع. ذات يوم، بعد عودتنا من استراحة العاشرة، جاء مراقب و
و ادركت شهرزاد الصباح ، فسكتت عن الكلام المباح …
الدكتور الإنسان حم Mohamed Hamma AbdelKader