قد نبتلى من أجل أن نتذكر إخواننا/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-مكة المكرمة
الزمان أنفو – قبل حوالي أسبوعين أو أكثر قصصت رؤيا واضحة المعالم على جماعتي،و استغربت ذلك الدور للفاغنر،و تتالت الأحداث،و مهما يكن مستوى الاعتداء و التجاوز و دور جيشنا و دولتنا فى درء الخطر،إلا أن فى الأمر دروس وعبر.
فمواطنونا فى الشمال و الشرق يتعرضون للخطر،بل و يموتون باستمرار ،و هذه أوضاع قاهرة يصعب التعامل معاه أو تفاديها مطلقا،ففى الشمال نزاع مزمن و حكومتنا تنصح باستمرار ،بضرورة الابتعاد عن ذلك الخط الحدودي،لكن الطمع قاتل فى أحايين كثيرة ،و دولة جارة يفترض انها شقيقة،كان الأجدر بها تذكر المثل العربي على الأقل،”آخر الدواء الكي”،اما التصفية بإدرون و الطائرات المسيرة المتطورة ،بمجرد تجاوز منطقة متنازع عليها،لم يحسم أمرها بعد،فقد يفهم من هذا استهدافا و تقصد توصيل رسائل غير ودية مطلقا!،و فى الحدود مع الجارة مالى،المفترض أنها شقيقة ،يتعقب الفاغنر المستأجر لدى الحكومة المالية بعض مواطنينا،و تكاد تستفحل الأوضاع.
فعلا إننا فى منطقة ملتهبة،و ندفع ثمن الجوار المضطرب بامتياز،و للأسف المواطنين لطلب بعض مصالحهم لم تنفع معهم توجيهات الحكومة ،فباتوا تتكرر معاناتهم،و فى هذا السياق تتعمق شائعات المدونين و المتسلقين لمهنة ،لا يدركون مخاطرها الجمة أحيانا.
الرجاء التوقف عن الشائعات،لكن السؤال المحرج،رسائل أحداث ادرون فى الشمال واضحة نسبيا،رغم قسوتها،فما حقيقة و عمق رسائل الفاغنر الروسية،و هل الأحداث الحاصلة للتو ،مجرد تجاوز غير مقصود،أم أننا ندفع ثمن موقف موريتاني تاريخي من بعض أوجه الصراع فى المنطقة الأزوادية المحاذية لدولتنا؟!.
لكن ما أردت قوله عبر عنوان المقال،أننا قد نبتلى لتذكر واقع إخواننا فى مواقع أخرى،و خصوصا معاناة الغزاويين اتراجيدية المؤلمة المرعبة،ضحايا فى ضفاف الحدود ،هنا و هناك،و رب ضارة نافعة ،فحتى لا ننسى معاناة و مأساة فلسطين عموما و غزة و الأقصى الأسير خصوصا،فك الله أسره و رفع المعاناة عن غزة المبتلاة بحق و عمق؟!.
و هذه الهجمات الفاغنرية إن ثبتت،هي بمثابة ضربات طائرات روسية للقصر الرئاسي فى قلب العاصمة،و ذلك ملخص الرؤيا البينة ،التى أشرت إليها،و هي محاولة لهز الاستقرار السياسي فى موريتانيا،التى باتت روسيا بعد توسعها فى جل دول الساحل غير مرتاحة لتقاربها مع فرنسا و قرب استخراجها للغاز و بكميات معتبرة،لصالح شركات غربية،لا نصيب للشركات الروسية فيها،و موريتانيا غير ملزمة بسياسة الثلاثي المالي البوركنابي النيجري ضد فرنسا و الغرب عموما،كما أنها فى المقابل ،ليست ملزمة بالمبالغة فى التقارب مع فرنسا،دون حساب دقيق لخطواتها و مصالحها و مخاطرها فى ذلك ،و كان بين ذلك قواما.
و لعل فاغنر و من وراءها الروس ستدرك عدم سهولة استدراجنا للمعارك السلبية الخاسرة،سواءً على الأرض أو فى عالم السياسة و الاقتصاد،و تلك الضربات الاستدراجية،لن تؤتي أكلها ،و موريتانيا لن تتخلى عن أمنها و استقلاليتها،بإذن الله،و على كل حال لكل مكاسب مخاطر وتضحيات غالبا،و الله يحفظ موريتانيا و شعبها،اللهم آمين،من هذه القلاقل و التموجات فى شبه المنطقة عموما،و حتى بعد فوز جناح معين فى السنغال ،و الله خير حفظا.
أما المغرب فيعتبره الموريتانيون،رسميا و شعبيا،دولة شقيقة،و التوجه العام لتكريس ذلك و باستمرار،مهما يكن تأثر الدولة العميقة هناك ببقايا من خطاب و أدبيات حزب الاستقلال المغربي،و ادرون تؤلمنا هجماتها المتكررة لأبسط وأتفه الأسباب،و لكن هذا فى المقابل لن يمنع طريق تندوف -ازويرات من الإنجاز،و لن يمنع من تطوير العلاقات مع الشقيقة الجزائر ،من مختلف الأوجه ،الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية،فالمغرب و الجزائر كلهم أشقاء لموريتانيا،و القرار و التوجه الموريتاني مستقل و إيجابي و مدروس،بتوجيه من صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزوانى.
و لعله من اللائق بالنخبة الموريتانية قبل غيرها أن تدرك أن موريتانيا تتجه لاستخراج الغاز و تقع ضمن محيط ملتهب و غير بريئ أحيانا ،و جدير بنا التحلى ببعد النظر و سعة الصدر و التريث،حتى لا ندفع لمزالق لا تخدمنا إطلاقا.