الرئاسيات لمن الغلبة؟/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن
الزمان أنفو ـ الإصلاح ضرورة ملحة،لأن هذه الدولة تمتلك مقدرات كبيرة،من حيث السمك و الحديد و الذهب و الغاز و الأراضى الخصبة و الثروة الحيوانية و الفوسفات و التربة النادرة و غيرها من المعادن،لكن انتشار الفساد و سوء التسيير و الأنانية المفرطة و الجهوية و عدم التوازن بين مختلف الجهات و المكونات ،كل هذا يمنع الإصلاح المنشود الضروري الملح،و لقد باتت الأصوات الشبابية تدعو للإصلاح بإلحاح ،لحاجتها الماسة إليه،و رغم قلة خبرتها السياسية و تنطعها و إسرافها فى السب و الشتم،فأحد الطامعين يصف الوطن الغالى بالخربة،و كانه لا يدرك أن قاموس المرء ينبئ عن مستواه و حرمانه من كاريزما القيادة و التميز،و مرشح آخر يردد مقولات زعيم قومي رحل،و كأنها وحي يوحى ،و يلوى كلماته فى غياب الخطط و وضوح الرؤية ،و يحسب هذا كافيا ،لتنزيل الإصلاح المطلوب فى وقت قياسي،و آخر يهدد بالقتل و يعبر عن كراهيته الصريحة للجزء الأغلب الأقوى فى هذه الدولة و منذ نشأتها،و آخر يحسب الأصل و الفصل يكفى لاستدعاء نصر كاسح غير مرهق و لا مكلف!،أقول لكل هؤلاء،فلنفرض على مقاس ما يعيش البلد من أزمات و تحديات ،أن ولد غزوانى ليس هو المرشح الأمثل فى نظركم ،و لكنه المرشح الأقوى،فمعه عمق اجتماعي معتبر و جيش من الموظفين و رجال الأعمال و مشايخ الصوفية و المؤسسة العسكرية و الأجهزة الأمنية،فهذا الخماسي يصعب بل الأصح يستحيل إقناعه بالتخلى عن مرشحهم و رئيسهم،محمد ولد الشيخ الغزوانى،مما يجعل المعركة الانتخابية المرتقبة محسومة على وجه راجح،شبه يقيني.
و رغم ما يتداوله الرسميون من كتيب من إنتاج المكتب الإعلامي الرئاسي حول تفاصيل 200 منجز بالأرقام فى مختلف المجالات،إلا أن المواطن يعانى من الغلاء و ضعف الدخل،كما تهتز الحدود مع المغرب و مالى حوادث مؤلمة متكررة،و يعترف النظام القائم بتحدى الفساد و ضرورة مكافحته،كما يدعو الرئيس من حين لآخر بضرورة الوفاء بآجال المقاولات ،و يلح على ضرورة تقريب الإدارة من المواطن،حيث يغلق بعض المسؤولين مكاتبهم أمام بعض المواطنين،و يقع التمييز فى هذا الصدد،مما يحرم الكثير من المواطنين من الالتقاء ببعض المسؤولين الكبار لحلحلة بعض مشاكلهم.
هذا المشهد يدعو الرئيس الحالي بموضوعية لضرورة تحسين الأداء الحكومي بشكل متسارع،عسى أن يحظى برضا الطبقات المسحوقة المقصية من أغلب المنافع،فحتى لو كسب المعركة الانتخابية،فتبقى معركة الأمانة و القيم و الضمير،يصعب كسبها إلا بعد تقديم الكثير من الجهود و الخطط العملية الملموسة.
و لعل الرئيس ،محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزوانى يبذل جهودا كبيرة من أجل تقدم التنمية و مكافحة الفساد،لكن تدوير بعض الوجوه المستهلكة و عزوف بعض الوزراء عن ما يدعو إليه الرئيس من تسخير و تقريب الإدارة زلفى من المواطن،كل ذلك لا يستبعد معه تعديل وزاري واسع قد يطيح ببعض الوجوه ،لطمأنة الرأي العام الوطني على جدية الإصلاح الجارى و الموعود،خصوصا فى المأمورية الثانية،بإذن الله.
و من غير المناسب قياس الانتخابات المنتظرة عندنا على انتخابات غيرنا،فالمعطيات مختلفة و بالتالى النتائج طبعا مختلفة.فالانتخابات عندما تتباعد فيها الحظوظ بين المرشح الأقوى و غيره ،و تتراءى النتيجة شبه مسلم بها،تبعا لعوامل ذات بال،فإن الانتخابات حينها تصبح تقريبا انتخابات الأمر الواقع و ليست انتخابات قد تأتى بتغيير جذري مفاجئ،و إن كان الجو الانتخابي الساخن نسبيا،قد يفرض على الرئيس غزوانى المزيد من التنازلات و التعاملات و الإصلاحات منذ الآونة الحالية و إلى أفق المأمورية الثانية المرتقبة،فاحتجاجات بعض الشباب و بعض الأوساط المتبرمة من الواقع الضاغط،قد لا تفرض ظهور رئيس جديد،لكنها قد تدفع لبعض التغييرات الإيجابية المهمة،رغم النجاح المنتظر،للمرشح غزوانى.
و من المؤلم و اللافت أن بعض المواطنين قد لا يشغله بالدرجة الأولى مصلحة الوطن،و ما تحقق منها أو تبقى،بقدر ما تهمه منفعة عابرة و رمزية من فتات الحملات و أرزاقها الموسمية،بل و استطاع البعض من مدراء الحملات كسب معارك انتخابية معقدة بالمال بالدرجة الاولى.
و عموما ستبقى هذه الانتخابات أقل حظا فى موضوع الإصلاح و التغيير من انتخابات ما بعد غزوانى فى أفق 2029،و التى يرجح أن تكون اكثر تجاذبا و تنافسية و تأثيرا فى المشهد العام الوطني،بإذن الله.