عسى أن نصل أرحامنا/بقلم عبد الفتاح واد اعبيدن-مكة
الزمان أنفو – أهلنا فى السياق الأسري الضيق،و بصراحة يعيشون أزمة علاقات داخلية لا ينفع معها إلا المكاشفة و المصارحة و بطريقة منهجية،و رأس هذه الأزمة ضعف العلاقات الداخلية،ممثلة فى شيوع قطع الرحم،رغم ما كانوا يتسمون به من قبل من الحرص على صلة الرحم و القيم عموما،لكن مع بداية عهد التعددية و شيوع المدح و الرياء،تعمقت علاقاتهم مع الآخرين،أعنى خارج نطاق الأسرة و ضعفت وشائجنا الداخلية،بل و أضحى البعض منهم لا يتورع عن الربا،و إنما يرى أن الفقر هو العدو الأول،و ما سوى ذلك لا يشكل هزيمة و لا ضعفا.
و هذه إحدى المعالجات الاجتماعية الصريحة،لمحاولة تجاوز بعض الظواهر السلبية،و من بدأ بنفسه و محيطه،فلعل ذلك رسالة جد و استعجال للتغيير الاجتماعي الإيجابي،و هو أول الإصلاح المنشود،فى كل مجتمع،بإذن الله و عونه.
و لنحذر من الآثار السلبية لقطع الرحم،فهي تنادى و تدعو و هي معلقة بالعرش:”وصل الله من وصلني و قطع الله من قطعني”.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد عن قتادة: ” واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا “، ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: اتقوا الله، وصلُوا الأرحام، فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة.
و لعل صلة الرحم هي واسطة العقد ،من جميع أعمال البر،لأنها حسب حديثه ،صلى الله عليه و سلم،تدخل الجنة و تزيد فى العمر و تزيد فى الرزق،فهل فوق هذا من جائزة عظيمة مبشرة.
و كانت “بيروحاء “من أجمل البساتين فى المدينة المنورة،و كان أبو طلحة من أكثر الأنصار مالا،و عندما تصدق بحديقته هذه،أمره رسول الله،صل الله عليه و سلم ،أن يضعها فى أقاربه،لأن الصدقة على الأقارب ،تجمع بين الصدقة و الصلة.
و من الجدير بالذكر أن بعض المدن الموريتانية،التى سبق فيها الطابع المدني،تأثرت مجتمعاتها لاحقا فى المدن الكبرى بالمنحى الغربي الرأسمالي الأناني الضيق،فتفشى الانغلاق و إهمال العلاقات العائلية القريبة جدا،و من هنا استفحلت شرور قطيعة الأرحام و التفريط فى الحقوق الاجتماعية المختلفة.