مضاعفات مرض السكري ..والتقنيات النووية

من موقع الوكالة الدولية للطاقة الذرية…

الزمان أنفو – تشير الإحصاءات إلى أنّ عدد المصابين بمرض السكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد وصل إلى 73 مليون شخص في عام 2021. ومن المُتوقّع أن يرتفع عدد الذين يعانون من هذا المرض في العقد القادم ليصل إلى حوالي 95 مليون شخص بحلول عام 2030. وفي عام 2021، توفي في هذه المنطقة 796 ألف شخص بسبب مرض السكري وأُنفق مبلغ 33 مليار دولار في خدمات الرعاية الصحية لمرضى السكري. وتتراوح مضاعفات هذا المرض بين الفشل الكلوي والنوبات القلبية والعمى والسكتة الدماغية وبتر الأطراف السفلية. ويمكن تشخيص هذه المضاعفات في وقت مبكر، وتجنبها في كثير من الحالات عبر استخدام التصوير النووي. وتعمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على سد الفجوة الموجودة في الاستفادة من خدمات الطب النووي وتزويد البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط بالمعدات اللازمة والخبرات الضَّرورية.

وقال السيد إنريكي إسترادا لوباتو، وهو أخصائي في الطب النووي في الوكالة بأنّ “التقنيات النووية تؤدي دوراً محورياً في هذا المجال لأنها يمكن أن تساعد على الكشف عن مضاعفات مرض السكري وبالتالي المساعدة على تجنُّبها، وتقليص نسبة الوفيات وتحسين نوعية الحياة لمرضى السكري على الصعيد العالمي”.

وهناك نوعان رئيسيان من مرض السُّكري. السكري من النوع الأول الذي يترتَّب عنه نقص في إنتاج الأنسولين، والسُّكَّري من النوع الثاني، وهو الأكثر شيوعاً، عندما لا يستخدم الجسم بشكل فعال الأنسولينَ – وهو هرمون ينظم عملية استقلاب الكربوهيدرات والدهون والبروتينات، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. وعلى الرغم من أنَّ العوامل التي تتسبَّب في الإصابة بالنوع الأول والمخاطر التي تحيط به لا تزال مجهولة وأنّ أساليب الوقاية منه لم تُكلَّل بعد بالنجاح، فإنّ الوقاية من النوع الثاني من مرض السُّكري أمرٌ ممكنٌ.

وتنفِّذُ الوكالة حالياً 74 مشروعاً وطنياً و13 مشروعاً إقليمياً لتطوير الطب النووي وتعزيزه، بما في ذلك التطبيقات المخصصة لتقييم مضاعفات مرض السكري في جميع أنحاء العالم. ومن خلال برامج التعاون التقني، والأنشطة البحثية المنسقة، والمنشورات والأنشطة التعليمية، مثل وحدات التعلم الإلكتروني، والحلقات الدراسية المسجَّلة، والدورات التدريبية المتاحة من خلال مجمَّع الصحة البشرية، تقدم الوكالة الدعم للبلدان وتشجعها على استخدام التصوير الطبي بفعالية لأغراض التشخيص المبكر، وتحسين خدمات الرعاية وزيادة معدلات البقاء على قيد الحياة.

تقنيات نووية رائدة في مجال التشخيص
تُستخدم ثلاث تقنيات نووية رئيسية في الطب لتشخيص ثلاثة مضاعفات شائعة لمرض السكري هي القدم السكرية والفشل الكلوي وأمراض القلب. وتُستخدم المستحضراتُ الصيدلانية الإشعاعية، التي تحتوي بدورها على كميات صغيرة من النظائر المُشعَّة، لاستهداف المناطق المتضررة في الجسم، كما تُستخدَم تقنيات التصوير للكشف عن هذه الأمراض المختلفة. ويُعدُّ التشخيص المبكر لهذه المضاعفات أمراً أساسياً لتحقيق نتائج ناجحة في العلاج.

القدم السكرية: عندما يُصاب مريض السكري ببعض المشاكل الناتجة عن ارتفاع مستويات السكر في الدم، مثل فقدان الإحساس في القدم وعدم التئام الجروح المفتوحة والإحساس بها . يمكن أن تسبِّب القدم السكرية التهابات مباشرة في العظام، مما يؤدي إلى الإصابة بالتهاب العظم والنقي – وهي حالة التهاب أو تورم في العظام. وإذا شُخِّصت هذه الحالة مبكراً، فيمكن علاجها بالمضادات الحيوية. وتستخدم تقنية التصوير المقطعي الحاسوبي بالانبعاث الفوتوني المفرد إلى جانب مستحضرات صيدلانية إشعاعية مختلفة للكشف عن مرض القدم السُّكَّرية. وفي الآونة الأخيرة، أصبح التصوير المقطعي بالانبعاث البوزيتروني باستخدام الغلوكوز المنزوع الفلور، مثل الرنين المغناطيسي، مفيداً للكشف عن المرض وتقييم فعالية العلاج وإجراء الفحوص بتقنيات التصوير التي تساعد على تشخيص المشاكل التي تصيب العظام وتحديدِ ما إذا كانت العدوى نشطة أم لا.

وتتأثر الكلى أيضاً بمرض السُّكَّري المزمن. وينبغي الكشف في مرحلة مبكرة عن عجز الكلى في أداء وظائفها لتجنُّب الإصابة بالفشل الكلوي. وقد أثبت التصوير الوميضي للكلى – وهو اختبار يستخدم المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية لتقييم وظائف الكلى، دوره المهم في الكشف عن التغيرات التي تحدث في وقت مبكر. وقال السيد إليياسار إغناسيو، وهو مديرُ قسم الطب النووي في المعهد الوطني للعلوم الطبية والتغذية في المكسيك، بأنه “من خلال استخدام هذه التقنية، ساعدنا 250 مريضاً بالسكري على تجنب الإصابة بمضاعفات الكلى في عام 2020 في مستشفانا”. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ مرض السكري منتشرٌ بشكلٍ كبيرٍ في المكسيك.

ويعاني الكثير من مرضى السكري من آلام في القلب. ويعود ذلك إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، مما قد يؤدي إلى تلف الأوعية الدموية. وفي حال عدم تشخيص هذا التلف وعلاجه، فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بأمراضٍ القلب. وتُجرى مقارنات لتقييم ما إذا كان القلب يعمل بشكل جيد من خلال إخضاع المريض لتقنية تصوير طبية تسمى تصوير تروية عضلة القلب، مع حقن المستحضرات الصيدلانية الإشعاعية ذات الصلة. وتقدم الوكالة في هذا الإطار إرشادات للبلدان بشأن هذه التقنية، وتزوِّد البلدانَ التي تمتلك هذه التقنية، وتلك التي تتطلع إلى تطويرها، بالمساعدة على تنفيذها وتنسيق وتعزيز استخدامها.

وقد أجرت الوكالة عدة مشاريع بحثية منسقة تهدف إلى تقييم دور تصوير تروية عضلة القلب في تقييم أمراض القلب. وكانت هناك متابعة لحالة مريض خضع للتصوير لمدة 10 سنوات بهدف تحديد دور هذه التقنية في الكشف عن المضاعفات التي تصيب القلب لدى مرضى السُّكَّري الذين لا تظهر عليهم أعراض الإصابة بهذا المرض.. وكانت البلدان المشاركة هي الجزائر، والأرجنتين، وبنغلاديش، وشيلي، وكولومبيا، وكوبا، ومصر، والهند، وإسرائيل، وإيطاليا، ولبنان، وباكستان، وسلوفينيا، وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية، وأوروغواي، وفييت نام.

ومن خلال عمل الوكالة يمكن لمرافق الطب النووي في جميع أنحاء العالم أن توفّر بشكل مأمون الاختبارات والموارد اللازمة للكشف عن المضاعفات الناجمة عن مرض السكري والمساعدة على حماية أرواح المصابين بهذا المرض. وهذا ما حدث في أمريكا اللاتينية وآسيا والمحيط الهادئ حيث جرى تحسين التطبيقات السريرية للتقنيات النووية وسيستمر تطويرها من خلال مشروع جديد يُخطَّط له وسيركِّز على النساء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى