هل فعلا انتزع تواصل زعامة المعارضة من التكتل؟
بعض شباب تواصل المغمورين بانتصارات حزبهم -التي فاقت كل توقعاتهم- يتحدثون عن انتزاع حزبهم لزعامة المعارضة من حزب المعرضة الرئيسي “التكتل”!
رئيس حزب تواصل السيد جميل ولد منصور قال أن عملية حسابية بسيطة أوصلتهم إلى هذا الإنجاز.
يتذكر السيد جميل منصور جيدا أنه في انتخابات 2006 التي تعتبر أمثل تجربة ديمقراطية شهدتها موريتانيا ، حصد التكتل 16 مقعدا نيابيا من أصل 95 هي العدد الإجمالي للمقاعد آن ذاك ، أي نسبة 16.8%. مع مراعاة ظلم النسبية للتكتل على مستوى اللائحتين الوطنية والجهوية لنواكشوط.
كما يتذكر أن حزب اتحاد قوى التقدم ذو الجذور النضالية الراسخة ، الذي عانى حينها من شح كبير في الموارد ، حصل على 9 مقاعد في نفس الانتخابات أي ما نسبته 9.47%.
أما في مهزلة 23 نوفمبر فقد حصل حزب تواصل في ظل مقاطعة أحزاب منسقية المعارضة الديمقراطية التي تضم الحزبين المذكورين ، على 12 نائبا من أصل 147 هي العدد الإجمالي للمقاعد ، أي ما نسبته 8.16%!
فمن يستحق زعامة المعارضة بلغة الأرقام؟!
ولعل الجميع يعرف أن التكتل وتقدم تنازلا بمحض إرادتهما عن كل المكاسب الآنية في البلديات والبرلمان بغرفتيه ومجموعة نواكشوط الحضرية وتمويل الدولة وزعامة المعارضة.. حين وصلا لقناعة مطلقة أنها مؤسسات معطلة من قبل نظام الفساد وأجهزته ، وأنهم عاجزون عن تحقيق أي إنجاز للموريتانيين من خلالها غير “الثرثة” في البرلمان.
إن التنازل عن المكتسبات النضالية جريمة في حق الوطن كما أن القبول بانتخابات أسوء من اللواتي سبقنها من حيث الشكل والمضمون خيانة للمسار النضالي الذي لطالما سوقته المعارضة للموريتانيين.
وما يحتاجه الموريتانيون اليوم هو مشروع يؤسس ل”تغيير صادق”، لأنهم جربوا أشكال عديدة من التغيير اتضح زيف وعود أصحابها. والأساس الأمثل لفرض ذلك التغيير هو الالتزام التعهدات التي يقدمها أصحاب ذلك المشروع للجماهير.
فكيف ستصدق الجماهير أن من نقض عهوده لها سينفذ وعوده الانتخابية إذا وصل للسلطة ؟!
من يقول اليوم أن تواصل “انتزع” زعامة المعارضة من التكتل لا يعدو كونه “مراهقا سياسيا” يقصر ذهنه عن تحليل المعطيات في عالم السياسة ..
فيرى مثلا أن السياسة النفعية هي نهج إسلامي سليم! في حين أن السياسة في الإسلام أداة لخدمة الدين والمجتمعات وليس لتحقيق مطامع السياسيين وأغراضهم الخاصة.
ويرى أيضا أن بضعة نواب في برلمان يتكون من 147 نائبا كفيلون بتنفيذ برامجه! وأن 4 بلديات نائية كفيلة بتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين لتسهيل حياتهم اليومية..!
لا أحد يشكك في انتشار تواصل ولا في شعبيته ، لكن الحقيقة أن ما وصفه أحد المراقبين ب”زيك زاك غريب” هو الذي أوصل حزب “تواصل” لزعامة المعارضة الصورية ، في ظل غياب أحزاب المعارضة العريقة ، وفي ظل مجموعة من الصفقات بين المعارضة المشاركة وحزب الدولة ، أخرت الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات 12 يوما ، في سابقة من نوعها.
ما يؤسفني حقا هو أن هؤلاء الذين يضمون في صفوفهم قيادات في حزب تواصل ، يعرون صورة “تجرد من الأخلاق والقيم” ستظل راسخة في أذهان الموريتانيين عن حزبهم ، وهي أن حزبهم تنازل عن المواثيق والعهود مع الله والشعب الموريتاني وشارك في انتخابات أجمع الجميع على هزليتها وعلى كونها مجرد مسرحية لتشريع نظام الفساد وأكل قياديوه لحوم العلماء المسمومة ، بغية الحصول على “زعامة معارضة” لم يكن من يتزعمها يبالي كثيرا بها وتحدث في أكثر من مناسبة عن صوريتها نتيجة لتعطيلها من قبل النظام الحاكم!
أحمد حيمدان