إلى الرئيسين: “مسعود” و”جميل”
هذه بعض النقاط أرسلها لكما مبعثرة، وذلك لأن الوقت لا يسمح بتنظيمها، ولا بتنسيقها، ولا حتى بالاهتمام بصياغتها.
1 ـ إن الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة لانتخابات تعتبر هي الأسوأ في تاريخ البلد حسب اعترافكما لن يكون مجديا. إن الشجب والإدانة لا يقبل إلا ممن لا يملك إلا الشجب والإدانة للتعبير عن رأيه، أما أنتما فإنكما تملكان أشياءً أخرى غير الشجب والإدانة. ولتعلما بأنكما قد أصبحتما بفعل بيانات الشجب والإدانة مثار شفقة الكثيرين، ولم يعد حالكما يختلف كثيرا عن حال الجامعة العربية، والتي بدلا من أن تحاول أن تفعل أي شيء، فإنها تكتفي بإصدار بيانات الشجب والإدانة، تلك البيانات التي لم يعد يهتم بها من وجهت إليهم، ولم تعد تساوي حتى ثمن الورق الذي كُتبت عليه. هذا هو تماما حال بياناتكم التي تصدرونها بكثرة في هذه الأيام.
2 ـ أيها الرئيسان المحترمان ألم تسمعا النائب “بداهية ولد أسباعي” في إذاعة صحراء ميديا يقول : “طرشوني، شطُّ ألباسي، اتوطاوْ أعليّ بنعايلهم، واعتقلوني “، ألم يستفزكما ذلك؟ ولمَ اكتفيتما يرحمكما الله بعد تلك الحادثة المستفزة ببيان هزيل تضيفانه إلى بياناتكما الكثيرة، والتي لم تعد تجد من يقرأها؟
فيا أيها الرئيسان المحترمان عليكما أن تعلما بأن النظام الذي تجرأ على أن يفعل بنائب محترم ذلك الفعل الشنيع، في مثل هذا الوقت الحساس الذي كان من المفترض فيه، أن يغازل حزبيكما اللذين شرعا له مهزلته الانتخابية، لن يتورع مستقبلا عن التعامل بجفاء أكثر، وبقسوة أكبر، عندما يشعر بأنه لم يعد بحاجة إلى حزبيكما بعد أن شرعا له مهزلته الانتخابية. فإذا كان نصيب النائب المعارض في زمن الود هو الصفع وتمزيق الثياب والركل والاعتقال، فكيف سيكون نصيب ذلك النائب في زمن الجفاء، والذي سيبدأ زمنه مباشرة بعد إعلان نتائج الشوط الثاني من مهزلة 23 من نوفمبر؟
أليس من العبث حقا أن تستمرا في هذه المهزلة، خاصة أنه لن يكون من المستبعد، أن تشاهدا غدا النائب “محمد غلام” مثلا، وهو يتعرض للصفع ولتمزيق الثياب وللركل من جندي بسيط دون أن يكون بإمكانكما أن تفعلا شيئا غير إصدار بيان جديد، يضاف إلى بياناتكم المتراكمة؟
ثم ما أهمية الفوز في النيابيات، إذا كان أي جندي عادي بإمكانه أن يصفع أي نائب من نوابكم، في الوقت الذي يشاء، وبالطريقة التي يشاء، وأمام ناخبيه الذين انتخبوه وهم يعتقدون بأنه سيدافع عنهم، وسيسمع صوتهم للسلطات، فإذا به لا يستطيع أن يحمي نفسه من صفعات و ركلات جندي عادي؟
3 ـ يا أيها الرئيسان المحترمان عليكما أن تعلما بأننا لن نصدقكما غدا إذا قلتما بأنكما تعارضان نظام “ولد عبد العزيز”، اللهم إلا إذا كنتما تقصدان بتلك المعارضة معارضة الرئيس “بيجل”، والذي لم تمنعه معارضته من أن يحشر أنصاره لاستقبال الرئيس، بطريقة أكثر ابتذالا من تلك الطريقة التي يحشر بها الحزب الحاكم أنصاره لاستقبال الرئيس.
إن المعارضة ليست مجرد شعار نرفعه، وليست مجرد خطبة نلقيها أمام حشد من الناس، إنما هي بالأساس مجموعة أقوال و تصرفات راشدة وواعية نقوم بها لكشف عورات النظام أو لإضعافه إن كان ذلك ممكنا، وهي بالأساس عملية اقتناص فرص. ولا أعتقد بأن الفرصة المتاحة لكما الآن لتوجيه صفعة قوية للنظام القائم ستتاح لكما في أي وقت آخر.
انسحبا الآن من هذه المهزلة لتثبتا بأنكما معارضان حقا، فانسحابكما الآن سيشكل صفعة قوية للنظام، أما إذا قررتما أن تواصلا في هذه المهزلة، فعليكما أن تعلما بأن الشعب الموريتاني لن يكون بحاجة إلى خطابات نوابكم في البرلمان، فهي بالتأكيد لن تكون أحسن من خطابات نواب المعارضة في البرلمان المنحل.
4 ـ إنه حقا لأمر مشين بأن تقبلا بوعد من الوزير الأول أو من الرئيس بتصحيح النتائج. ألا يعتبر ذلك تدخلا سافرا من طرف الحكومة في عمل “المصيبة” المستقلة للانتخابات؟ أم أن التدخل في عمل تلك المصيبة لا يعتبر تدخلا إذا كان لصالحكما؟
عليكما أن تعلما بأن الشعب الموريتاني ليس شعبا غبيا، وأنه قد فهم تماما المقصود “بتصحيح النتائج”، والتي لم يعد بالإمكان تصحيحها بعد أن اختفت صناديق بكاملها.
فالمقصود بتصحيح النتائج هو أن يعطى لكل حزب من أحزاب المعارضة المشاركة نصيبا كافيا لإيقاف ضجيجه. نحن كنا في البداية أمام انتخابات هزيلة، ولكنها تحولت في النهاية إلى مجرد صفقة هزيلة يحصل فيها كل مشارك على نصيب معلوم.
5 ـ يؤسفني أن أقول لكما، وهذا لا أقوله استفزازا، وإنما هو شعوري الآن، بأني أصبحتُ أتوقع أن ينسحب الحزب الحاكم أو حزب الحراك أو حزب الكرامة من مهزلة 23 من نوفمبر، أكثر من توقعي بانسحاب حزبيكما.
6 ـ لعل من أهم الحجج التي قدمها حزب “تواصل” لتبرير مشاركته في مهزلة 23 من نوفمبر هي أن ضغط قواعده الشعبية خاصة منها تلك التي توجد في الولايات الداخلية قد أجبرته على المشاركة. وليسمح لي هنا الرئيس “جميل” أن ألفت انتباهه إلى أن القواعد الشعبية في الداخل هي التي تحتج اليوم رفضا لهذه المهزلة ولنتائجها، وهي التي تواجه قوات الأمن في أكثر من مكان، وذلك في وقت لم نسمع عن احتجاج لقواعد الحزب في العاصمة، ولا احتجاج لقيادات الحزب، إذا ما استثنينا بيانات التنديد، أو تنظيم المؤتمرات الصحفية المتكررة. فإذا كانت القواعد الشعبية في الداخل هي التي أرغمتكم على المشاركة، فعليكم أن تعلموا بأنها هي اليوم من يقود الاحتجاجات الرافضة لنتائج هذه المهزلة الانتخابية.
أما بالنسبة للرئيس “مسعود” فإني أقول له بأنه لم يجتهد عند اختياره لممثله في المصيبة المستقلة للانتخاب، ولذلك فلا يجوز له أن يطالب بأجر المخطئ. أما بالنسبة لاعتذاراته المتكررة للشعب الموريتاني فهي ليست مقبولة ما دام لم ينسحب من هذه المهزلة الانتخابية والتي تُشرف عليها لجنة سماها هو لا غيره بلجنة “لخروطي”. أولا يعني ذلك يا سيادة الرئيس “مسعود” بأن هذه الانتخابات التي تشرف عليها لجنة “لخروطي” ما هي إلا “لخروطي” بعينه؟
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل